تشكل الخلافات الشخصية بين رؤساء الأحزاب والكتل العراقية عاملاً مهماً في الأزمة السياسية وتزيدها تعقيداً. وفيما دعا الزعيم الديني مقتدى الصدر نوابه إلى تعليق عملهم في البرلمان ومغادرة الاعتصام، بعد اكتشاف مخطط يسعى خصمه رئيس الوزراء نوري المالكي إلى تنفيذه لمصلحته ومصلحة حزب «الدعوة» الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، على ما قال أحد المقربين منه. ومرة أخرى، فاجأ الصدر الوسط السياسي بتعليق عمل كتلته النيابية والانسحاب من الاعتصام، بعدما اعتصم بنفسه داخل المنطقة الخضراء. ويبدو أن قراره الجديد يهدف إلى ممارسة المزيد من الضغط على القوى السياسية، خصوصاً أنه دعا أنصاره إلى التظاهر. وأكد في رد غير مباشر على قرار العبادي حصر المسيرات بساحة الحرية وتكليف قوات الأمن قمع أي تحرك خارجها، فأكد أن الحراك سيتخذ «منحى آخر» إذا تعرض أحد للمتظاهرين. ودعا الصدر «النواب الوطنيين» إلى الانسحاب وفك الاعتصام، وقال في بيان: «نجد من المصلحة الحفاظ على سمعة الثورة الشعبية العراقية وربيعها العراقي العربي الإسلامي الوضاء»، ودعاهم إلى «عدم الانخراط في المهاترات السياسية». وأمر أعضاء كتلة «الأحرار» النيابية «بتجميد عملها إلى حين انعقاد جلسة التصويت على الكابينة الوزارية الموسومة بالتكنوقراط المستقل وبقية الدرجات الوظيفية الأخرى». واستجاب النواب لهذه الأوامر فوراً، وأيد رئيس «المجلس الأعلى» عمار الحكيم أمس، خطوة الصدر واعتبرها «نوعية»، وحض على «عدم السماح لمن يختبئ خلف مشاعر الصدق والإخلاص بركب الموجة والتلاعب بالألفاظ»، وأعرب عن رفضه «المطلق لجعل الإصلاح معسكرين»، موضحاً أن «معسكر المصلحين واحد ولكن هناك من اندس بينهم ممن يحاول أن يمرر أجنداته الخاصة بدافع الطمع أو الانتقام». من جهة أخرى، أعلن مقربون من الصدر أن الاعتصام الذي قاده نواب من كتلة «الأحرار» ساهم في تعقيد الموقف السياسي وتحولت المطالب من تشكيل حكومة تكنوقراط الى خلاف على شرعية رئيس البرلمان سليم الجبوري. وأكدوا أن «معركة الصدر الحقيقية موجهة إلى الحكومة بقيادة حزب الدعوة، وهو يسعى إلى التخلص من تركة نوري المالكي وسيطرته على مفاصل الدولة، وأن اجتماع نوابهما تحت سقف اعتصام البرلمان خلط الأوراق وأربك المشهد». ولم يستبعد هؤلاء أن يذهب الصدر إلى تصعيد الاحتجاجات، على رغم حضه المتظاهرين الذين يحاصرون المؤسسات الرسمية على عدم الاعتداء عليها. من جهة أخرى، قالت النائب عن كتلة المالكي نهلة الهبابي ل «الحياة»، إن «انسحاب الصدريين من الاعتصام لن يؤثر في توجهاتنا وسنستمر في الاعتصام، ولن يؤثر غيابهم في اكتمال نصاب جلستنا التي ستعقد غداً (اليوم) كونها مفتوحة ومخصصة لاختيار هيئة رئاسية جديدة للبرلمان». وقال مصدر مطلع ل «الحياة»، إن «انسحاب الأحرار من الاعتصام جاء بعد معلومات دقيقة وصلت إلى السيد مقتدى الصدر تؤكد أن نواب كتلة المالكي يحاولون تجيير الاعتصامات لصالحهم وتحقيق مآربهم في تغيير رئاسة البرلمان واستبدالها بقيادات سنية موالية له ليمرر أجندته من خلالها ومن ثم تحقيق التغيير الوزاري الشامل واستبدال العبادي بالمالكي لتعود الأمور الى نصابها قبل سنتين، وهذا ما يرفضه الصدر نهائياً. ولقطع الطريق أمام تلك المخططات أمر بتجميد عمل كتلته، لضمان تحقيق مصلحة العراق وليس مصلحة فئة تعتاش على استنزاف ثروات العراق وأبنائه». وتابع أن «الأطراف الرافضة عودة الحكومة السابقة اطلعت على خطة السيد الصدر وباركتها، والأيام المقبلة ستكشف الكثير من المفاجآت، لاسيما أنه دعا إلى استمرار التظاهرات». إلى ذلك، أوعز رئيس البرلمان المقال سليم الجبوري إلى موظفي مجلس النواب بتعطيل الدوام حتى إشعار آخر.