دعت تركيا إلى معاقبة إسرائيل دولياً على هجومها على سفن «أسطول الحرية» الأسبوع الماضي، مشددة على أنها لن تطبع العلاقات مع الدولة العبرية إذا رفضت إجراء تحقيق دولي في الاعتداء. وهيمن الاعتداء الإسرائيلي الذي خلف تسعة قتلى أتراك والحصار على غزة، على أعمال «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا» الذي بدأ أعماله أمس في اسطنبول، بمشاركة زعماء روسيا وسورية وإيران وباكستان وأفغانستان، بينما أوفدت إسرائيل ديبلوماسياً من قنصليتها لتفادي تعريض شخصية أبرز للغضب الذي خلفه الهجوم على السفن. وتريد أنقرة أن يتضمن البيان الختامي للمؤتمر الذي يستمر يومين إدانة للهجوم. وقال مسؤول تركي: «إذا كان هذا المنتدى هو المعادل الآسيوي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن البيان الختامي يجب أن يتضمن بياناً عن الهجوم الإسرائيلي... إذا وقع مثل هذا الهجوم في المجر على سبيل المثال، فإن كل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ستقول كلمتها». وأكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السوري بشار الأسد في اسطنبول أمس، أن اسرائيل «ستدفع ثمن شهداء أسطول الحرية»، لافتاً إلى أن بلاده «ستتابع الجهود لفتح تحقيق دولي في الجريمة الإسرائيلية... وليس كافياً أن يقوم المجتمع الدولي بإدانة هذه الجريمة». وقال إن «الحجج الإسرائيلية واهية لا تقنع أحداً»، معتبراً أن إسرائيل «تحاول التغطية على هذه الجريمة معتمدة على من يدعمها ويشجعها على مثل هذه الأعمال... ويجب تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في هذه الجريمة». ودعا الى «عدم السماح بمرور هذه الجريمة من دون عقاب، ويجب أن تكون هناك ردود فعل حازمة». وأشار إلى أن أنقرة مستعدة لأداء دور نشط للتوصل إلى مصالحة بين حركتي «فتح» و «حماس» الفلسطينيتين. وقال إن المصالحة الفلسطينية «أمر واجب»، مضيفاً أن «حماس» رحبت بأن تؤدي أنقرة دور الوسيط. وأضاف: «لا يجب أن تستمر الانقسامات في ظل الأوضاع الحالية... وأعتقد أننا يمكن أن نحقق السلام... المسؤولون في حماس أعطونا التفويض المطلوب في هذه القضية ويقولون لنا إنهم يريدون حل المشكلة. نريد أن نرى المقاربة نفسها من فتح، وسأجري اجتماعاً معهم بعد فترة قصيرة»، في إشارة إلى الاجتماع الذي عقده مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت لاحق في أنقرة أمس. وشدد على ضرورة عدم نبذ «حماس»، قائلاً: «لا تملك أي جهة في المجتمع الدولي السلطة في أن تضع حماس وفتح في مكانتين مختلفتين... والقول أن فتح هي منظمة يمكن التفاوض معها وأن حماس منظمة إرهابية خطأ كبير». و قال الأسد إن تمازج الدماء التركية والعربية في «أسطول الحرية» سيؤدي إلى «كسر الحصار عن قطاع غزة على رغم أنف اسرائيل»، مؤكداً أن سورية «مستعدة للسير بلا تردد في أي إجراءات تقرها تركيا حكومة وشعباً رداً على الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية ومنعاً للعربدة الإسرائيلية». وأضاف أن «العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية جريمة بشعة وإسرائيل قامت بعملية قتل للمتضامنين مع سبق الإصرار والتصميم في شكل مخطط». ونقلت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) في دمشق عن الأسد قوله إن «الجريمة الإسرائيلية ضد أسطول الحرية كان هدفها أن تدفع تركيا ثمن تعلقها بالسلام»، مشيراً إلى أن «إسرائيل اعتادت على الوساطات المنحازة. والوساطة التركية النزيهة شكلت صفعة قوية لها... العدوان كان موجهاً ضد الشعب التركي ومواقفه بدءاً من حرب العراق». إلى ذلك، شدد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو على أن لا تطبيع للعلاقات بين تركيا وإسرائيل اذا رفضت الأخيرة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة من الأممالمتحدة في الهجوم على «أسطول الحرية». ودعا الدولة العبرية إلى «إعطاء الضوء الأخضر لتشكيل لجنة ينص عليها القانون الدولي واقترحتها الأممالمتحدة». وأوضح أنه إذا وافقت اسرائيل على تشكيل هذه اللجنة «فإن العلاقات (الثنائية) ستأخذ بالطبع منحى آخر. وإذا واصلوا مماطلتهم فإن تطبيع العلاقات التركية - الإسرائيلية غير وارد. إذا رفضوا هذه اللجنة، فهذا يعني أنهم يريدون اخفاء حقائق. ونحن مستعدون للرد على الأسئلة كافة. لا مجال للتهرب من هذه المسؤولية الدولية. وإذا افلتوا اليوم من ذلك فلن يفلتوا غداً. لأن هذا الحادث هو أولاً ضد الضمير الإنساني». ورداً على سؤال عن مصير التعاون العسكري التركي - الإسرائيلي، ركيزة العلاقات الوثيقة السابقة بين البلدين، قال داود أوغلو إن تركيا «ما زالت تدرس هذه المسألة». وكان وزير الصناعة والتجارة والعمل الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر قال أمس إن إسرائيل ألغت نقل شحنة ثانية من الطائرة «هيرون» بلا طيار إلى تركيا، وهي جزء من اتفاق عسكري قيمته 180 مليون دولار.