زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون امس، شمال انكلترا حيث تقع الدائرة الانتخابية للعضو في مجلس العموم عن حزب العمال المعارض جو كوكس التي قتلت طعناً وبإطلاق النار في اعتداء نفذه يميني متطرف، لأسباب تتعلق بموقف النائبة المؤيد للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي في وقت تستعد البلاد لاستفتاء في هذا الشأن مقرر الأسبوع المقبل. وانضم كامرون المحافظ إلى زعيم حزب العمال جيريمي كوربن لتقديم العزاء في كوكس التي اغتيلت فيما كانت متوجهة إلى اجتماع مع سكان المنطقة. وفي لفتة تعاطف، قال ناطق باسم حزب المحافظين الذي يتزعمه كامرون إن الحزب لن ينافس في الانتخابات لاختيار عضو جديد لشغل مقعد دائرة باتلي وسبين قرب ليدز. واعترفت الشرطة البريطانية ان كوكس كانت ابلغت عن تلقيها تهديدات وأن الشرطة ألقت القبض على رجل في ما يتصل بالتحقيق في هذا الشأن في آذار (مارس) الماضي، لكن من اعتقل في حينه ليس المتهم البالغ من العمر 52 سنة الذي احتجز في غرب يوركشير بعض القبض عليه قرب مسرح الجريمة. واغتيلت كوكس العاملة الإنسانية السابقة البالغة من العمر 41 سنة، والمؤيدة لحملة البقاء في الاتحاد الأوروبي والمعروفة بدفاعها عن اللاجئين السوريين، امام مكتبة تلتقي فيها عادة أهالي دائرتها الانتخابية في قرية بريستال بشمال انكلترا. وقال شهود لوسائل الإعلام المحلية ان المرأة النحيلة والوالدة لطفلتين، اصيبت بطلقات عدة وطعنت. واعتقل رجل في الثانية والخمسين من العمر قالت وسائل الإعلام انه يدعى توماس مير وهو من اهالي المنطقة. ووصفه الجيران بالانعزالي مع مؤشرات الى تعاطفه مع اليمين المتطرف. وتعبيراً عن الاستنكار للجريمة، علقت لليوم الثاني على التوالي امس، الحملات الدعائية المرتبطة بالاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فيما لم يخرج البريطانيون بعد من الصدمة التي سببها اغتيال نائبة تحظى بشعبية ومؤيدة لأوروبا في أوج نقاش اثار انقسامات مريرة. وتجاوز القلق بعد الجريمة حدود بريطانيا، اذ حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل من ان يتخذ النقاش الجاري في بريطانيا حول احتمال خروجها من الاتحاد الأوروبي «طابعاً متشدداً»، وذلك غداة مقتل النائبة البريطانية. وقالت المستشارة التي تؤيد بقوة بقاء بريطانيا في الاتحاد، ان اغتيال كوكس «عمل فظيع، اعتقد بأن عبرته تكمن في ضرورة ان نتحلى جميعاً بالاحترام ولو اختلفت آراؤنا السياسية». وأضافت ان «المبالغة والتطرف في جزء من الخطابات لا يساهمان في احلال اجواء احترام». وفي ما بدا انه استهداف للحركات الشعبوية واليمينية المتشددة، اعتبرت مركل ان «التطرف لا يمكن وقفه» في اوروبا «من دون احترام الذين يفكرون في شكل مختلف ويؤمنون في شكل مختلف ويحبون في شكل مختلف». في المقابل، واصل مسؤولون غربيون التعبير عن قلقهم لاحتمال انسحاب بريطانيا من الاتحاد، وحذر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أمس، من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذا ما تقرر في استفتاء 23 الجاري، فسيكون «إلى الأبد» وسيؤثر «في المقام الأول» في البريطانيين. وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن بريطانيا ستواجه أخطاراً اقتصادية أكبر إذا صوتت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي مقارنة بما ستواجهه إذا قررت البقاء في الاتحاد. وأضافت لاغارد خلال لقاء في فيينا حول التحديات التي تواجهها أوروبا ان «الأخطار الاقتصادية للخروج (من الاتحاد الأوروبي) بالتأكيد في الاتجاه الأسوأ. وهناك حالة واضحة لكيفية الاستفادة التي حققتها وستواصل تحقيقها المملكة المتحدة من عضويتها في الاتحاد الأوروبي». وأعلن الاتحاد الأوروبي امس، ان رؤساء المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي سيجتمعون في 24 الشهر الجاري في بروكسيل، أي غداة الاستفتاء حول بقاء بريطانيا او خروجها من الاتحاد الأوروبي. وقال ناطق ان جان كلود يونكر رئيس المفوضية سيستقبل نظيريه في البرلمان والمجلس الأوروبيين مارتن شولتز ودونالد تاسك في مقر الاتحاد الأوروبي، مؤكداً بذلك معلومات كانت حتى الآن غير رسمية. ودعي أيضاً الى الاجتماع رئيس الوزراء الهولندي مارك روت الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد. ويعقد رؤساء الدول والحكومات ال 28 في الاتحاد قمة اوروبية في بروكسيل يومي 28 و29 الجاري، والبند الرئيسي على جدول اعمالها هو القضية البريطانية. وفي حال رجحت كفة مؤيدي خروج بريطانيا في الاستفتاء، يستطيع البرلمان الأوروبي ان يعقد اجتماعاً طارئاً.