تحولت الأزمة السياسية في العراق إلى معركة كسر عظم بين الرؤساء الثلاثة من جهة، وعشرات النواب المعتصمين داخل مجلس النواب من جهة أخرى، وسط تلويح بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وكان ذلك محور اجتماع رئيس السلطة التشريعية سليم الجبوري ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم، فيما جمع المعتصمون تواقيع لإقالتهما مع رئيس الوزراء حيدر العبادي. (راجع ص 3). وكان الجبوري لبى دعوة أكثر من 171 نائباً اعتصموا داخل البرلمان، فعقد جلسة طارئة للتصويت على إقالة الثلاثة لكن عمت الفوضى، وحصلت مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي بين نواب «التحالف الكردستاني» وآخرين من «دولة القانون»، منعت الاستمرار في الجلسة وأجلت إلى اليوم. وقال نائب من «اتحاد القوى» السنية أحمد المشهداني ل «الحياة» أن «الجبوري سيحض رئيسي الجمهورية والحكومة على حل المجلس لقطع الطريق أمام النواب المعتصمين المطالبين بإقالة الرؤساء، وهذا آخر طوق للنجاة تلجأ إليه الأطراف الرافضة حكومة التكنوقراط». وتابع: «إذا ما وصلت الأمور إلى طريق مسدود خلال جلسة الغد (اليوم)، سنذهب باتجاه حل البرلمان وهذا يتطلب تصويت ثلثي الأعضاء وتنظيم انتخابات مبكرة نأمل أن تكون عابرة للطائفية والحزبية». وينص الدستور العراقي على أن البرلمان يحل نفسه بالغالبية المطلقة، تلبيةً لطلب من رئيس الوزراء ومصادقة رئيس الجمهورية. وكان الناطق باسم الجبوري عماد الخفاجي قال إنه «يدرس دعوة النواب إلى حل البرلمان». وأكدت النائب عن دولة القانون نهلة الهبابي في اتصال مع «الحياة» أن «الجلسة الطارئة التي دعونا إليها كمعتصمين لم تسفر عن شيء بسبب حالة الفوضى التي افتعلها النواب الأكراد بالتنسيق مع رئيس البرلمان وبعض أعضاء كتلته لتمييع الجلسة وتفويت فرصة سحب الثقة عنه وعن رئاستي الجمهورية والحكومة، بسبب تهميشهم مطالب النواب في تشكيل حكومة تكنوقراط وليس محاصصة حزبية». وقالت الهبابي إن «نواب التحالف الكردستاني اشتبكوا بالأيدي مع زملائهم من كتلة دولة القانون الذين اعترضوا على تحطيم اللافتات المكتبية التي تحمل أسماءهم في القاعة، وتبعت فوضى عمت المكان فانسحب رئيس البرلمان ونوابه وتبعه الأكراد ما أخل في النصاب. ثم عقد الجبوري اجتماعاً مع قادة الكتل وفشل في إقناعهم بتمرير التشكيلة الحكومية التي اقترحها زعماؤهم». وأكدت أن «النواب الذين يرفضون حكومة المحاصصة سيستمرون في اعتصامهم حتى تنفيذ مطلبهم تجنباً لغضب الشارع». وقال النائب المقرب من «دولة القانون» اسكندر وتوت، إن «عدد الموقعين على طلب تغيير الرؤساء وصل إلى 171 نائباً»، مؤكداً أيضاً «استمرار الاعتصام داخل مبنى». وطالب النائب من كتلة «الأحرار» التابعة لتيار الصدر عواد العوادي، خلال مؤتمر صحافي رئيس البرلمان ب «التحلي بالشجاعة وعرض طلب هؤلاء إلى التصويت». ولم يقتصر الاعتصام على النواب بل تعدى بغداد إلى البصرة، إذ قطع بضع مئات من مؤيدي مقتدى الصدر الطريق الرئيس ورددوا مطالب النواب المعتصمين. ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد المتظاهرين قوله، بينما كان ينصب خيمة أمام مبنى مجلس المحافظة: «نحن باقون هنا حتى استجابة مطالبنا». ووافق الصدر، وهو زعيم له كلمة مسموعة بين عشرات الآلاف من مؤيديه، على إنهاء احتجاجات أنصاره في الشوارع، بعدما قدم العبادي تشكيلة حكومية مؤلفة من خبراء مستقلين، الشهر الماضي، تضم 14 اسماً، معظمهم أكاديميون، وذلك في إطار إصلاحات تهدف إلى تحرير الحكومة من قبضة القوى السياسية التي اتهمها باستغلال نظام الحصص الطائفية والعرقية الذي أقر بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 لجمع الثروة واكتساب النفوذ. لكنه اضطر إلى تقديم تشكيلة معدلة الثلاثاء، بعدما رفضت الكتل السياسية الرئيسة في البرلمان التشكيلة الأولى وأصرت على ضم مرشحيها إلى الحكومة.