كشفت مصادر أردنية رسمية النقاب ل «الحياة» عن التوصل إلى تفاهمات رسمية مع قيادات أوروبية نشطت زياراتها للعاصمة عمّان خلال الأسابيع القليلة الماضية، لرفع وتيرة التدابير اللازمة للإبقاء على اللاجئين السوريين في الأردن، منعاً لتدفقهم إلى القارة العجوز. تلك التفاهمات توّجت مرحلياً، بإعلان رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور ونظيره الفرنسي مانويل فالس عن 3 مشاريع تنموية حيوية، إلى جانب تجديد اتفاق عسكري يعيد تموضع قوات كل من البلدين لتسهيل المهمة المشتركة في محاربة الإرهاب وضرب «داعش» في سورية. كما أعلنت بريطانيا أول من أمس، حزمة دعم عسكري جديد للأردن بقيمة 3.84 مليون دولار أميركي، إلى جانب استمرار تدفق مساعدات ومنح أوروبية. وأكد مصدر سياسي رفيع ل «الحياة» أن قادة أوروبيين «ناقشوا عن كثب» أخيراً مسألة «مكافحة اللجوء السوري إلى أوروبا»، فيما لم تتردد الحكومة الأردنية في أكثر من مناسبة في شرح «الضغط الاقتصادي الكبير المترتب جراء استضافة أكبر موجة لجوء إنساني، لن يُكتَب لها الحل في المدى المنظور». ويشير المصدر الأردني الذي فضل عدم ذكر اسمه ل «الحياة» إلى أن بلاده «تعيش اليوم ظروفاً اقتصادية - سياسية صعبة، فهي لا تستطيع الدعوة علناً إلى تأمين شروط الحياة الاقتصادية والاجتماعية للاجئين السوريين بمفهوم يعكس بعداً من أبعاد التوطين الاقتصادي لهم، كما لا تستطيع غض النظر عن تفاقم أوضاع اللاجئين المعيشية سوءاً، ما يدفعهم باتجاه الانتماء للتنظيمات الإرهابية». وأكد المصدر ذاته أن الأوروبيين يجدون في الأردن فرصة آمنة لتحسين شروط إقامة اللاجئين السوريين اقتصادياً، خصوصاً في ظل قدرة المملكة على تأمين حدودها من تداعيات الحرب السورية. يأتي ذلك، في وقت تسجل فيه أرقام اللاجئين السوريين العائدين لبلادهم تذبذباً لافتاً، يترافق مع تشاؤم رسمي أردني «من ضآلة الأرقام المحتملة للعائدين من اللاجئين السوريين إلى وطنهم حتى وإن وضعت الحرب أوزارها في سورية» وفقاً لمصدر سياسي رفيع. وأعلن المصدر في حديثه ل «الحياة» بأن أرقام دراسات دولية تفيد بأن نحو 35 في المئة منهم فقط سيعودون، فيما سيبقى 65 في المئة في دول اللجوء، ما يدفع بلاده للترحيب ب «التنمية الأوروبية» لمصلحة اللاجئين السوريين، التي ستستفيد منها حتماً مناطق أردنية. من جهة أخرى، أعلنت الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود «فرونتكس» أمس، أن أكثر من 710 آلاف مهاجر دخلوا الاتحاد الأوروبي بين 1 كانون الثاني (يناير) و30 أيلول (سبتمبر) هذا العام مقابل 282 ألفاً خلال السنة الماضية بكاملها. وقالت «فرونتكس» في بيان «إن العدد الاجمالي للمهاجرين الذين عبروا الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في الأشهر التسعة الأولى من العام تجاوز 710 آلاف، وكانت الجزر اليونانية في بحر ايجه الأكثر تضرراً بفعل ضغط هجرة كثيف». وأضاف البيان أن «الجزر اليونانية وخصوصاً ليسبوس لا تزال عرضةً لضغط هجرة كثيف مع 350 ألف وافد رُصِدوا بين كانون الثاني (يناير) وأيلول (سبتمبر)»، موضحاً أن اللاجئين السوريين يشكلون المجموعة الأبرز. إلى ذلك، أقر وزير المال الالماني وولفغانغ شويبله أمس، بأنه «يجهل» ما اذا كانت الموازنة الفيديرالية الألمانية ستكون متوازنة العام المقبل، الأمر الذي سيسعى إلى تحقيقه رغم إنفاق البلايين على المهاجرين. وقال الوزير المحافظ أمام مؤتمر لصانعي الآلات في برلين: «نريد تحقيق (هذا الهدف) من دون ديون جديدة اذا كان ذلك ممكناً». وتمكنت ألمانيا العام الماضي، للمرة الأولى منذ عام 1969، وقبل سنة مما كان متوقعاً، من إحداث توازن في موازنتها الفيديرالية، من دون أي ديون جديدة على الدولة. لكن الدولة الفيدرالية تواجه نفقات غير متوقعة ببلايين اليورو، في وقت تتوقع ألمانيا نحو مليون طلب لجوء هذا العام. واعتبر شويبله أن مجيء هذا العدد الكبير من المهاجرين يشكل «التحدي الاكبر بين غالبية الأمور التي واجهناها في الاعوام ال65 الماضية»، وينطوي على «خطر هائل محتمل» على المالية العامة، لكنه أكد: «إننا نستطيع وسنتجاوز هذا التحدي». ووعدت الحكومة بمساعدات ببلايين اليورو للبلديات والمقاطعات الاقليمية المكلفة استقبال واسكان المهاجرين. وأوضح شويبله أن الدولة ستدفع مساعدة فردية لكل طالب لجوء «لوضع حد لشكاوى» المجموعات. تزامناً، أعلنت ناطقة باسم وزارة الداخلية الالمانية أن برلين ستبقي الرقابة على حدودها التي اعتمدتها في منتصف ايلول الماضي، لمواجهة تدفق اللاجئين، حتى 31 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل.