تشابهت معالم اليوم الانتخابي في قرى الساحل الشمالي لبيروت وبلداته أمس، واتسمت بالطابع العائلي- الانمائي، تداخلت معه السياسة في عدد من المناطق. ولولا الطابع «المعركي» الذي أعطي للانتخابات البلدية والاختيارية في قضاء جبيل، لما أمكن تمييز أمس، عن أي يوم أحد عادي. فمن عمشيت معقل الرئيس اللبناني ميشال سليمان مروراً بمدينة جبيل وقرطبا عاصمة جرد جبيل وصولاً الى مدينة جونية في قضاء كسروان، لم يعكر شيء صفو العملية الانتخابية، وإن كان مناصرو «التيار الوطني الحر» اشتكوا من شراء للأصوات تمارسه اللوائح المنافسة، وهو ما رده الفريق الآخر الى أنه «خطوة استباقية يعتمدها التيار لتبرير خسارته المرتقبة». في حين تحدث ناخبون عن لوائح «ملغومة» وعن عمليات تشطيب لتشكيل لوائح مختلطة بسبب الطابع العائلي لهذه الانتخابات. وكان الرئيس اللبناني أدلى بصوته في عمشيت التي بدت النتيجة فيها محسومة سلفاً. إذ أن الانتخابات فيها خيضت بين لائحتين، واحدة توافقية يرأسها رئيس البلدية الحالي أنطوان عيسى وأخرى غير مكتملة. ونفى سليمان أمام الصحافيين ما تردد عن أنه يساند لائحة في جبيل. أما في جبيل، حيث تنافست لائحة «جبيل أحلى» برئاسة زياد الحواط مدعوماً من قوى 14 آذار وعائلات جبيلية وبين لائحة «الولاء لجبيل» التي يرأسها الوزير السابق جان لوي قرداحي متحالفاً مع «التيار الوطني الحر» ومدعوماً من حزب «الطاشناق» والقاعدة الكتائبية، فتكثفت اللافتات الانتخابية على جوانب الطرق، واعتمدت لائحة الحواط على شعارات مثل: «اقتصادنا رح يصير أحلى»، «جبيل أحلى»، قابلها من الجانب الآخر شعارات منها: «أكيد جبيل أحلى... بلا ضغوط»، و «كرامتنا لا تشترى ولا تباع». وتمثل الوجود الحزبي الوحيد بمناصري «التيار» بستراتهم البرتقالية ورايات التيار، كما في بقية المناطق. وبدت المعركة أكثر احتداماًَ من بقية المناطق بسبب الخليط الطائفي في القضاء والحديث عن دعم «حزب الله» لحليفه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون في القرى الشيعية التابعة للقضاء. ورد قرداحي بعد إدلائه بصوته في «ثانوية جبيل الرسمية» على ما تردد عن أن المعركة في جبيل هي بين «جنرالين» نسبة الى سليمان وعون، فأكد أن المعركة بين لائحتين، ومن الطبيعي أن تأخذ القوى السياسية موقفاً»، وشدد على «أن رئيس الجمهورية هو خارج هذا الموضوع والمقربين أو غير المقربين الذين استخدموا اسمه يخطئون في حق رئاسة الجمهورية». أما الحواط الذي اقترع في «مدرسة جبيل الرسمية الثانية»، فشدد على أن «البعض يريد أن يحول المعركة في جبيل الى سياسية لتسجيل أي انتصار وهمي». وحتى الثانية بعد الظهر، كانت نسبة الاقتراع بلغت 40 في المئة في الأقلام الشيعية و30 في المئة في السنية و25 في المئة في المارونية، مع العلم بأن القضاء يضم أقليات، إذ ضم واحد من أقلام الاقتراع في «متوسطة جبيل الأولى الرسمية»، ناخبين من السنة والشيعة والموارنة والروم الأرثوذكس، والأرمن الأرثوذكس والأشوريين والعلويين والإنجيليين والكلدان واللاتين. وفي قرطبا، عكست الزحمة أمام أقلام الاقتراع حماوة المعركة بين لائحتي «التوافق القرطباوي» برئاسة رئيس اتحاد بلديات قضاء جبيل رئيس البلدية الحالي فادي مارتينوس مدعومة من منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد و «القوات اللبنانية» ولائحة «الأمانة والإنماء» برئاسة ميشال كرم و «التيار الوطني الحر» و «الكتائب اللبنانية» (رفعت صور الرئيس السابق أمين الجميل الى جانب صورة عون في مكتب للتيار قريب من مركز الاقتراع). وإن كان بعض الناخبين تحدث عن عدم التزام الكتائبيين بلائحة كرم، واعتماد التشطيب بسبب عوامل القرابة العائلية والخلفيات السياسية. كما برزت شكاوى عن بطء في العملية الانتخابية، إذ اضطر ناخبون الى الوقوف نحو ساعة أمام قلم الاقتراع في انتظار دورهم. في حين انتقد مؤيدو لائحة «التوافق» زيارة عون لجبيل مساء أول من أمس، معتبرين أن «المعركة كانت عائلية، حولها تدخل السياسيين الى سياسية». ولم يختلف الوضع في جونية عن بقية المناطق. واحتدم التنافس في المدينة بين لائحتي «كرامة جونية» برئاسة رئيس المجلس البلدي الحالي جوان حبيش و «الإنماء التوافقي» برئاسة طوني افرام مدعوماً من «التيار الوطني الحر» وقوى 14 آذار وشخصياتها ومستقلين. والى التشطيب الذي برز بقوة في جونية، سرت إشاعات عن انسحاب منصور البون عن دعم اللائحة، وهو ما نفاه أفرام داعياً أنصاره الى عدم التشطيب.