يرفع رسميون أردنيون سقف توقعاتهم بشأن فرص نجاح مؤتمر لندن للمانحين، على الرغم من تذبذب المساعدات الخارجية للاقتصاد المحلي، في مواجهة جهود الإغاثة التي تقدمها البلاد للاجئين السوريين الذي بلغ عددهم نحو 1.260 مليون لاجئ، وفق آخر الإحصاءات. وعلى مدار الأيام الماضية استمعت «الحياة» لتصريحات رسمية تؤكد «أهمية مؤتمر لندن للمانحين في دعم الاستثمار في المنطقة، لمواجهة أرقام البطالة بين اللاجئين السوريين، والحد من تعديهم على سوق العمالة المحلي، الأمر الذي يهدد بارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الأردنيين». وتقلل الحكومة الأردنية من أهمية تحذيرات السياسيين، المتمثلة بالسعي لتوطين السوريين وتسهيل سبل الحياة المعيشية أمامهم والمخاوف من استحالة عودة اللاجئين إلى بلادهم حتى لو استقرت مدنهم وقراهم، وهو ما يؤثر على المعادلة الديموغرافية الأردنية. وأوضح مصدر سياسي رفيع ل «الحياة» بأن التركيز على الجانب التنموي في مناطق اللجوء السوري والمساهمة في التخفيف من أرقام الفقر والبطالة بينهم، يتصل ب «المخاوف الرسمية من تأثر تلك المجاميع البشرية بالفكر الإجرامي أو الانتقامي، في حال استمرت حالة الفقر والعوز في أوساطهم». يأتي ذلك، في وقت تسجل فيه أرقام اللاجئين السوريين العائدين لبلادهم تذبذباً لافتاً، يترافق مع تشاؤم رسمي أردني «من ضآلة الأرقام المحتملة للعائدين من اللاجئين السوريين لوطنهم حتى وإن وضعت الحرب أوزارها في بلادهم» وفقاً لمصدر سياسي رفيع، وهو ما تنفيه الأرقام الرسمية المعلنة. فقد أثبت التعداد السكاني الأخير تراجع عدد السوريين في الأردن الى 1.260 مليون عن الرقم الرسمي السابق وهو 1.4 مليون بين لاجئ ومقيم. لكن المصدر يتكئ في حديثه ل «الحياة»، على أن أرقام دراسات دولية تفيد بأن نحو 35 في المئة فقط سيعودون، فيما سيبقى نحو 65 في المئة في دول اللجوء، وهو ما يدفع بلاده للترحيب ب «التنمية الأوروبية» لصالح اللاجئين السوريين، التي ستستفيد منها حتما مناطق أردنية. ويتحدث المصدر بصراحة عن «التفاهمات الأردنية الأوروبية» في موضوع تنمية مناطق اللجوء السوري داخل البلاد، بمقايضتها ب «توطين اللاجئين اقتصادياً» لصالح التعامل مع تخفيض أرقام المهاجرين منهم إلى أوروبا. وهو ما جاء صراحة خلال لقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، ونظيره الفرنسي مانويل فالس، ونائب المستشارة الألمانية سيغمار غابرييل في زيارات متلاحقة لعمّان نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، وضرورة «التعامل استراتيجياً» مع خيارات إطالة أمد الأزمة السورية، وتحسين شروط حياة اللاجئين المعيشية. واستضافت المملكة على مدى الأيام والأسابيع الماضية مسؤولين أمميين، لإطلاعهم على حجم الاستنزاف في موارد الخزينة الأردنية، بفعل استضافة اللاجئين السوريين، في وقت يعاني اقتصاد المملكة من عجز متفاقم بلغ نحو بليوني دولار، ومديونية متزايدة، تجاوزت ال30 بليون دولار، وفق أرقام رسمية في قانون الموازنة، كما بلغت فاتورة استضافة اللاجئين لعام 2015 2.7 بليون دولار. وفي مؤتمر صحافي عقد أول من أمس بين وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ونظيره البريطاني فيليب هاموند، أكد الوزيران ضرورة دعم المجتمع الدولي الدول المضيفة للاجئين، وعلى رأسها الأردن ولبنان وتركيا، وشددا على «أن مؤتمر لندن للمانحين سيركز على ضرورة وجود خطة مستقبلية لدعم الدول المضيفة للاجئين تنموياً». مباشرة يأتي الرد من نظيره البريطاني هاموند، الذي أعلن أن أزمة اللجوء السوري تتطلب نهجاً ومقاربة جديدة ووضع ميثاق طموح يستهدف مساعدة اقتصادات الدول المضيفة، بخاصة وأن الأزمة السورية قد يطول أمدها، لافتاً إلى أن الأردن استنزف معظم موارده بسبب اللجوء، وهو ما يتطلب دعمه في هذا المجال. وأعرب هاموند عن تقدير بلاده «لموقع الأردن في الخط الأمامي للأزمة السورية، وأنها ستبقى شريكة قريبة لضمان أمن الأردن، ومواجهة التحديات وتقديم العون للملايين من اللاجئين».