تجاوز مجلس الوزراء اللبناني في جلسته أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام «أزمة» التوقيع على المرسوم الذي أحالته رئاسة المجلس النيابي على الأمانة العامة لمجلس الوزراء الرامي الى التمديد للبرلمان لسنتين وسبعة أشهر، ولم تسجل الجلسة حصول سجال بين الوزراء المؤيدين للتمديد وبين المعارضين له. مما يعني أن السجال بقي خارج قاعة الجلسة، على رغم أن وزراء «التيار الوطني الحر» برئاسة العماد ميشال عون كانوا أعلنوا لدى دخولهم الى الجلسة أنهم سيطلبون عدم التوقيع على المرسوم ورده الى رئاسة البرلمان. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية بأن التوقيع على المرسوم أثير في مستهل الجلسة وبهدوء ومن دون تبادل الاتهامات وأن الرئيس سلام طلب التوقيع عليه تمهيداً لنشره في الجريدة الرسمية الثلثاء المقبل. وكانت المفاجأة أن الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان وهم نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل والشباب والرياضة عبدالمطلب الحناوي والمهجرين أليس شبطيني رفضوا التوقيع على المرسوم بذريعة انسجامهم مع سليمان الذي كان أعلن أثناء توليه رئاسة الجمهورية رفضه للتمديد وإصراره على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وبذلك انضم هؤلاء في عدم التوقيع على المرسوم الى وزراء «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وإلياس بو صعب وآرتيور نظريان وحزب «الكتائب» سجعان قزي ورمزي جريج وألان حكيم، فيما وقع عليه، إضافة الى رئيس الحكومة، وزراء «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة «أمل» و «حزب الله» والوزيران رشيد درباس ومحمد المشنوق. وتبين من خلال التواقيع أن 12 وزيراً إضافة الى سلام وقعوا على مرسوم التمديد في مقابل 9 وزراء امتنعوا عن التوقيع عليه. علماً أن وزيرين غابا عن الجلسة هما أشرف ريفي لوجوده في الجزائر ووائل أبو فاعور الذي يرافق رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط في زيارته الى موسكو. قال وزير الإعلام رمزي جريج بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس برئاسة الرئيس تمام سلام، إن «الرئيس سلام استهل الجلسة مذكراً كما في كل اجتماع، بضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لما لمركز الرئيس من أهمية في انتظام عمل المؤسسات الدستورية كافة، آملا بأن يتم الانتخاب في أقرب وقت. وبعد ذلك عرض موضوع ما توصل إليه التفاوض بشأن تحرير العسكريين المخطوفين، مشيراً إلى أن هذا الموضوع صعب ومعقّد وإلى أن هناك بعض التقدّم نرجو أن يؤدي إلى نتيجة إيجابية». وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق رد في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي على «وزراء وجهات سياسية تناولوا دور الوزارة في تعطيل إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد». وأكد «أن التمديد لم يتم لأسباب تقنية، بل لوجود معوّقات أمنية جديّة جداً تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها. ووزير الداخلية كان أول من حذر من أخطار اجراء الانتخابات في موعدها وما زال عند موقفه مستنداً إلى تقارير رسمية من أجهزة معنية لبنانية ودولية تحذر من أخطار أمنية تدعم وجهة نظره». وعاد المشنوق امس، الى بيروت بعد مشاركته في مؤتمر لمؤسسة انتربول. وتراوحت المواقف غداة التمديد، بين الدفاع عن الخطوة وبين التشديد على ان تكون الخطوة التالية انتخاب رئيس الجمهورية. وسجل امس، مغادرة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط الى موسكو تلبية لدعوة من وزارة الخارجية الروسية ورافقه الى جانب ابو فاعور، القيادي في الحزب «التقدمي الاشتراكي» حليم ابو فخر الدين وتيمور جنبلاط. وشدّد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة على ضرورة «إنجاز قانون جديد للانتخابات والاستفادة من الفرصة المتاحة عبر سلوك الطريق المنتج المتمثل بانتخاب رئيس جديد وهو أمر فشلنا في تحقيقه بعد 14 محاولة لانعقاد جلسة انتخاب للمجلس النيابي ما اضطرنا إلى العودة لسلوك طريق التمديد. والأولوية تبقى الآن في الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية وبالتوافق بين كل الأطراف». وقال السنيورة خلال ندوة لمناقشة كتاب وزير العدل السابق شارل رزق بعنوان «بين الفوضى اللبنانية والتفكك السوري» الصادر عن «دار النهار»، ان المطلوب «رئيس يتمتع بالقيادة والرؤية والاعتدال ويلتزم حماية الدستور ويكون قادراً على احتضان اللبنانيين والسير بهم ومعهم إلى المواقع التي تجمعهم وتشكّل القاسم المشترك بينهم، حتى نتمكن من إخراج لبنان من مآزقه، عندها يمكن الانصراف لإطلاق ورشة إنتاج قانون للانتخاب يراعي تعزيز المواطنة والدولة المدنية واللامركزية الإدارية وتطبيق ما لم يطبّق من اتفاق الطائف». واعتبر رزق في كلمة له خلال مناقشة كتابه أن «بعد مئة سنة نرى أن الشكوك نفسها التي تعتري نظام سايكس بيكو للمنطقة 1920 تعتري تجربة لبنان الكبير، إذ بدلاً من أن نبني دولة لبنانية تحتضن الطوائف وتتجاوزها أقمنا ثلاث دويلات مذهبية لكل منها مرجعيتها الإقليمية. وأرجو أن نتجاوز السياسات اليومية العابرة إلى البحث عن الأسباب العميقة لوقوعنا في ما وقعنا واستشراق سبل النهوض منه». وشدد النائب السابق سمير فرنجية في الندوة نفسها على ضرورة «البحث عن كيفية استعادة الدور التاريخي الكبير الذي كتب لنا عبر تنوعنا الطائفي، والذي يتمثل في بناء مواطنة توفق بين احترام الخصوصيات المذهبية، وتتجاوزها إلى الولاء للوطن الواحد لتشكل نموذجاً في هذا العالم العربي. وهو نموذج يحتاج إليه العالم العربي لمواجهة خطر الحروب الأهلية التي تتهدده». «القوات»: ليسحب عون وزراءه ونوابه ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه «في خضمّ كل ما يجري وبدل التلهّي بالاتهامات المتبادلة التي لا تطعم خبزاً، يبقى أن هناك خطوة واحدة كفيلة بإخراج البلد من الفراغ والتمديد والتعطيل إلى الحياة السياسية الطبيعية وهي انتخاب رئيس للجمهورية». وقال عبر صفحته على موقع «فايسبوك»: «إلى كل من يقولون إنهم ضد التمديد ويدّعون العمل لمصلحة المسيحيين، لننزل جميعنا إلى المجلس النيابي اليوم قبل الغد وننتخب رئيساً، فيسقط التمديد ونتجنب الفراغ وتستقيم الحياة السياسية». ولاحقاً، رد حزب «القوات اللبنانية» في بيان على «الهجمات الشعواء على القوات من التيار الوطني الحر». ودعا «من عطّل الانتخابات النيابية عبر عطبه القانون الانتخابي عن قصد، ومن عطّل انتخابات رئاسة الجمهورية ولم يزلْ، ما عليه اليوم الا ان يسحب وزراءه المعطلين من الحكومة ويسحب نوابه المقاطعين من البرلمان، ويسحب ترشيحه للانتخابات الرئاسية، لأنه يعتبر أن المجلس الحالي غير شرعي، فكيف بالحريّ اذا انتخب هذا المجلس رئيساً للجمهورية». ورأى أن «مهاجمة عون وشاشته ل«حزب الله وحركة أمل والمردة وكل حلفائه مواربة عبر إطلاق الكلام الفارغ من أي معنى على القوات بعد رفضها الفراغ لن يجديه نفعاً، ولن يحقّق له أي مأرب، لأن أقنعة التضليل سقطت بالكامل وإلى غير رجعة». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري في حديث الى إذاعة «الشرق» أن «المجلس النيابي كان أمام خيارين: الأول سيء يتعارض مع مبدأ تداول السلطة وهو التمديد، والخيار الآخر أكثر سوءاً وهو الذهاب الى الفراغ». وقال: «كلام النائب ميشال عون عن أن الحكومة الحالية يمكنها تسلم كل السلطات وأن لا مبرر لكل هذا الخوف من الفراغ في مجلس النواب، يعني أنه يدعو إلى الذهاب إلى الفراغ أو إلى المؤتمر التأسيسي». واعتبر أن «خطوة التمديد حمت المؤسسات الدستورية وأغلقت ثغرة كان يمكن أن تحصل في الحياة السياسية في لبنان، وسيبقى خيار انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتقدم على أي خيار آخر». وشدّد عضو الكتلة محمد الحجار في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» على ان «الحوار الأساسي يجب أن يدور حول الرئاسة، ولا خيار سوى انتخاب مرشح توافقي». وأشار الى «اننا ربطنا التمديد بانتخاب رئيس وقانون جديد للانتخابات، ومن يريد حصول الانتخابات عليه أن يسهل انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وأكد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي سليم سلهب أن «الكلام الذي قيل حول وعد قطعه النائب ميشال عون للرئيس بري بحضور جلسة التمديد، كلام غير دقيق ونحن لم نخلّ بأي وعد». أمل ب «ألا يؤثر التمديد سلباً في رئاسة الجمهورية»، معتبراً أن «التمديد يجب أن يسرّع في إجراء الانتخابات الرئاسية والاتفاق على قانون للانتخابات وتحديد المهل».