يدلي الناخبون في إيران اليوم، بأصواتهم في انتخابات مجلسَي خبراء القيادة والشورى (البرلمان)، يطغى عليها استقطاب بين الأصوليين، والإصلاحيين والمعتدلين، وقد تشكّل مؤشراً إلى المسار الذي ستنتهجه البلاد في السنوات المقبلة، خصوصاً بعد الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، ورفع العقوبات عن طهران. وحذر وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي الأصوليين من «حيل انتخابية»، فيما تعرّض رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، المرشح لانتخابات مجلس الخبراء، لحملة عنيفة من رجال دين بارزين. وكان لافتاً أن قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني أعلن دعمه رئيس البرلمان علي لاريجاني المتحالف مع الإصلاحيين، بعد خلافٍ مع الأصوليين بسبب الاتفاق النووي. وأعلن رئيس لجنة الانتخابات محمد حسين مقيمي أن هناك 54915027 ناخباً في إيران. وأضاف أن 12076 شخصاً سجّلوا أسماءهم لخوض الانتخابات النيابية (290 مقعداً)، سمح مجلس صيانة الدستور بترشّح 6333 منهم، لكن العدد انخفض 4844، بينهم حوالى 500 امرأة، بعد انسحاب 1480 مرشحاً. أما في انتخابات مجلس الخبراء (88 مقعداً)، فتراجع عدد المرشحين من 161 إلى 159. وحذر رحماني فضلي الأصوليين من اعتماد «حيل» للفوز في الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أن تنظيم رحلات لجلب ناخبين من قرى إلى طهران، لكي يصوّتوا لمصلحة جماعات سياسية معينة، ينتهك القانون. وذكّر بأن الناخبين يستطيعون التصويت في أي مكان، في الانتخابات النيابية، مستدركاً أن الأمر يصبح مخالفاً للقانون، إذا أدلوا بأصواتهم خارج مدينتهم، متعمدين دعم مجموعة محددة. ويبدو أن تصريحات رحماني فضلي تعلّق على دعوة القيادي الإصلاحي رسول منتجب نيا وزارة الداخلية إلى التحقيق في مزاعم أفادت بأن الأصوليين يعتزمون جلب أكثر من مليون شخص من قرى إلى طهران، لكي يصوّتوا لمصلحتهم. وحض علي لاريجاني «المخلصين للثورة» على «العمل لتسوية المشكلات وتجنّب كل ما من شأنه إثارة الفرقة والخلافات». وأسِف لأن «بعضهم وقع في هذا المطبّ، وبدل أن يعمل لتسوية المشكلات، يحاولون بثّ الفرقة، في وقت تعيش البلاد ظروفاً تُحتّم الوحدة والتلاحم». وبعد تعرّضه لهجمات عنيفة من أصوليين، نال لاريجاني دعم قاسم سليماني الذي أبدى إعجابه بالتزام رئيس البرلمان «الحركات الثورية في المنطقة، طيلة مسيرته» السياسية. وأضاف أن الأخير «دعم دوماً فيلق القدس، وحظيت دوماً بدعمه الفكري والعملي، وأتمنى له النجاح». إلى ذلك، حذر رفسنجاني من «تغليب المصالح الفئوية الضيقة على المصالح الوطنية»، معتبراً أن «مستقبلاً مشرقاً لإيران، مرهون بالمشاركة القصوى للشعب في الانتخابات». لكن وكالة «تسنيم» المحسوبة على «الحرس الثوري» نقلت عن رجل الدين هاشم حميدي، المرشح لانتخابات مجلس الخبراء، انتقادات لقائمة رفسنجاني، معتبراً أنها تحظى ب«دعم وسائل الإعلام البريطانية». وتابع: «رفضت وضع اسمي في القائمة، ولا أريد أن يكون في قائمة واحدة مع شخص جلب العار لعلماء الدين، هو وأولاده». وكان لافتاً أن «تسنيم» نسبت إلى رجل الدين هاشم بطحائي، وهو مرشح على قائمة رفسنجاني، حديثه عن «تصرّفات خاطئة» للأخير. وأضاف: «تحدثت في شكل حاد مع رفسنجاني، وسألته: دمرت نفسك بنفسك، لماذا تشعل النار من أجل العدو؟ ولماذا لا تواجه ابنتك فائزة؟ جمعتَ حولك في الانتخابات أفراداً سلوكهم سيء، مع أنك شخصية مهمة ومعروفة دولياً، ولو كنت مكانك لشعرت بوهن». ورأى أن رفسنجاني «يحاول توظيف قضية ترشّح حسن الخميني لمصلحته، مشعلاً النار من أجل العدو». أما قائد ميليشيا «الباسيج» (متطوعي الحرس الثوري) الجنرال محمد رضا نقدي فحذر من «تيارات تحاول جرّ البلاد إلى اقتصاد تابع، وبيع النفط والغاز الخام، والتفاخر بشراء سلع وطائرات فارهة غربية». ولفت إلى أن «نفقات شراء طائرتين من طراز آرباص المتطورة، تكفي لفتح خط لإنتاج طائرات وطنية تتّسع لمئة راكب». إلى ذلك، أعلن تقي كروبي، نجل الزعيم المعارض مهدي كروبي الخاضع لإقامة جبرية، مع الزعيم المعارض الآخر مير حسين موسوي، منذ العام 2011، أن والده قرر التصويت في الانتخابات، وطلب إرسال صندوق اقتراع إلى منزله. وتعهد مقيمي «تسهيل ذلك». ونُقِل عن كروبي قوله أنه اتخذ قراره من أجل «حماية الجانب الجمهوري للجمهورية الإسلامية». وأقرّ تقي كروبي بأن عائلته تعتقد بأن الانتخابات «لن تكون حرة وتنافسية»، مستدركاً أنها ستكون «خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح». في السياق ذاته، أعلنت بنات موسوي أنهنّ سيشاركن في الانتخابات، «على رغم ضغوط وقصور». لكن المرشح الإصلاحي مسعود نمازي أعلن أن «متطرفين» أحرقوا سيارته، مشيراً إلى أنهم هاجموا منزله ومنزل شقيقه، وهددوا مَن فيهما بسكاكين، ل»تلقينه درساً» بسبب ترشحه للانتخابات.