طمأن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، خلال لقائه أمس في روما، إلى أن بلاده ستبذل كل جهودها وتمارس نفوذها في إطار الاتحاد الأوروبي وفي علاقاتها الدولية من أجل الحؤول دون أي عدوان إسرائيلي على لبنان ولاحتواء التهديدات التي تطلقها تل أبيب إزاءه. وقالت مصادر الوفد اللبناني المرافق للحريري في زيارته الرسمية لإيطاليا ل «الحياة» أن البحث تناول التهديدات للبنان خلال اجتماعه مع بيرلوسكوني الذي طاول بين الخلوة التي عقدت بينهما والاجتماع الموسع للجانبين ثم الغداء، ساعة أكثر من الوقت المخصص له، في سياق البحث في أوضاع المنطقة والتعثر في عملية السلام ومخاطر ذلك على المنطقة ولبنان تحديداً. وأشارت المصادر إلى أن بيرلوسكوني بدا ميالاً إلى وجوب بذل جهد وضغط أوروبيين موحدين أكبر على الجانب الإسرائيلي من أجل إحداث تقدم في عملية السلام وخفض التوتر في المنطقة وضمان الاستقرار فيها. وأوضحت مصادر الوفد اللبناني أن البحث خلال جلسة المحادثات الموسعة لم يتطرق إلى ما يحكى عن صواريخ «سكود» يدعي الإسرائيليون بأن «حزب الله» حصل عليها، لكن المصادر أشارت إلى أن بيرلوسكوني بدا متابعاً للتطورات في المنطقة والمخاطر الناجمة عن التهديدات، لا سيما حين كرر الحريري على مسمعه أن لبنان لا يريد أن يكون ضحية التعنت الإسرائيلي مرة أخرى لأنه سبق أن تحول إلى الضحية مرات عدة في السابق نتيجة السياسات الإسرائيلية. واجتمع الحريري مع رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو في حضور وزير الخارجية جيان فرانكو فراتيني ورئيس مجلس النواب جيان فرانكو فيني، ومع رئيس مجلس الشيوخ في إيطاليا ريناتو شيفاني. وعرض الحريري، خلال هذه الاجتماعات، الوضع في لبنان والمنطقة والجهود لتحسين العلاقات بين لبنان وسورية، متوقعاً إحداث تقدم على هذا الصعيد خصوصاً بعد زيارة الوفد الإداري اللبناني واجتماعاته مع نظرائه السوريين. وذكرت مصادر الوفد أنه تناول مع بيرلوسكوني أهمية دعم الدول المعنية بالاستقرار في لبنان والمنطقة الجيش اللبناني ليتمكن من أداء دوره بقوة أكثر في ضمان الأمن وحماية لبنان والمساهمة في تطبيق القرار الدولي 1701 إضافة إلى مطالبته إيطاليا باستمرار دعمها لدور قوات «يونيفيل» فضلاً عن أهمية مساندة مؤسسات الدولة كافة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والمهمات الملقاة على عاتقها. كما عرض الحريري لبيرلوسكوني خطط الحكومة الإصلاحية على الصعيد الاقتصادي والمشاريع الإنمائية التي تنوي تنفيذها. وقالت المصادر أن الحريري تحدث بتوسع عن المشاريع التي يرى أن باستطاعة روما المساهمة فيها من طريق شركاتها والخبرات الإيطالية في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل البحري بين المناطق اللبنانية (الذي يهيئ رئيس الحكومة لطرح مشروع طموح في شأنه يرى أنه يوفر على لبنان الكثير مالياً) والعالم. وكشفت المصادر اللبنانية أن بيرلوسكوني قال لنظيره اللبناني أنه استمع باهتمام إلى ما يحتاجه لبنان وأن حاجاته «ستكون أولويات عندي وسأطرح عليكم ما سنفعله». وأضافت أن تجاوب بيرلوسكوني كان واعداً في أمور عدة لن تكشف الآن، وأن لقاءه مع الحريري انتهى إلى مطالبته الأخير بمخاطبته في شكل مباشر ومن دون قفازات قائلاً له: «أنت الآن صديقي» بعد أن ذكره الحريري بأنه كان صديقاً لوالده الراحل. وقال بيرلوسكوني في المؤتمر الصحافي المشترك أنه عبر للحريري عن التزامه «القيام بكل ما يمكننا في مختلف القطاعات دعماً لتطوير لبنان... وأنني سأمارس الضغط على الاتحاد الأوروبي ليظهر اهتماماً متزايداً بلبنان ويكون أكثر انخراطاً بما يجري في المنطقة». وشكر الحريري إيطاليا على دورها منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان العام 2006 إضافة إلى إرسالها أكثر من ألفي جندي لقوة «يونيفيل». على صعيد آخر، قوبل تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى مجلس الأمن الدولي في شأن تنفيذ القرار الدولي الرقم 1559 بحملة شيعية مضادة عبّر عنها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في بيان أصدره بعد اجتماعه الدوري أمس برئاسة نائب رئيسه الشيخ عبدالأمير قبلان حمل فيه على التقرير الدولي متهماً إياه بالتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية ويأخذ بالاتهامات الإسرائيلية والبناء عليها في إدانة المقاومة من دون دليل، ومعتبراً ان هذا القرار بحكم الملغى. وكذلك استنكر «حزب الله» بشدة في بيان عن العلاقات الإعلامية منطوق «ناظر القرار الدولي 1559 المدعو تيري رود لارسن في بيانه الأخير لما يشكله من وصاية سافرة على لبنان واستحضار لعناوين إثارة الفتن الداخلية لقرار اصبح في حكم المنتهي». ورأى الحزب ان «لغة البيان تمالئ العدو الصهيوني وتتملقه بعدم إدانة انتهاكاته اليومية للسيادة اللبنانية في حين انها تكيل الاتهامات للمقاومة كون كاتبها يرتبط عضوياً بدوائر القرار العالمي ذات المصالح الموحدة مع العدو»، مؤكداً في الوقت نفسه للارسن «ان المقاومة ليست ميليشيا كما يوصّفها بيانه الجديد القديم»، ومشيراً الى ان «أسوأ ما في البيان محاولته الفاضحة للتعمية على مصادره في حديثه عن السلاح في لبنان، وهي مصادر مشبوهة يجري تجهيلها عمداً كون اسرائيل هي المصدر الأساسي لمعلومات لارسن». ورأت كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها الأسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في استمرار جلسات الحوار «مساراً ايجابياً يجب ان يصان ويتعزز»، لافتة الى «أن استمرار هذا الأسلوب في التعاطي مع القضايا الوطنية الكبرى والمسائل التي فيها تباين بين اللبنانيين ينمي ثقافة الحوار والتلاقي في مواجهة ممارسات سياسة الإبعاد والابتعاد والمواجهة». وتوقفت الكتلة امام «مواقف قادة العدو الإسرائيلي في ما يتعلق بطرح قضية الصواريخ والتهويل بها»، واعتبرت ان التهويل بها مرتبط بالإثارة الإعلامية والسياسية من جانب إسرائيل بهدف التأثير على مجريات الحوار الوطني اللبناني المنعقد حول سبل حماية لبنان والاستراتيجية الدفاعية وتصعيد أجواء التوتر والاحتقان في لبنان على أبواب الصيف الواعد بموسم سياحي استثنائي، مؤكدة ان التصرف بحكمة وتبصّر ودراية من شأنه ان يفوّت الفرصة على العدو في زعزعة استقرار لبنان.