قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الحكومة الاسرائيلية وافقت على ادخال مواد بناء الى قطاع غزة لاستكمال بناء 150 وحدة سكنية في مدينة خان يونس جنوب القطاع، وذلك للمرة الأولى منذ تشديد الحصار المحكم في أعقاب سيطرة حركة «حماس» على القطاع في 14 حزيران (يونيو) عام 2007. من جهتها، اعتبرت «حماس» ان زيارة الامين العام للامم المتحدة لقطاع غزة «غير كافية»، مطالبة المسؤول الدولي بقرار «سريع» يؤدي الى رفع الحصار الاسرائيلي عن القطاع. وقال الناطق باسمها فوزي برهوم إن «بان والامم المتحدة باستطاعتهما فك الحصار عن قطاع غزة وعليهما تحقيق ذلك، ومن المفترض ان يبنى على هذه الزيارة اتخاذ قرار فوري وسريع بفك الحصار ولجم العدوان المتواصل على شعبنا ومقدساتنا». وصرح بان خلال مؤتمر صحافي عقده قرب المنازل التي شرعت «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (اونروا) في تشييدها قبل سنوات في خان يونس وتوقفت بسبب الحصار: «أنا سعيد أن أقول لكم إن الحكومة الاسرائيلية وافقت على أن تستكمل اونروا بناء الوحدات السكنية». وأضاف: «هذا المشروع سيشمل اعادة بناء 150 وحدة سكنية، ومطحنة للقمح، ومنشآت للصرف الصحي، ومدرسة الكونتينر التابعة لاونروا، وادخال ألمونيوم وزجاج». ووصف موافقة اسرائيل بأنها «خطوة ايجابية»، واعداً بطلب «المزيد» منها. وخاطب سكان غزة قائلاً إن «الأممالمتحدة ستقف إلى جانبكم في هذه الظروف الصعبة، وأونروا ومنظمات الأممالمتحدة ستواصل خدمتكم من أجل بناء حياتكم وتقديم الخدمات، وهذا التزام الأمم والتزامي أنا شخصياً». تظاهرة لضحايا الحرب وتظاهر عشرات الفلسطينيين من ضحايا الحرب، خصوصاً الأطفال منهم، وهم يرفعون إعلاماً فلسطينية قرب معبر «ايريز» الذي سمحت اسرئيل للمسؤول الاممي باجتيازه الى غزة استثنائياً بعدما كانت رفضت ذلك قبل أيام. ورفع أطفال لافتات تطالب برفع الحصار عن غزة، واعادة اعماره، والسماح بحرية الحركة. وبخلاف المتظاهرين، لم يعر سكان القطاع أي اهتمام لزيارة بان، خصوصاً أن الغزيين فقدوا الثقة بالمسؤولين الدوليين تماماً كما القيادات الفسطينية، وباتوا لا يصدقون أي وعود. وكان بان زار القطاع مباشرة بعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة التي انتهت في 18 كانون الثاني (يناير) 2009 ودامت 22 يوماً. وفور وصوله الى القطاع أمس، جال برفقة المفوض العام ل «اونروا» فيليبو غراندي في عزبة عبد ربه شرق مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، التي تعد واحدة من أكثر المناطق التي دمرتها قوات الاحتلال الاسرائيلي أثناء الحرب الاخيرة، قبل أن يتوجه الى خان يونس. وسلم سكان عزبة عبد ربه رسالة أهل غزة المحاصرين باللغتين الإنكليزية والعربية للامين العام للامم المتحدة، طالبوه فيها بالتحرك العاجل لإنقاذ حياة آلاف المرضى المحرومين من العلاج بسبب الحصار الإسرائيلي، والتدخل الجاد لإنهاء الحصار ورفع معاناة أهالي غزة. وتزامنت زيارة بان مع زيارة للمبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل للمنطقة بدأها أمس من اسرائيل. وحض بان سكان غزة على عدم اللجوء الى «العنف». وفي كلمات بدت موجهة الى حركة «حماس» التي لم يلتق أياً من قادتها في غزة، حض بان على «الوحدة الوطنية الفلسطينية، والشرعية الدولية، والتزام التزامات منظمة التحرير الفسطينية». كما حض على «عقد صفقة تبادل الأسرى، اذ يمكن إطلاق أسرى فلسطينيين، والجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت» المعتقل في غزة منذ نحو أربع سنوات. واستنكر سقوط قتلى وضحايا مدنيين نتيجة الأعمال العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وشدد على ان «كل الهجمات الصاروخية (الفلسطينية) ضد اسرائيل يجب أن يتوقف فوراً». وقال: «أعرف أن هناك خلافات بين الأطراف، لكن يجب أن تُحل بالتفاوض وليس بالعنف». وأضاف انه «يتفهم» مخاوف اسرائيل من «حماس»، و «يشاطرها» هذا القلق، لكنه رأى أن مواصلة الحصار الإسرائيلي «يفرض معاناة غير مقبولة» على الغزيين، و «يضعف المعتدلين ويقوي المتطرفين». وأشار إلى أنه حضر اجتماع اللجنة الرباعية الأخير في موسكو الجمعة الماضي، والذي «قالت خلاله الأطراف إنها مصرة على تأييد الحقوق الفلسطينية، وتأييد الوحدة الوطنية، واقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، والدول الاخرى بسلام». ووصف بيان اللجنة بأنه «غير مسبوق». وأعرب عن أمله في أن تتحول المفاوضات غير المباشرة إلى «مفاوضات مباشرة تناقش صلب المواضيع الرئيسة بين الطرفين»، لافتاً الى أن «الأممالمتحدة واللجنة الرباعية والمجتمع الدولي طالبوا إسرائيل مراراً بتخفيف الحصار». وتوجه بالشكر الى أهل غزة «الذين شاركوني اليوم جزءاً من همومهم أثناء النقاش»، وقال: «أعتقد أن أهل غزة مصممون على أن يفعلوا الكثير للتخفيف من معاناتهم، وأنا أتعهد أن أواصل جهودي للوصول الى حل عادل لهذا الصراع». وأضاف: «نصف السكان في غزة تحت سن 18 سنة، يعاني أكثر من أي فئات أخرى بسبب الحصار، وهذه السياسة غير مفيدة، وهي ضد التجارة الشرعية، وتشجع التهريب وتضعف المعتدلين وتشجع المتطرفين». وزاد: «أعرف أن الظروف صعبة للغاية، لكن أقدر لسكان قطاع غزة الذين يقدمون لعائلاتهم الطعام على رغم كل الظروف الصعبة، وفي كل يوم يثبتون بطولتهم وأنهم أناس غير عاديين، وأنا أؤيدهم في ذلك».