هل يُعقل في مصر الأزهر أن يكون شيخ الأزهر «غير ذي صفة»، وهو يُدافع عن الصحابة والتابعين ضد المتنطّعين الجُدد والمُفتِّشين الجُدد للتراث العظيم؟! والذي حدث أن شيخ الأزهر أمام هذا الطفح المتواصل في الصحف والقنوات الفضائية، بدعوى تنقية التراث، أقام دعوى عاجلة لوقف برنامج «علَّامة العصر الجديد» إسلام بحيري، ومنعه من الظهور الإعلامي، وهو العمل الذي قوبل بترحابٍ شديد، وراحة أشد من كل الغيورين ليس على الإسلام فقط، وإنما على سمعة ومكانة مصر العروبة والإسلام. فجأة خرجت هيئة قضايا الدولة -باعتبارها وكيلة عن رئيس مجلس الوزراء الذي اختصمه شيخ الأزهر- لتُعلن في مذكرة رسمية تلتها المستشارة «معالي محيي مهدي» أن اختصام شيخ الأزهر إنما جاء على غير ذي صفة وغير قائم على سند صحيح من القانون! وقالت المستشارة معالي لافض فوها، أو فض فوها بمناسبة حديث الفض: (إن منح التراخيص بمزاولة النشاط داخل المنطقة الحرة الإعلامية، وكذلك إيقاف أو إلغاء هذه التراخيص، وفقاً لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار ولائحته التنفيذية يخضع للهيئة العامة للاستثمار). ولأن ذلك كذلك، فإن شيخ الأزهر الذي أوكل المحامي «محمد عبدالرحيم» وكيلاً عنه «غير ذي صفة»! لقد كان مقام شيخ الأزهر وهو يرفع الدعوى يدافع عن الإسلام العظيم، لكن مقام إسلام بحيري في المنطقة الحرة هو الأقوى! لقد كان الرجل يأمل أن تنتهي دعواه سريعًا بغلق كل أبواب للفتنة، لكن السيدة المستشارة معالي، ومن واقع المستندات والإجراءات والأوراق والمحاضر القانونية، كان لها ولهيئة قضايا الدولة رأي آخر! أدرك أنها إجراءات قانونية، لكني أدرك أيضاً أن الأمر لو كان يختص بفلان أو علان -وليس بالبخاري ومسلم- لكان قد أخذ منحى آخر! أدرك كذلك أنه استثمار، وأنها منطقة حرة، لكني أدرك أكثر أن هناك «مناطق» أهم كثيراً، هي قلوب وعقول أبناء مصر والأمة كلها! أدرك أيضًا أن بحيري يحمل ترخيصًا، ويُعلّقه في رقبته أمام أي معترض، لكني أدرك أن «التراخيص» ينبغي أن تُمنح وبلا حدود؛ شريطة ألا تُسيء أو تُهاجم أو تهجم ليس على الأزهر فقط، وإنما على تراثنا العظيم. لقد سارع رئيس الوزراء لنفي التهمة عنه، مؤكدًا أنه لم يطالب هيئة قضايا الدولة بتقديم أي مذكرات، لكن السيدة المستشارة معالي تمسّكت بموقفها! وأمام ذلك تدخَّل مصدر مسؤول في مجلس الوزراء «ذات نفسه» وقال: (إن محلب لم يتقدم بطعن، لكن إعداد المذكرة هو عمل فني يتعلق بالهيئة).. ولأن الهيئة متمسِّكة برأيها، فلمن يذهب شيخ الأزهر؟!. [email protected]