استمرت أمس تفاعلات تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق عن دور المملكة العربية السعودية في دعم ترشيح زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وطلب «السياسة السعودية السابقة» من الحريري زيارة سورية في العام 2010، بعد أن أثارت ردوداً من السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، استغرب فيها كلام المشنوق وشدد على أن المملكة «لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وخصوصاً رئاسة الجمهورية» أول من أمس. وصدر أمس أول تعليق من كتلة «المستقبل» النيابية رداً على تصريحات المشنوق، الذي هو أحد نوابها، إذ اعتبر عضو الكتلة النائب عمار حوري أن «ما قاله الوزير المشنوق يعبر عن وجهة نظره وهو تحليله الشخصي، ولا يعبر عن رأي التيار أو موقف الكتلة إنما اجتهاد شخصي قام به أو ربما تحليل لا يعبر إلا عن رأيه حصراً». وجاء كلام حوري في حوار مع إذاعة «صوت لبنان» (93.3) صباح أمس. وبدوره قال الوزير المشنوق ل «الحياة» ثم عاد فغرد على «تويتر»، رداً على تصريحات حوري: «صحيح أني لا أمثل «المستقبل» في ما قلته، لأن كلامي يمثل الضمير المستتر ل «المستقبل»، وقد حان الوقت لأن تقال الوقائع كما هي من دون مواربة». وإذ يفتح هذا الكلام نافذة جديدة من التداعيات التي ترتبت على تصريحات المشنوق، لأنه يقود إلى سجال داخلي في تيار الحريري، بالإضافة إلى السجال الدائر بين التيار والوزير المستقيل اللواء أشرف ريفي بعد دعمه لائحة منافسة للائتلاف العريض في الانتخابات البلدية في طرابلس أيدها الحريري و «المستقبل»، ما أدى إلى فوز أكثرية اللائحة المدعومة من ريفي، وهذا شكل صدمة سياسية لفريق الحريري. وكان كلام المشنوق أثار أيضاً ردوداً من السفارة البريطانية في بيروت رداً على قوله إن اسم النائب فرنجية طرح من وزارة الخارجية البريطانية أولاً. كما رد ريفي على كلام المشنوق أيضاً رافضاً تبريراته لخيارات الحريري. رأب الصدع مع ريفي ورداً على سؤال حول إمكان استيعاب الخلاف مع ريفي من طريق الصلة القائمة مع رئيس الكتلة الرئيس السابق فؤاد السنيورة، أم أن ريفي متجه إلى تشكيل تيار مستقل كما أعلن لتلفزيون «الجزيرة» أول من أمس، قال حوري في حديثه الإذاعي: «ولا مرة الرئيس سعد الحريري أقفل أبوابه على أحد أو ذهب إلى قطيعة مع أحد، وليس سراً أنه حصل خلاف مع الوزير أشرف ريفي حول قضية الحكم على الوزير السابق ميشال سماحة وحول ترشيح النائب فرنجية، لكن أقول إن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا. وأعتقد أن الأمور في المستقبل يجب أن تذهب إلى رأب الصدع وإلى إعادة ترتيب البيت». وأشار حوري إلى «أن جمهور المستقبل اقترع لمصلحة اللائحة المدعومة من الوزير ريفي الذي أكد مراراً وتكراراً أنه ينتمي الى مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، لافتاً إلى وجود «عوامل كثيرة ساهمت في ضعف لائحة «لطرابلس» المدعومة من تيار المستقبل، وعلى رأسها غياب الكيمياء بين مكونات اللائحة». ورأى أن البعض ذهب بعيداً في تسييس الانتخابات البلدية، مؤكداً تداخل السياسة والعائلات والإنماء في المعارك التي جرت في عدد من القرى والبلدات. وقال حوري إن الانتخابات البلدية «أثبتت أن هناك تغييراً جرى في توجهات الرأي العام في كل المناطق من دون استثناء»، معتبراً أن «اعتراض أهل طرابلس على اللائحة التوافقية تجلّى في صناديق الاقتراع وأدى الى فوز لائحة «قرار طرابلس». وتحدث عن أن رسائل الرأي العام إلى الأحزاب شملت الثنائي الشيعي، حيث ثبت أن هناك 47 في المئة يعترضون عليه في بعلبك، وحتى في بلدات مسيحية بالنسبة إلى تحالف «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» الذي قيل إن لديه 86 في المئة من المسيحيين، في معركة جونية وغيرها، وظهر أن كل الناس لها وجود ولا أحد يلغي الآخر»... لكنه لفت إلى أن بعض وسائل الإعلام «الصفراء» كانت تشن هجوماً شرساً على الوزير ريفي قبل تمايزه عن المستقبل، وحين حصل ما حصل في طرابلس صارت وسائل الإعلام هذه معه... وتحمِّل المسؤولية ل «تيار المستقبل» ، مشيراً إلى أن الأخير يعكف على تقويم النتائج وقراءتها لأنها رسالة واضحة من الناس وعتب وملاحظات علينا معالجتها». وأوضح أنه لم يكن ل «المستقبل» مرشحون مباشرون منه في لائحة طرابلس الائتلافية. ورداً على سؤال حول اهتزاز التحالفات في الاستحقاق البلدي والعلاقة مع القوات اللبنانية، أشار حوري الى أن انتخابات العاصمة تركت عدم ارتياح بين الفريقين، لاسيما وأن مبررات «القوات» لعدم دعم اللائحة الائتلافية في بيروت كانت غير مقنعة، وتحدث عن أن بعض مكوناتها أعطى أصواتاً للائحة «بيروت مدينتي»، واستغرب المعارك التي خاضها حزب القوات والتيار الحر ضد الوزير بطرس حرب والنائبين هادي حبيش ودوري شمعون في تنورين والقبيات ودير القمر. وقال إن تيار المستقبل حمى المناصفة في العاصمة، مؤكداً أن الشعارات التي رفعتها «بيروت مدينتي» تشبه إلى حد كبير شعارات التيار. وأقر بأن نسبة من جمهورنا أعطت اللائحة المنافسة في رسالة اعتراضية أيضاً على عناوين محددة. وقال عضو «كتلة المستقبل» محمد الحجار ل «المركزية»، إن «تيار المستقبل يكاد يكون التيار الأكثر ديموقراطية بين الأحزاب السياسية الموجودة في البلاد. وفي الوقت ذاته، يكاد يكون الحزب الذي يتلقى العدد الأكبر من السهام، علماً أن بعضاً من مطلقي هذه السهام يقصد التنبيه، فيما يهدف بعض آخر إلى التدمير والقتل. وقيادة التيار واعية لهذا الأمر، لأن تيارنا يريد أن يكون عابراً للطوائف وموجوداً على مساحة الوطن، ومشروعاً للدولة المدنية الديموقراطية، فعلاً لا قولاً». الحجار والتحالف مع «القوات» وأكد الحرص الشديد «على حلفائنا وتوسيع رقعة التحالف مع قوى سياسية جديدة تلتقي معنا على هدف قيام الدولة المدنية، وعلى أن لا قيام للدولة المركزية القوية في ظل الدويلة التي تحمل السلاح وتفرض آراءها بفعل وهج هذا السلاح»، مشيراً الى «الاختلاف في وجهات النظر مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، «غير أننا لا نريد (وجعجع أيضاً) أن يتطور هذا الاختلاف إلى خلاف. نريد وضع الأمور في نصابها». وعن السجال مع الوزير ريفي، لفت إلى «أننا انحنينا لإرادة طرابلس. والوزير أشرف ريفي يقول إنه متمسك بمشروع تيار المستقبل وخطابه. قد نكون ارتكبنا أخطاء، لكن لا بد لأي قوة سياسية تعمل على الأرض أن ترتكب أخطاء. قد تكون أخطاؤنا متصلة بالخطاب، أو بالتحالفات. لذلك، فإن تيار المستقبل منكب على تقويم ما حصل، خصوصاً أنه نجح في أمكنة معينة وفشل في أخرى، كما حصل في طرابلس. التحدي أمامنا يكمن في كيفية تقويم ما جرى والاستفادة من الأخطاء والثغرات على مختلف الصعد، والمهم ما سيجري مستقبلاً»، مشيراً إلى «أن هناك اختلافاً في وجهات النظر من بعض الملفات، كما في الخطاب ونبرته، وهو يقول إنه ليس في تيار المستقبل، وإن كان خطابه يحمل بعض عناوين كلامنا». إلى ذلك، رأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي نعمة الله ابي نصر في حديث إلى «لبنان الحر»، أن «اتفاق معراب لا يزال متماسكاً على رغم مروره بامتحانات صعبة، وعلى هذا التفاهم أن يتحصن ويتطور إلى تفاهم». واعتبر أن «المسيحيين يدفعون ثمن انفتاحهم وانتشارهم في كل المناطق، على عكس السنة والشيعة والدروز»، واصفاً استقالة النائب روبير فاضل على خلفية نتائج انتخابات بلدية طرابلس بأنه «موقف سياسي يحترم عليه». ودعا إلى «حصول الانتخابات النيابية في أقرب وقت حتى قبل نهاية المجلس الحالي، وقد نقبل بالمختلط لإبعاد قانون الستين الذي همش المسيحيين. وعلينا أن نعالج الأمور استناداً لمقررات الطائف بدل الذهاب الى ما لا تحمد عقباه».