يُخشى أن تتحوّل القصائد الغنائية التي لحّنها الراحل رياض السنباطي مطلع ثمانينات القرن الماضي للسيدة فيروز، ولم تُطرح للتداول بعد، مادة إعلانية موسمية لا تكل ولا تملّ لابن السنباطي في كلامه عن نتاج والده وهو المغني وعازف العود والملحن - ولو أن ألحانه الخاصة لم تعرف انتشاراً بعد! ذلك بأن الفنان أحمد السنباطي، بعدما ضاق الأعلام حتى المصري ذرعاً بإثارته قضية تلك القصائد المحفوظة في أرشيف فيروز.. الى حين، باتَ كلما حضرَ الى لبنان في نزهة أو في عمل، يعيد إثارة القضية في كل منبر إعلامي يطلّ فيه، ويكرِّر القول انه لا يفهم لماذا تحتفظ فيروز بالقصائد الغنائية في مكتبتها الخاصة ولا تطلقها للجمهور، راسماً علامات استفهام حول هدف فيروز من التعتيم عليها، ومتجاوزاً أحياناً بعض الأدبيات في حقها، وبطريقة ملتبسة طبعاً، من أجل عدم إثارة الرأي العام اللبناني في شكل مباشر. لكن مضمون رسالات السنباطي الابن، يصل إلى من يعنيهم الأمر، أي فيروز، وأيضاً هي لا تردّ. فالقصائد الغنائية ، موضوع النقاش، هي ملك لفيروز لا لأي شخص آخر، وهي الوحيدة التي تقدّر ظروف الكتمان أو الإعلان عنها، مع أن محاولات اختراق جرت قبل سنوات قليلة، بمحاولة الحصول على موافقة الشاعر جوزف حرب، كاتب تلك القصائد، على أن يُعاد تسجيلها بصوت المغنية سمر كمُّوج، من دون جدوى. وهذا الاختراق ، إن حصل، هو السبيل الى ولادة تلك القصائد الغنائية، على اعتبار ان إعادة التسجيل، في حال موافقة الملحن (أو ورثته) ، تستدعي موافقة شاعر الأغنية. وبما أن هذا مُتعذِّر ، فالقصائد ستبقى حيث هي... مع فيروز. يعرف أحمد السنباطي أن لا نتيجة لكلامه، ولا من إشاراته، ولا من تحرّكاته الإعلامية، لكنه على ما يبدو بدأ يراهن على ذلك الكلام، وذلك الموضوع، من أجل أن يبقى في .. الصورة. والدليل أن في زيارته الأخيرة الى لبنان، والتي ظهر خلالها على شاشات تلفزيونية عدة، لم يكن يملك ما يمكن أن يلفت الانتباه او يسرق الكاميرا إلا هذا الموضوع.. القديم الذي يحاول استنهاضه مراراً وتكراراً ليبقى جديداً، ولا جديد... غير ان الغريب الممكن اعتباره عجيباً في آن معاً، هو جلوس المغنية اللبنانية سمر كمُّوج الى جانب السنباطي الابن في كل المقابلات التي يطرح فيها « قضيته» مع فيروز على الإعلام، والجمهور اللبناني والعربي. فإذا كان من حق كمُّوج أن تحلم بأداء أغاني سجلتها فيروز قبل ثلاثين سنة ولم تُقدِّمها للجمهور، معتمدة على ان تلك الأغاني هي لرياض السنباطي وفيروز والإسمان كفيلان .. بالإعلان عن حدث فنّي متمّز، فانه ليس من حقها ان تسهم مع السنباطي الابن في استدرار الأضواء عبر موضوع باتَ منتهي الصلاحية جُملة وتفصيلاً.. وإثارته الموسمية لا تقدِّم ولا تُؤخِّر بل تنقلب ضدّ مثيريه لا أكثر ولا أقل. وإذا كان «مُبرّراً» لأحمد السنباطي إثبات وجود فنِّي اعلامي... متقطع، من خلال أغان لا يريد صاحبها أن يطلقها الا بتوقيته هو لا بتوقيت الآخرين (أو ورثتهم) فإن من غير المبرر لسمر كمُّوج « التفرج» في المقابلات على كلام السنباطي الابن، وتغطيته، أو بالصمت، مع ان لا كلام السنباطي ولا صمت كمُّوج يمكن أن يغيرا شيئاً في ما قررته .. فيروز لنفسها. أقصى ما يمكن أن يفعله أحمد السنباطي وسمر كمُّوج إذا أصرَّا على «حلّ» هو الطلب الى أحد الشعراء كتابة قصائد جديدة على البحور الشعرية نفسها التي اعتمدها الشاعر جوزف حرب، ولحَّنَ السنباطي الأب أبياتها، وتركيب الألحان مجدداً على الكلام الجديد... ولتنته هذه المماحكة المضحكة على ما قد يُضحك أكثر!