يحاول البعض تصوير التوجه الجديد للدبلوماسية السعودية عندما فتحت خطوط التواصل والتفاهم الاستراتيجي والتفاهم الاستراتيجي مع روسيا كبداية لعصر جديد على صعيد التحالفات الاستراتيجية يقضي بأن تكون روسيا هي الحليف الأول والشريك الاستراتيجي الاكبر بناءً أولاً على توقيتها الذي تمت فيه بزيارة ولي ولي العهد السعودي إلى روسيا وثانياً للاتفاق السعودي مع روسيا لبناء 16 مفاعلاً نووياً سعودياً للاغراض السلمية . لكن الواقع أن السعودية لايمكن أبدأص أن تتخلى عن علاقة التحالف والشراكة الاستراتيجية "الغائصة في الثرى" مع الولاياتالمتحدة خصوصاً وأن هذا التحالف والشراكة الاستراتيجية تأي في إطار الأصعدة الحساسة سواءً السياسية أو الامنية او الاقتصادية او العسكرية حتى . لكن الواقع بحسب عاملي التوقيت وحجم الاتفاقات يؤكد أن السعودية وروسيا على حد سواء أعادا فتح أفق العلاقة بين الجانبين في إطار واسع يحتمل الكثير من مجالات التفاهم والتعاون في الملفات ذات الاهتمام المشترك وأهمها نووي إيران وأزمة سوريا . في ظل التقارب القائم بين الولاياتالمتحدةوإيران ودخول هذا التقارب فيما يشبه "شهر العسل" بخصوص ملف البرنامج النووي الإيراني تحديداً بشكل سبب هاجس كبير لدول الخليج بسبب انعكاساته السيئة على أمنها القومي وعلى ملفات إقليمية أخرى . هذه العلاقة التي كانت نائمة لفترة ليست بالقصيرة أعاد توهجها تغير موازين القوى والطبيعة الجيوسياسية الجديدة للمنطقة . من جانب السعودية فهي بحاجة أولاً لأن توسع خياراتها بما يضمن شركاء وخيارات عديدة في كل الملفات التي تمس أمنها القومي والاقليمي واهتمامها الاستراتيجي بشكل مباشر وغير مباشر ، لذلك فروسيا طرف مؤثر في الصراعات الاقليمية القائمة وتحديداً في سوريا ، وتشعر السعودية أن التفاهم معها لإيجاد مخرج عاجل للأزمة السورية أصبح إلزامي بعد أن اتضح بأن تعارض المصالح ليس في مصلحة البلدين والاطراف الاقليمية الاخرى الفاعلة بالأزمة ، وبعد أن بادلت روسيا السعودية نفس الشعور وأظهرت بوادر إيجابية وتحديداً في الملف الإيراني عندما امتنعت في مجلس الامن عن التصويت على مشروع القرار الخليجي 2216 ولم تعرقله كما كان ينتظر منها من جانب إيران الحليف الاستراتيجي الأول لروسيا في المنطقة . ثانياً : تنظر السعودية كما ينظر شركائها بدول الخليج إلى الولاياتالمتحدة بنظرة امتعاض وغضب كبير ، أولاً لتغذيتها بشكل أو بآخر للصراعات القائمة في المنطقة ، بالاضافة لدعمها الكبير لإتمام الاتفاق النهائي حول البرنامج النووي الإيراني ، والذي يسلم مسؤولية أمن المنطقة لإيران ويسلمها بشكل صريح السلاح الأقوى في المنطقة . وهو مايهدد بالمقام الأول دول الخليج باعتبارها الجار "العدو" لإيران . وبالتالي فتوجه السعودية لإنعاش العلاقات مع روسيا يأتي بشكل أو بآخر وكأنه رسالة سعودية موجهة للولايات المتحدة بأن نطاق التحالفات يتسع لكل من يمكنه أن يمنح الفائدة ويحفظ المصالح سواءً تحالفات جديدة أو اتفاقات استراتيجية . وفي نفس الرسالة الموجهة للولايات المتحدة اتجهت السعودية لتعزيز التعاون الاستراتيجي وتوجت التوافق السياسي في ملفات عديدة بين فرنسا ودول الخليج بتوقيع اتفاقات نوعية مهمة يأتي على رأسها الاتفاق على بناء مفاعلين نووين في السعودية ، وصفقات عسكرية متفرقة بالاضافة للاتفاق على استمرار المحادثات فيما يخص صفقة تسليح الجيش اللبناني بين السعودية وفرنسا . من الواضح أن هذا المسار الذي انطلقت السعودية فيه كان إجبارياً ولم يأتي من فراغ أو إحساس بالحاجة لتقوية المواقف . بل إن الحاجة الماسة التي قادت لها الظروف المتقلبة في المنطقة وعدم وضوح الأهداف لدى الولاياتالمتحدة وتزايد التهديد الإيراني وانتشار الجماعات الارهابية هي السبب في أن تنظر السعودية مجبرة في استراتيجيات جديدة واسعة الخيارات يمكنها أن تؤمن لها ولمحيطها الأمن القومي والاستقرار الإقليمي . كاتب سعودي ghazico13@ رابط الخبر بصحيفة الوئام: السعودية..دبلوماسية الخيارات الواسعة