الأحداث الأخيرة في غزة كشفت للعالم أجمع عن حقائق مؤسفة وصور قاتمة ليس عن إسرائيل لوحدها في عدوانياتها وتعاملها باستهداف المدنيين الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء بغاراتها وصواريخها وطائراتها وقنابلها ومتفجراتها التي هدمت المنازل والأبراج على رؤوس سكانها وأطبقت المشافي والمدارس وأسقطت دور العبادة ولم تسلم من قذائفهم وقصفهم المتواصل حتى الحيوانات! فلا هي تنظر لحقوق الإنسان فما بالكم بالحيوان. ولا شك أن تصرفها يعكس مدى الحقد الكبير على الإنسان الفلسطيني الذي ترى بأنه لا يستحق الحياة مع سعيها لإبادته بانت أمام المجتمع الدولي -اليوم وقبل اليوم- من خلال سياسة التطهير والتجويع والقتل بقطع الماء والغذاء والدواء. ولعل إمعانها في محاولة إجلاء سكان غزة يعطي الدلالة الواضحة لمدى العنجهية التي تلازمهم دائما بذرائع واهية في ظل الصمت العالمي على جرائمهم الكبرى. فإذا كانت المقاومة مشروعة للشعوب المحتلة فإن القتل الذي تمارسه إسرائيل مرفوض في القانون الدولي لكن إسرائيل كعادتها لا تأبه بحق المدنيين اطلاقا. لأنها تعلم تماماً عدم مشروعيتها ولعل آخرها زعمها بقطع رؤوس الأطفال وحرقهم من قبل مقاتلي حماس لتبرير ما يقومون به من عنف في حق المدنيين ولاستعطاف الحكومات الغربية التي تعلم جيداً بأنها تقف في صفهم دعماً ومساندة. هذه الحقائق القاتمة عن إسرائيل ورئيسها "نتنياهو" قد طالت بعض دول الغرب التي تسابقت في التضامن معها وتبرير أفعالها وفي مقدمتها حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية ورئيسها "بايدن" الذي تحمس وتحدث قبل أن يتحقق من صحة المعلومات وكان يجدر به كزعيم أكبر دولة في العالم أن يعرف الواقع أولاً و وألّا ينحاز وأن يبتعد عن المحاباة لأن ذلك يعطي فكرة غير جيدة عن الإدارة الأمريكية التي يعتقد المجتمع الدولي أنها غير جديرة بقيادة العالم مع هذا الصلف والانحياز بإرسال حاملة الطائرات لمواجهة أفراد قليلين من كتائب القسام التي لا تُقبل ولا تُبرر بعض أفعالهم، رغم أنهم ينظرون إليها بأنها أعمال مقاومة لإجبار إسرائيل للاعتراف بحقهم المهدر. ومع ذلك فإن القيادة الفلسطينية لم تؤيد ما قامت به تلك الفصائل. وبصرف النظر عن كل ذلك فإن الحقيقة بانت وأن الادعاء الإسرائيلي بقطع رؤوس الأطفال باطل. وما صرحت به "إيوني بيلارا" القائم بأعمال وزير الحقوق الاجتماعية بأسبانيا بتجريم رئيس إسرائيل لمحاولته الإبادة الجماعية لسكان غزة يمثل شاهداً على صحوة الضمير وتطالب حكومتها بتقديم "نتنياهو" إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وقد انبرى لمثل ذلك لأن العالم الحر يرفض العنف ولا يقبل الظلم. وقفة تحية للقيادة السعودية الحكيمة التي تعمل دائما من أجل العرب والمسلمين والسلام العالمي ومواقفها المعلنة برفض استهداف المدنيين وإزهاق أرواح الأبرياء، وتأكيدها على ضرورة مراعاة مبادئ القانون الدولي الإنساني، وجهودها وتواصلها الإقليمي والدولي لوقف الهجوم على قطاع غزة وموقفها الثابت تجاه مناصرة القضية الفلسطينية ودعم الجهود الرامية لتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.