دافع الأزهر عن ما اصطلح بتسميته «دعاوى الحسبة» سيئة الصيت في مصر، والتي عوقب بمقتضاها مفكرون وأدباء كثر في العقدين الماضيين، ونالت قدراً كبيراً من الانتقاد إلى أن أقر المشرع حلاً وسطاً يقضي بتحريك دعاوى الحسبة من خلال النيابة العامة، في محاولة لإرضاء المؤيدين لهذه الدعاوى والمبدعين الرافضين لتحريكها. وأتى دفاع الأزهر عن تلك الدعاوى التي يتم بمقتضاها تحريك قضايا ضد المثقفين من أي شخص ببلاغ إلى النيابة العامة، في معرض تعليقه على حكم حبس الباحث في التراث الإسلامي إسلام بحيري. وسجن بحيري بعد أن قضت محكمة جنح مستأنف بمعاقبته بالسجن لمدة عام لإدانته ب «ازدراء الدين الإسلامي». وكانت محكمة جنح أول درجة عاقبت بحيري بالسجن لمدة 5 أعوام، فاستأنف الحكم، فخخفت المحكمة العقوبة إلى السجن لعام واحد. وكان محامٍ أقام دعوى قضائية ضد بحيري مطالباً بسجنه بسبب ما اعتبره «مساساً بثوابت الدين»، عبر حلقات برنامجه «مع إسلام» الذي أوقفته فضائية «القاهرة والناس»، بعدما أثار صخباً وجدلاً كبيرين، وصل حد اتهام الأزهر لبحيري ب «بث أفكار تمس بثوابت الدين». وقال وكيل الأزهر عباس شومان إن «الأزهر ليست له علاقة بسجن إسلام بحيرى... قد يظن كثير من الناس أن سجن بحيري يشعرنا في الأزهر بالفرحة أو الانتصار، وليعلم القاصي والداني أن لا علاقة لنا بما حدث له ولم نكن نتمنى هذا المصير له ولا لغيره، فقد خاصمنا القناة التي كان يعمل فيها وليس الشخص بعينه، وذلك بعد أن تجاوز الأداء حدود التعبير عن الرأي إلى ما لا يمكن للأزهر غض الطرف عنه من واقع الأمانة التي يحملها وواجبه نحو بيان صحيح الدين ودفاعه عنه... أما وقد اختصمه آخرون فهذا حق مكفول لسائر المواطنين فإذا رأى القضاء فيه رأياً وأصدر فيه حكماً فلا تعقيب على أحكام القضاء». وقال ل «الحياة» جميل سعيد، وهو محامي بحيري، إن موكله سُجن وفقاً لدعوى جنح مباشرة تم تحريكها من محامٍ، قال إنه «لحقه ضرر من جراء آراء بحيري». وقال ل «الحياة» المحامي الحقوقي حافظ أبو سعدة إن «سجن بحيري يُمثل عودة إلى دعاوى الحسبة التي انتهت منذ أقر المشرع عدم تحريكها إلا من قبل النيابة العامة». وأضاف أن «دعاوى الحسبة يخلق مُحركها صفة أو مصلحة له من دون داعٍ، وهذا الأمر حُسم بعد أن أوكل تحريكها إلى النيابة العامة». واستغرب «قبول الدعوى المباشرة من المحامي الذي اختصم بحيري، رغم كونه غير ذي صفة في تحريك الدعوى من الأساس... على محكمة النقض أن تفصل في هذا الجدل وفي بعض المواد في قانون الإجراءات وقانون المرافعات التي تسمح بتحريك دعاوى الحسبة». وقال إن حديث الأزهر عن «حق المواطنين في اختصام المبدعين» هو «دفاع عن دعاوى الحسبة التي كنا تجاوزناها منذ فترة، بعد أن أقر المشرع ضرورة توافر مصلحة شخصية أو وقوع ضرر مباشر على رافع الدعوى لقبولها». وحددت النيابة العامة جلسة 4 كانون الثاني (يناير) المقبل في محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية للنظر في الاستشكال المقدم من بحيري لوقف تنفيذ حكم حبسه إلى حين الفصل في النقض المقدم إلى محكمة النقض.