أثار لقاء وكالة «دبلومبيرغ» مع ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في جانبه السياسي العلاقات السعودية - الأميركية، وما احتوته من «بعض التعقيدات» (بحسب وصف الرئيس الأميركي بارك أوباما، في تعبير منه عن وجود اختلاف في وجهات النظر بين البلدين)، إذ كان رد الأمير في هذه النقطة بالتحديد أن «أميركا الدولة الأولى عالمياً، ونعتبر أنفسنا حليفاً رئيساً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ونحن نعتبر الولاياتالمتحدة أيضاً حليفتنا، كما فضل عدم التعليق حول موضوع الانتخابات الأميركية الجارية». وحول ذلك أوضح الكاتب والمحلل السياسي عماد عالم ل«الحياة» أن «العلاقات السعودية - الأميركية، بدأ للوهلة الأولى أنها دخلت منعطفاً جديداً بعد توقيع إيران للاتفاق النووي وتفاهمها مع الغرب والولاياتالمتحدة، والذي كان الموقف السعودي منه مرحباً بفتور، بشرط ألا تمتلك طهران القنبلة الذرية، وشددت على الحاجة إلى عمليات تفتيش صارمة وإمكان إعادة فرض العقوبات. هذا الموقف أو سواه من الاختلاف في السياسات الخارجية والرؤى بين البلدين، وخصوصاً النزاع العربي - الإسرائيلي وفي ما يخص العراق ليس وليد اللحظة، بل هو اختلاف منذ عقود طويلة، لكنه لم يؤثر - وإن كان له بعض التداعيات - على العلاقات السعودية - الأميركية على الإطلاق، التي بقيت في إطار التحالف الاستراتيجي أو الذي لا انفصال فيه نتيجة ديمومة المصالح المشتركة بين الطرفين على جميع الأصعدة، بما فيها أن واشنطن تعلم أن الرياض هي عاصمة العالم الإسلامي وثقلها الأعظم، وأن عدداً من الحلول يجب أن تمر فيها قبل إقرارها، وأن عدم الأخذ بالرأي السعودي وتجاهله قد تكون توابعه ليس فقط على الدول ذات الشأن وإنما على المصالح الأميركية والغربية في المنطقة، فالمملكة من دول الاعتدال العربي الإسلامي وعامة ما تحتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع، كما أنها في طليعة من تصدى للإرهاب، ولا تزال كذلك». وأضاف: «كان للسعودية من العراق موقف مغاير جداً للموقف الأميركي أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق جورج بوش، وكذلك مع الإدارات المتعاقبة، لكن ذلك لم يكن سبباً للقطيعة مع احتفاظ كل دولة بما يكفل تحقيق أجندتها من دون الإساءة للعلاقات الثنائية، التي لا ترتبط بأجندة الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الولاياتالمتحدة وإن انعكست بعض الرؤى عليها، كونها علاقة استراتيجية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ومصلحياً ولا يمكن المساس بها. وأشار إلى أنه في «لقاء ولي ولي العهد السعودي مع بلومبيرغ، أكد على متانة العلاقات السعودية - الأميركية، وأنها حليف استراتيجي لن تتأثر العلاقة به بمجرد تصريح من مرشح رئاسي أو حتى رئيس على وشك انتهاء فترة حكمه، كونها وبعلم الجميع تندرج في إطار التنافس السياسي الداخلي الأميركي الذي عادة ما تلجأ أطرافه إلى بروباغندا التصريحات الرنانة لتسجيل موقف أو كسب مزيد من الأصوات الداعمة لها، لكنها سرعان ما تتخلى عنها». من جانبه، أوضح المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية الدكتور إبراهيم العثيمين ل«الحياة» أن علاقة المملكة مع الولاياتالمتحدة «استراتيجية»، وأضاف: «ستضل علاقه استراتيجية إلا أن هناك تحوّل في المفهوم الاستراتيجي السعودي من التحالف القطبي إلى تنوع التحالفات، فالتغير في البنى الإقليمية وظهور تهديدات جديدة كالإرهاب وغيرها، كانت دافعاً قوياً لدى السياسة السعودية إلى بناء تحالفات إقليمية جديدة لمواجهة هذه التهديدات». وفي الشأن اليمني، قال الأمير محمد بن سلمان رداً على سؤال الوكالة حول رؤيته للحرب في اليمن، وإن كانت تدخل مراحلها الأخيرة: «هناك تقدُّم كبير في المفاوضات، ولدينا اتصالات جيدة مع الحوثيين بفضل الوفد الحاضر في الرياض حالياً. ونحن نعتقد بأننا أقرب من أي وقت مضى للوصول إلى حل سياسي في اليمن؛ لذلك نحن ندفع خلف استغلال هذه الفرصة على الأرض، ولكن إن تغيَّر سير الأمور فنحن جاهزون». تعليقاً على ذلك قال المحلل السياسي إبراهيم العثيمين: «قرّب (انفراج) الملف اليمني»، وأضاف: «مفاوضات تجري حالياً مع الوفد الممثل لجماعة الحوثي في الرياض، وهي كما ذكر وزير الخارجية السعودي تحرز تقدماً، وكذلك مفاوضات سياسية مرتقبة بين الأطراف اليمنية في الكويت، وبالتالي أعتقد بأننا في الفصول الأخيرة من المشهد اليمني».