فيما طبع التريث المواقف التي صدرت حول الاستحقاق الرئاسي في لبنان، لا يزال رئيس المجلس النيابي نبيه بري بانتظار تكوين رؤية معينة يكون فيها شبه إجماع حول اختيار رئيس توافقي لتحديد موقفه، وفق الوزير غازي زعيتر، الذي قال: «إن الرئيس بري إلى الآن لم يدع الكتلة (التحرير والتنمية التي يرأسها) أو وزراء ونواب «أمل» إلى الاجتماع في هذا الشأن». وهذه الصورة تعني أن جلسة 8 شباط (فبراير) المحددة لانتخاب رئيس ستلحق بسابقاتها ال34. وتواصلت الاتصالات واللقاءات، والتقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان موفداً من رئيس التكتل النائب ميشال عون، في حضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي. ووضع كنعان اللقاء «في إطار تقويم المرحلة التي فصلت بين لقاء معراب واليوم، والتي نؤكد من خلال نتائجها أن مشروعنا الرئاسي المشترك قائم على «إعلان النيات» الذي وقعناه، والأهم أنه يرتكز على المصالحة الوطنية وليس فقط على عملية التوافق المسيحي-المسيحي إذ ننظر إلى هذا الأخير كتمهيد لتوافق وطني». وأكد كنعان «ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت، ولكن شرط أن يتمتع بالمواصفات التي اتفقنا عليها على طاولة الحوار والتي ذكرها بالأمس النائب وليد جنبلاط، والتي أجمع عليها كل الأطراف، ففي حال كان العماد عون يتمتع بها باعتراف الجميع، فهذا مبرِّر وسبب إضافي للذهاب إلى عملية الانتخاب لملء الشغور الرئاسي بالشكل والمضمون عبر التفاهم السياسي الذي عبرنا عنه في معراب». ودعا الجميع «وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري وكل الكتل السياسية المعنية بهذا الاستحقاق الوطني، إلى الالتفاف حول هذا التفاهم الذي هو بظاهره وشكله مسيحي-مسيحي ولكنه يذهب إلى حد التفاهم حول مسلمات وثوابت وطنية نريدها جميعنا». وكان الملف الرئاسي مدار بحث مساء أمس بين جعجع والقائم باعمال السفارة الاميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز. وشدد وزير الثقافة روني عريجي على أن رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية مستمر في ترشحه للرئاسة «بجدية وبثبات». وأوضح أن فرنجية ليس مرشحاً ضد أحد». ولفت إلى أن «المعطيات تتغير يوماً بعد يوم، وبخاصة بعد إعلان معراب، وقد تكون هناك معطيات جديدة قد تغير الرأي». وأكد أن «فرنجية مستعد للقاء وزير الخارجية جبران باسيل وغيره». وكان عريجي شارك في اللقاء الذي جمع فرنجية في دارته في بنشعي مع السفير الفرنسي لدى لبنان ايمانويل بون وتناول التطورات وخصوصاً الملف الرئاسي. وأشار وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج إلى أن «كل الأسماء والاحتمالات مفتوحة في موضوع الرئاسة». وأوضح أن «لا شيء يجبر الرئيس سعد الحريري على أن يرشح أحداً للرئاسة». وقال: «نحن ننزل إلى المجلس النيابي ليس من أجل السلة وإنما ننزل وفي حوزتنا القلم لنكتب اسم الشخص الذي سننتخبه رئيساً. أنا شخصياً ضد العماد عون كرئيس بناء على ملفه الشخصي وماضيه». وكان الموضوع الرئاسي حاضراً في لقاء وزير الداخلية نهاد المشنوق مع النائب إيلي ماروني، موفداً من الرئيس أمين الجميل، ورئيس حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان، الذي ردد ما قاله المشنوق أول من أمس: «قلة الكلام مفيدة أكثر هذه الأيام». والتقى المشنوق أيضاً النائب نديم الجميل، الذي أوضح أن «البحث تناول الانتخابات الرئاسية والتطورات التي تتصل بها»، معتبراً أن «المصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات خطوة مهمة». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت أن عدم اجتماع نواب «حزب الله» بالأمس دليل إرباك لأن الحزب يعاني من مشاكل داخلية بالإضافة إلى التأني في درس موقفه من تبني ترشيح عون». وأكد أن هناك فرقاً بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، فالأول يضغط كي يتم انتخاب رئيس، أما الثاني يضغط كي يعرقل الانتخاب». واعتبر النائب روبير غانم «أن المصالحة تنعكس على محاولة لبننة الاستحقاق الرئاسي على رغم وجود تأثيرات إقليمية، والفراغ أصبح خطراً فالوضع في المنطقة لا يسير نحو التهدئة»، مستبعداً «مقاطعة قوى 14 آذار لجلسة الانتخاب». ولفت عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم إلى أن عدم اجتماع كتلة «الوفاء للمقاومة» بالأمس يأتي في إطار الترقب، وأخذ المزيد من الوقت كي يعالج «حزب الله» الوضع حسبما يوافقه». وأكد أن ترشيح «القوات» لعون وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، والمسؤولية الكبرى تقع على عاتق «حزب الله»، وربما جميع الأفرقاء السياسيين الآخرين بانتظار موقفه». واعتبر كرم أن «الحزب» هو الوحيد القادر على تأمين التأييد الكامل لعون من قبل فريق 8 آذار وإنهاء موضوع الانتخابات الرئاسية، لذا من الطبيعي أن يأخذ «حزب الله» وقته كي يرتّب أموره ولكن هذا الوقت لا يعفيه من مسؤولياته». وتطرق توفيق سلطان إلى «الاستحقاق الرئاسي»، فرأى أن «المصالحة تركت ارتياحاً، لأن خلافات القوات وعون على مدار أكثر من ثلاثة عقود، تركت آثاراً مدمرة على أبناء طائفتهم وعلى كل الأراضي اللبنانية، وإنما الحقن الطائفي المتعلق بنغمة استرجاع حقوق المسيحيين مرفوض». ولفت سلطان إلى أن «ترشيح عون من قبل جعجع، لا يلقى ارتياحاً في طرابلس، بل هو يقلق الشهداء في مثواهم وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رشيد كرامي، وكل كلام نشاز يصدر لا يمثل رأي طرابلس». وقال: «عون يطارد على مدى 11 عاماً الشهيد رفيق الحريري في قبره، وهو لا يمكن أن ينتخب رئيساً، ويجوز أن عون له على حزب الله، لكن نحن لم نجد منه إلا كل قهر وافتراء واستخفاف وتنكيل».