أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمته أمام الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن بلاده تقف في طليعة الدول الإسلامية وفي خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب، مطالباً بتكاتف كل الدول للتصدي لذلك «الوباء». واستهل السيسي كلمته بالإشارة إلى «إنجاز» افتتاح قناة السويس الجديدة، الذي اعتبره «ينطوي على أبعاد تمس مجالات اقتصادية وأخرى تتعلق بقدرة مصر وتصميم المصريين على العمل بإخلاص والتغلب بشجاعة على الصعاب والتحديات». وتحدث مطولاً عن الفكر المتطرف. وقال إن المتطرفين يدّعون أنهم وحدهم من يملكون الحق في تفسير الإسلام، ويتناسون أن ما يروجون له ليس إلا تفسيرهم المغرض للدين، الذي لا يمكن أن يكون هو الإسلام بسماحته وعدله، لأن إنكارهم حق الآخرين في الاختلاف، هو إنكار لمشيئة الخالق. وأوضح أن المتطرفين «يسعون إلى تحقيق أغراض دنيوية وأغراض خفية ويستهدفون تجنيد أتباعهم والسيطرة عليهم وعزلهم عن أي مجال يتيح لهم فهم الدين الصحيح»، مشدداً على أن «أكثر من بليون ونصف البليون مسلم يرفضون أن يخضعوا لفكر تلك القلة القليلة التي تدّعي أنها تحتكر التحدث باسمهم، بل وتسعى من خلال تطرفها وعنفها إلى إقصاء وإسكات من يعارضها». وعبّر السيسي عن الأسى والحزن «عندما يواجه المسلم التمييز والأحكام المسبقة لمجرد انتمائه لهذا الدين العظيم، وهو الأمر الذي تعتبره قوى التطرف نجاحاً غير مسبوق لها، إذ إن من بين أهدافها إيجاد تلك الهوة بين المسلمين وغيرهم والعمل على توسيعها». وسأل «عن عدد المسلمين الذين ينبغي أن يسقطوا ضحايا للتطرف المقيت والإرهاب البغيض حتى يقتنع العالم أننا جميعاً، مسلمين وغير مسلمين، إنما نحارب ذات العدو ونواجه ذات الخطر؟». وقال: «كم من أبناء الدول التي تعاني ويلات الإرهاب ينبغي أن تراق دماؤهم، حتى يبصر المجتمع الدولي حقيقة ذلك الوباء الذي تقف مصر في طليعة الدول الإسلامية، وفي خط الدفاع الأول في مواجهته، وأنه لا بديل عن التضامن بين البشر جميعاً لدحره في كل مكان؟». وأوضح أن «التنظيمات الإرهابية تستغل أزمات سياسية لتحقيق أهدافها»، مشيراً في هذا الصدد إلى القضية الفلسطينية. وأكد أن تسويتها «سوف يقضي على أحد أهم عوامل عدم استقرار المنطقة وإحدى أخطر الذرائع التي يتم الاستناد إليها لتبرير أعمال التطرف والإرهاب»، مشدداً على ضرورة «تسوية تلك القضية من دون إبطاء حتى تتفرغ كل شعوب المنطقة لبناء مستقبلها معاً ولتحقيق الرفاهية والازدهار وإيجاد مستقبل أفضل لأجيالها». وعرض السيسي وجهة نظر مصر للتعامل مع مختلف القضايا الإقليمية وبؤر التوتر في المنطقة، وركز على الأوضاع في ليبيا التي قال إنها «انحدرت إلى منزلق خطير»، معتبراً أن ذبح المصريين على شواطئ ليبيا كان «نتيجة للتهاون في التصدي لتمادي المتطرفين في تحدي إرادة الشعب الليبي». ودعا المجتمع الدولي إلى «دحر» الإرهاب بفاعلية في ليبيا قبل أن «يتمكن من إيجاد قاعدة تهدد دول الجوار، وتمتد إلى عمق افريقيا». وأشار إلى أن سورية «تكاد تتمزق وتعاني خطر التقسيم في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة وأطماع أطراف إقليمية مكشوفة»، داعياً القوى الوطنية السورية إلى المساهمة بكل قوة في كل جهد يبذل للتفاوض حول «مخرج سياسي» من الأزمة يحقق تطلعات الشعب السوري. وتحدث عن الموقف المصري من الأوضاع في اليمن والعراق وأزمة اللاجئين. في غضون ذلك، التقى السيسي في نيويورك الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وقال المتحدث باسم الرئاسة السفير علاء يوسف إن الرئيس السيسي وجه الشكر للرئيس الفرنسي على «تيسير إتمام صفقة شراء مصر حاملتي طائرات الهليكوبتر من طراز ميسترال». وأشار إلى أن السيسي أكد اهتمام مصر بتنفيذ مشروعات تنموية بالتعاون مع الشركات الفرنسية والأوروبية، وهو ما رحب به الرئيس الفرنسي، مؤكداً عزمه تشجيع الشركات الفرنسية على مزيد من العمل والاستثمار في مصر. وعلى الصعيد الإقليمي، أكد هولاند، وفق المتحدث المصري، اهتمام بلاده بتحقيق الاستقرار والهدوء في منطقة الشرق الأوسط، بما يوفر مناخاً توافقياً مواتياً لتسوية النزاعات والمشكلات التي تواجهها دول المنطقة، سواء على مستوى الصراعات الداخلية أو على صعيد مكافحة الإرهاب والتطرف. وأكد الرئيس الفرنسي اهتمام بلاده بالتوصل إلى سلام عادل ودائم في المنطقة، مستعرضاً الاتصالات التي تجريها بلاده للمساهمة في تسوية القضية الفلسطينية. وشدّد على أهمية المضي قدماً على طريق السلام للحيلولة دون إحداث أي فراغ يمكن أن يستغل من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة، بما يمثّله ذلك من تهديد خطير لكل دول المنطقة. والتقى السيسي في نيويورك العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف إن رؤى الزعيمين توافقت حول أهمية التوصل إلى «حل سياسي» للأزمة السورية بما يضمن السلامة الإقليمية لسورية ووحدة أراضيها ويصون مقدرات شعبها، كما يكفل مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف. والتقى السيسي أيضاً رؤساء وزراء إيطاليا ماتيو رينزي ولبنان تمام سلام والعراق حيدر العبادي. وناقش مع الأخير سبل «مكافحة تنظيم داعش الإرهابي».