يتوجّه الناخبون في المملكة المتحدة اليوم الخميس إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجالس البلديات في إنكلترا وأعضاء البرلمانات المحلية في كل من إسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية. ويُنظر إلى الاقتراع إلى حد كبير بوصفه اختباراً لزعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن، خصوصاً في ضوء اتهامات «اللاسامية» التي تعصف بحزبه الذي يعاني أيضاً من تململ داخلي بسبب السياسات اليسارية لقيادته الجديدة. أما في لندن، فتتجه الأنظار إلى هوية عمدتها الجديد المتوقع أن يخلف لبوريس جونسون، وسط توقعات بأن السباق شبه محسوم لمصلحة مرشح حزب العمّال صديق خان الذي سيكون أول مسلم يتولى منصب عمدة العاصمة البريطانية. وواصل خان جولاته الانتخابية في أرجاء لندن أمس، فيما وزّع مناصروه منشورات دعائية على المنازل تصفه بأنه «البريطاني المسلم... الذي يتصدى للمتشددين»، في إشارة إلى أن خلفيته الدينية تساعده في مواجهة الإسلاميين المتشددين. وقد يكون إبراز دين خان جزءاً من استراتيجية للرد على انتقادات وجهها له منافسه زاك غولدسميث الذي ينتمي إلى حزب المحافظين بأنه «متساهل مع المتشددين» بسبب ظهور خان مع عدد منهم في أكثر من مناسبة قبل عقد ونيّف من الزمن. ورداً على هذه الانتقادات، سعت حملة خان إلى القول إن عمدة مسلماً للندن سيكون أكثر قدرة على مواجهة المتشددين من أي شخص آخر. لكن مسعى تقديم خان بهذه الصورة تعرض لانتكاسة أمس عندما انكشفت مقابلة تلفزيونية تعود للعام 2009 سخر فيها من أعضاء مسلمين في حزب العمال قُدّموا على أنهم «معتدلون». واعتذر خان أمس عن هذا «القدح» في حق رفاقه في الحزب. وأبرز مؤيدو خان أيضاً خلال الحملة الانتخابية خلفيته الفقيرة ضمن استراتيجيتهم لاستقطاب فقراء العاصمة، مشيرين إلى أنه ولد لأبوين هاجرا من باكستان حيث عمل والده سائق حافلات بينما عملت أمه خيّاطة ملابس. ونشأ خان في شقة توفرها المجالس البلدية لمحدودي الدخل في جنوبلندن، وذهب إلى مدارس حكومية، قبل أن يدرس المحاماة وينتسب إلى حزب العمال الذي رشحه نائباً عن دائرة «توتينغ» اللندنية وفاز بها لدورتين متتاليتين. وكان لافتاً عشية الاقتراع أن خان انتقد بشدة زعيم «العمال» كوربن بسبب «بطئه» في التصدي لاتهامات «اللاسامية»، كما انتقد عمدة لندن العمالي السابق كن ليفنغستون بسبب تصريحاته عن «دعم» قدمه هتلر للصهاينة في ثلاثينات القرن الماضي. ووُصف موقف خان هذا بأنه يُظهر رغبته في أنه يكون عمدة ل «جميع اللندنيين» بغض النظر عن انتمائهم الحزبي أو الديني. وستشكّل انتخابات اليوم أول اختبار فعلي لزعامة كوربن لحزب العمال، إذ إن فشله في تحقيق مكاسب في مجالس البلديات (2700 مقعد في 120 بلدية بإنكلترا) قد يزيد الضغوط عليه من مناصري تيار رئيس الوزراء السابق توني بلير. ويعتقد هؤلاء أن سياسات كوربن المغالية في يساريتها لا تساعد العمال في استعادة الحكم من المحافظين. وشارك كوربن أمس في حملات انتخابية في مقاطعة ويلز حيث يسعى «العمال» إلى الحفاظ على سلطته في برلمانها المحلي وهي سلطة مستمرة منذ 17 عاماً. أما في اسكتلندا فإن الحزب القومي بزعامة نيكولا ستيرجن يواجه اختباراً لمدى شعبيته في البرلمان المحلي في أدنبرة. ويدير الحزب حالياً حكومة اسكتلندا مدعوماً بالغالبية التي يملكها منذ خمس سنوات في البرلمان المحلي، علماً أن القوميين ألحقوا هزيمة ساحقة بالأحزاب البريطانية -لا سيما العمال والديموقراطيين الأحرار- من خلال استحواذهم على الغالبية العظمى من المقاعد المخصصة لاسكتلندا في البرلماني البريطاني (برلمان وستمنستر). ويتنافس في انتخابات إيرلندا الشمالية خمسة أحزاب على قاعدة تقاسم السلطة بين الكاثوليك والبروتستانت.