دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قادة الأجهزة الأمنية إلى تشديد التدابير الأمنية في سيناء وزيادة التنسيق بين الجيش والشرطة، بعد استعادة جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش»، نشاطها بهجمات عدة على الجيش والشرطة آخرها هجوم على مكمن أدى إلى مقتل 15 شرطياً في شمال سيناء قبل يومين، وخطف ثلاثة عُثر على جثة أحدهم. وبدا أن تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في سيناء أخيراً بعد فترة من الهدوء، استدعى عقد اجتماع ترأسه السيسي وحضره وزيرا الدفاع صدقي صبحي والداخلية مجدي عبدالغفار ورئيس أركان الجيش محمود حجازي، إضافة إلى عدد من كبار قادة الجيش والشرطة. وأوضح بيان رئاسي أن الاجتماع «تضمن عرضاً لتطورات الأوضاع الأمنية، لا سيما في شمال سيناء، وكذلك التدابير والخطط الأمنية التي تنفذها قوات الجيش والشرطة لمحاصرة البؤر الإرهابية هناك ومطاردة العناصر الإرهابية التي تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد والقبض عليها». ونقل تشديد السيسي على «ضرورة مواصلة التنسيق الكامل في العمل الميداني بين الجيش والشرطة، وضرورة التحلي بأعلى درجات اليقظة تحسباً لمحاولات قوى الشر النيل من أمن وسلامة المواطنين وعناصر القوات الأمنية». كما طالب ب «مواصلة خطط استهداف البؤر الإرهابية والإجرامية ومحاصرتها»، مشدداً على «أهمية التصدي بمنتهى الحزم والقوة لأي محاولات اعتداء على المنشآت العسكرية والشرطية والحكومية والخاصة، بما يضمن الحفاظ على مقدرات الدولة وأمنها». وكان رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء كامل الوزير كشف في تصريحات أول من أمس أن السيسي «كلف الهيئة بتشديد الإجراءات في محيط المكامن الشرطية». وكان الهجوم الذي نفذه «داعش» قبل يومين كشف ثغرات أمنية، إذ تمكن التنظيم وفقاً لصور نشرها على صفحات تابعة له، من اقتحام مكمن الشرطة وحصل على أسلحة وذخائر. وتحدثت تقارير عن اختطاف التنظيم ضابطاً وشرطيين، وأنه عثر على جثة أحد الشرطيين ملقاة في الصحراء فيما لا يزال مصير الضابط والشرطي الآخر مجهولاً. ووفقاً للبيان الرئاسي، فإن السيسي «عّبر عن تقديره للتضحيات الكبيرة التي يبذلها رجال الجيش والشرطة في مواجهة الأعمال الإرهابية والإجرامية، ووجه التحية والتقدير لذكرى شهداء مصر الذين ضحوا بأرواحهم من أجل سلامة الوطن»، مؤكداً أن «الدولة لن تنسى أسرهم وستشملها بالرعاية الكاملة». وأكد «وقوف الدولة إلى جانب مصابي العمليات الإرهابية». وقال إن «هذه العمليات لن تزيد المصريين إلا إصراراً على مواصلة الحرب ضد الإرهاب والتطرف، إلى جانب الاستمرار في مسيرة بناء مصر المستقبل». إلى ذلك، انطلق في مدينة شرم الشيخ أمس اجتماع الخبراء التحضيري الخامس لوزراء الدفاع في الدول الأعضاء لتجمع دول الساحل والصحراء، والذي يضم 27 دولة عربية وأفريقية وتحضره المنظمات دولية وإقليمية. واقترحت مصر على هامش الاجتماع إنشاء مركز «لمكافحة الإرهاب» يختص بالتنسيق بين دول التجمع عسكرياً واستخباراتياً. وكان الاجتماع بدأ بكلمة للأمين العام لتجمع الساحل والصحراء إبراهيم ثان أفاني الذي نبه إلى أهمية الاجتماع «في ظل الظروف والتحديات الصعبة التي تمر بها دول القارة الأفريقية، لا سيما تجمع دول الساحل والصحراء، في ظل تطور الجريمة المنظمة والإرهاب العابر للحدود والذي يؤثر في مقومات التنمية والبناء لشعوب دول القارة كافة». وفي تصريحات جانبية للصحافيين أبرزتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أكد أفاني «أننا هنا لنقول للعالم أن الدول الأفريقية في تجمع الساحل والصحراء تصر على تكفل كامل المسؤولية عن استعادة الأمن والسلم في المنطقة... نحن هنا لوضع الإجراءات اللازمة لاستعادة الأمن في المنطقة لأن دولنا تواجه كثيراً من قوى الشر وجرائم عدة، ويجب علينا تغيير الفكر بالنسبة إلى مسألة الحدود. ويتعين علينا أن نفتح حدودنا في ما بينها وتسهيل إجراءات التحرك بين دول التجمع في القارة الأفريقية». وألقى مساعد وزير الدفاع المصري للعلاقات الخارجية اللواء محمد الكشكي كلمة أمام الاجتماع، أشار فيها إلى أمن منطقة الساحل والصحراء «أصبحت خلال السنوات القليلة الماضية ساحة للصراعات ومصدراً للتهديدات نتيجة لأسباب متداخلة تفاعلت فيها عوامل أبرزها موجة الإرهاب التي تهدد معظم دول مناطق العالم إلى جانب عوامل أخرى اقتصادية وسياسية واجتماعية». وأوضح أن «المؤتمر سيتناول الاستراتيجية الخاصة بالأمن والتنمية، ومقترح إنشاء مركز لتجمع الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب وتعزيز وتطوير التعاون العسكري بين الدول الأعضاء في هذا المجال... نحن معنيون بالبحث في التهديدات، خصوصاً العسكرية والأمنية وتطوير سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني بين دول التجمع، وضعاً في الاعتبار أن مسؤوليتنا كعسكريين أصبحت أكثر تعقيداً في ضوء التطور في قدرات الجماعات الإرهابية، كما أننا مطالبون بعمل شاق ومخلص وفكر مبدع، في ضوء المسؤولية التاريخية والآمال المعقودة علينا كعسكريين للمشاركة الفعالة إلى جانب بقية قدرات القوى الشاملة لدولنا لتحقيق طموحات شعوبنا في الأمن والاستقرار والتنمية». ووفقاً لبيان عسكري، فإن المؤتمر يناقش في فعالياته «الترتيبات والاستعدادات بين دول التجمع، وعرض وضع السلم والأمن في التجمع، ومشروع اللائحة الداخلية لمجلس السلم والأمن، والتعاون في مجال تأمين الحدود والمناورات والتدريبات المشتركة وإزالة الألغام». ويضم التجمع الذي أنشئ في العام 1998 ليبيا ومالي وتشاد والنيجر والسودان وبوركينا فاسو ومصر وأريتريا وأفريقيا الوسطى والسنغال وغامبيا وجيبوتي وتونس والمغرب ونيجيريا والصومال وتوغو وبنين وليبيريا وكوت ديفوار وغينيا بيساو وغانا وسيراليون وغينيا كوناكري وجزر القمر وموريتانيا وساوتومي وبرنسيب. واعتبر مندوب مصر الدائم لدى التجمع محمد أبو بكر أن «الفترة الراهنة تحتاج إلى حلول عاجلة من دول التجمع، لما يستجد من قضايا، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالين الأمني والعسكري». وأعلن أن «النصف الآخر من العام الجاري سيشهد اجتماعاً لرؤساء دول الساحل والصحراء، في المملكة المغربية». وأشار إلى أن «التفاصيل الفنية المتعلقة بمشروع إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب تابع لدول التجمع ستناقش خلال الجلسات واللجان الفنية المنعقدة على هامش الاجتماع». لكنه اعتبر أن «الحديث عن إنشاء قوة مشتركة للتجمع سابق لأوانه، خصوصاً في ظل مناقشة العديد من الأمور الفنية والعسكرية خلال الجلسات المقبلة».