هل ساهمت غرفة صناعة الإعلام المرئي في ضبط المشهد التلفزيوني المصري بعد مرور ما يقرب من عامين على إنشائها؟ وماذا عن تجاوزات بعض مقدمي البرامج والضيوف والتعامل مع ملفات الفضائيات الشائكة مثل قرصنة الأعمال الفنية وحقوق الملكية الفكرية وتجاوزات بعض الوكالات الإعلانية وتدخلها في المحتوى في شكل أضر المشاهد؟ ثم، هل تمتلك الغرفة سلطة قانونية لردع المحطات الفضائية المخالفة لقرارها؟ الرئيس الموقت لغرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع محمد الأمين، أشار إلى أن الغرفة رصدت أخيراً تجاوزات بعض الإعلاميين لجهة انتهاك الحياة الشخصية لأفراد، ومخالفة مدونة السلوك الإعلامي. وأوضح أن الشكاوى المتعلقة بتلك التجاوزات حوّلت إلى لجنة متابعة الأداء الإعلامي لمناقشة المشهد الإعلامي وما تضمنه من مهاترات وملاسنات تقاذفها بعض مقدمي البرامج، وأثارت استياءً شديداً لدى الرأي العام المصري والعربي. وأوضح الرئيس الموقت لغرفة صناعة الإعلام، مالك قنوات «سي بي سي» أن الغرفة ستتعامل مع المخالفين بكل حسم، مطالباً بتفعيل البند الرابع من خريطة الطريق المتعلق بإصدار ميثاق شرف إعلامي، إضافة إلى قانون تنظيم الإعلام. وبعيداً من تصريحات الرئيس الموقت للغرفة، دان مجلس إدارة الغرفة كل انتهاك للحياة الخاصة للمواطنين، أو للشخصيات العامة، أو الخوض في أعراضهم أو شرفهم أو إساءة لسمعتهم أو التشهير بهم، ونبهت الغرفة مديري القنوات الى ضرورة اعتبار مدونة السلوك الإعلامي الموقعة من نقابة الصحافيين، واتحاد الإذاعة والتلفزيون ونقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) والهيئة العامة للاستعلامات وغرفة صناعة الإعلام، جزءاً من السياسة التحريرية للقنوات وتعميمها على جميع مقدمي البرامج للالتزام بها، كونها نتجت من توافق الجهات الموقعة عليها. وشددت الغرفة على ضرورة اتخاذ الإجراءات الحاسمة والفورية من إدارات القنوات تجاه كل من يخالف بنداً من بنود مدونة السلوك المهني، وذلك بما يحمي حقوق المشاهدين وقيم المجتمع ويحفظ احترام القنوات، مع الإعلان عما تم في هذا الشأن. وأكد رئيس قناة «الحياة»، الأمين العام للغرفة، محمد سمير أن الغرفة ستعمل في الفترة المقبلة على ضبط عمل السوق الفضائية ووضع معايير وحدود لأجور مقدمي البرامج وأيضاً لأسعار المسلسلات الدرامية بخاصة مع الارتفاع الكبير الذي شهدته وأثره على الفضائيات التي حققت خسائر بمئات الملايين خلال السنوات الأخيرة، «المنتجون يغالون في أسعار المسلسلات في شكل مبالغ فيه والفترة المقبلة ستشهد تحديد سقف لأسعار المسلسلات بما يوفر هامش ربح للمنتج، ولكن من دون خسائر للفضائيات. السوق الإعلانية المصرية بليون و400 مليون جنيه منها 500 مليون خلال شهر رمضان فقط وسعر الدقيقة الإعلانية في مصر هي الأقل على مستوى الشرق الأوسط ووجود الغرفة والتكتلات الإعلانية سيساهم في رفع أسعار الإعلانات ليس فقط الفضائيات المشتركة في هذه الكيانات ولكن لكل الفضائيات». وأكد الأستاذ في كلية الإعلام جامعة القاهرة صفوت العالم أن غرفة صناعة الإعلام، تنظيم اعترفت به الدولة ولها شرعية، والمفترض أنها تحقق مصالح آلاف العاملين في مجال الإعلام خصوصاً بعد تزايد أعدادهم في القطاع الخاص، نظراً لزيادة عدد المحطات الفضائية، ومن يملكون هذه الفضائيات لهم تأثير كبير في نمط وحجم المشاهدة، ولا يعقل أن يكون قرار إغلاقها من سلطة فرد بعينه. وطالب العالم بدور أقوى لغرفة صناعة الإعلام في الملفات الخطيرة التي تواجه صناعة الفضائيات المصرية، بخاصة أن بعض المحطات الذي لا يبث عبر «نايل سات» يسطو على حقوق الغير ويعرض أفلاماً ومسلسلات لا يملك حقوقها من دون رادع. واعتبرت أستاذة الإعلام في جامعة القاهرة منى الحديدي أن غرفة صناعة الإعلام كيان ينظم أحوال الإعلام الخاص على رغم أنها ملك المستثمرين، ولكن في الوقت ذاته تعمل ببنود ميثاق الشرف الإعلامي. وشددت على ضرورة وجود قانون ينظم ويحاسب الفضائيات، وهي الجهة المنوط بها تحمل مسؤولية القنوات الخاصة. ودعت الحديدي إلى ضرورة الإسراع في إنشاء نقابة للإعلاميين، باعتبارها الكيان الذي ينظم عمل الفضائيات، وكذلك اتحاد الإذاعة والتلفزيون. ورأت أستاذة الإعلام في جامعة القاهرة هويدا مصطفى أنه ينبغي لغرفة صناعة الإعلام أن تدعم حق المواطن المصري في معرفة الحقيقة كاملة من وسائل الإعلام من دون تزييف أو تهويل. وطالبت الغرفة بضبط الأداء الإعلامي بخاصة في الفضائيات الخاصة التي شهدت أخيراً العديد من التجاوزات المهنية والخروج عن قواعد العمل المهني كقيام بعض المذيعين بإعلانهم صراحة عدم التزامهم المهنية والحياد والمبادئ العامة للإعلام وهذا كان سبباً في تعرض المواطن المصري لفوضى إعلامية. وطالبت مصطفى بضرورة الانتهاء من ميثاق الشرف الإعلامي الذي يمكنه تنظيم الأداء الإعلامي والمهني في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة. واعتبر الإعلامي ياسر عبدالعزيز، أن غرفة صناعة الإعلام ليست قادرة وحدها على ضبط المشهد الإعلامي في الفضائيات المصرية، «الدولة شريك أساسي في مسؤولية ضبط الأداء الإعلامي، ولا بد من إصلاح منظومة الإعلام المصري التي تحتاج إلى القوانين التي تنظمها الدولة». وأشار عبدالعزيز إلى أن الممارسة الديموقراطية في أي مجتمع تقوم على الكيانات المعبرة عن أصحاب المصالح، ولكن في إطار القوانين القائمة، مضيفاً أنه لا بد من توافر بعض الشروط في أي من الغرف أو الاتحادات المنشأة بمختلف الدول الديموقراطية، ومن بينها ألا تنتهج أي سياسات احتكارية، أو تعطيل أدوات المنافسة الحرة، موضحاً أن تلك الشروط تعد بمثابة الخطوط الحمر التي لا يمكن تجاوزها.