واجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون لدى عرضه في البرلمان أمس، الإصلاحات التي تفاوض عليها في بروكسيل بهدف إبقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي، المشككين في الانتماء الأوروبي، وبينهم نواب من حزبه المحافظين الذين تأثر بعضهم بقرار بوريس جونسون رئيس بلدية لندن الذي يحظى بشعبية كبيرة، الانضمام الى معسكر مؤيدي مغادرة بريطانيا الاتحاد، قبل الاستفتاء المقرر في 23 حزيران (يونيو) والمفتوح على كل الاحتمالات. ورأت صحيفة «إندبندنت» أن كامرون قد يتحدى حوالى 150 نائباً من المحافظين يدعمون خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، فيما عنونت صحيفة «ديلي ميل»: «بوريس يريد إطلاق رصاصة الرحمة»، مشيرة الى «حرب ينقصها التمدن داخل حزب المحافظين الحاكم الذي شهد دائماً وجود تيار قوي معارض لأوروبا». وصرح جونسون، الذي وضع نفسه في موقع المرشح لخلافة كامرون على رأس حزب المحافظين: «سأدعو إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي. لا يجب الخلط بين روائع أوروبا وقضاء عطل فيها والغذاء الممتاز والصداقات، وبين مشروع سياسي قائم منذ عقود وينذر اليوم بالخروج عن السيطرة الديموقراطية». وكتب في مقالة نشرتها صحيفة «ديلي تلغراف»: «الخروج من الاتحاد يشكل فرصة وحيدة في الحياة لتحقيق تغيير فعلي في علاقات البلاد مع الدول الأوروبية المجاورة لها». وأضاف: «التغيير الذي نحتاج إليه يتطلب التصويت للخروج، لأن تاريخ الاتحاد الأوروبي يثبت أنه لا يصغي فعلياً لشعب ما إلا حين يقول لا». وانضم جونسون بالتالي الى خمسة وزراء في معسكر المحافظين بينهم وزير العدل مايكل غوف الصديق الشخصي لكامرون، وزاك غولدسميث المرشح لخلافة جونسون. وهذا الاصطفاف أدى الى تراجع قيمة الجنيه الإسترليني أمس أمام اليورو والدولار، حيث تبدي الأسواق قلقاً قبل أربعة أشهر من تنظيم الاستفتاء. لكن بعض المحللين قللوا من شأن تداعيات موقف رئيس بلدية لندن. ورأى ماثيو غودوين من جامعة كنت، أن «تأثير جونسون مبالغ فيه إلى حد كبير، إذ قد يغير رأي بعض المترددين، لكن عدد المسؤولين السياسيين المؤيدين للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتجاوزه». وقدر خبراء اقتصاديون من بنك «سيتي» الأميركي فرص فوز مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد بأنها تتراوح بين 20 و40 في المئة في أفضل الأحوال. كذلك، قدرّت مذكرة لمحللين من مجموعة «يوراسيا» فرص الخروج بنحو 30 في المئة، رغم نهاية الأسبوع الصعبة لكامرون. وأوردت: «نعتقد بأن الحكومة البريطانية تستطيع استعادة السيطرة على مسار النقاشات في الأسابيع المقبلة، ولن يكون سهلاً توضيح معسكر المطالبين بالخروج من أوروبا ما ستكون عليه بريطانيا بعد تنفيذ هذا الأمر». وفي بروكسيل، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها «لن تنفذ حملة ولن تتدخل» في النقاش البريطاني لحسم مسألة البقاء في الاتحاد الأوروبي أم لا في استفتاء 23 حزيران.