فيما يتوجه رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، إلى اليونان، الخميس المقبل، لبحث تداعيات الاتفاق البحري والعسكري الموقع مؤخرا بين الرئيس التركي، رجب أردوغان، ورئيس حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، يسارع المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، اتصالاته الدولية للتحضير لمؤتمر "برلين" للسلام في ليبيا، المزمع انعقاده مطلع العام المقبل، بمشاركة مجموعة الدول السبع وأخرى معنية بالملف، وحذر سلامة من فشل المؤتمر بسبب خطورة الاتفاق بين "أردوغان والسراج" على المسار السياسي، مؤكدًا أن البديل "مروع"، مما يؤشر إلى اشعال الاتفاق للصراع في ليبيا و"المتوسط". مخالفات بالجملة يخالف الاتفاق العسكري بين السراج وأردوغان قرار الجامعة العربية ضد تركيا ردا على غزوها الشمال السوري، إذ قررت الجامعة في أكتوبر الماضي، "خفض العلاقات الدبلوماسية ووقف التعاون العسكري، ومراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية مع تركيا"، فضلًا عن أنه يزكي نار الصراع الليبي في ضوء تزويد أنقرة لحكومة الوفاق "غير المعترف بها من البرلمان" والمليشيات الإرهابية المتحالفة معها بالسلاح، ويفتح الباب أمام إنشاء قواعد عسكرية تركية على الأراضي الليبية. بينما ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا يعد باطلًا لأن البلدين لا تربطهما حدود بحرية مشتركة، كما أنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي، ويجور على الحقوق البحرية اليونانية والقبرصية، وعلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين ومصر. إضافة إلى ذلك، يتجاوز الاتفاق العسكري والبحري بين أردوغان والسراج، صلاحيات الأخير وفق اتفاق الصخيرات بالمغرب في ديسمبر 2015، حيث لم تحصل حكومته على موافقة البرلمان الليبي، بل أن قرابة نصف أعضاء المجلس الرئاسي انسحبوا منه، كما أن سريان الاتفاقيات بين الدول مشروط بموافقة البرلمانات الوطنية، الأمر الذي لا يتوافر في هذه الحالة، حيث يرفض ويدين البرلمان الليبي بشدة "اتفاق إسطنبول". وقد طالب رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، أمين عام الجامعة العربية بعرض الاتفاق العسكري على مجلس الجامعة، لكي "يُصدر قرارًا بسحب اعتماده لحكومة الوفاق، واعتماد مجلس النواب بدلًا عنها، وعدم الاعتراف بمذكرة التفاهم المذكورة، واعتبارها كأنها لم تكن". وشدد "صالح" على أن السلطة التشريعية "لا تعترف بمذكرة التفاهم التي وقّعت بين حكومة الوفاق وتركيا، وما يترتب عليها من التزامات"، مشيرًا إلى أن الدولة الليبية "في حلٍّ منها ولا تتقيد بها". وحذر رئيس البرلمان الليبي من أن "السلاح التركي يتدفق إلي حكومة الوفاق عبر ميناءي مصراتة وطرابلس، وهو أمر لا تخفيه بتصريح من رئيسها ونوابها"، معلنًا أن الهدف من مذكرة التفاهم "استباحة أراضي الدولة الليبية وأجوائها وموانيها ومياهها الإقليمية من قِبل الجيش التركي" بينما أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، أن "المعركة أصبحت ضد الأطماع التركية في الأراضي والثروات الليبية"، معتبرًا الاتفاق "خطوةٌ عدائية تهدد السلم والأمن الدوليين والملاحة البحرية، كما يؤثر بشكل مباشر على مصالح دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وينافي القوانين والأعراف الدولية". تنديد دولي وقد أعلنت اليونان ومصر وقبرص رفض الاتفاق باعتباره "انتهاكا سافر للقانون الدولي وطردت أثينا السفير الليبي، وطلبت قبرص من محكمة العدل الدولية في لاهاي "حماية حقوقها في الموارد بالبحر المتوسط". فيما دعا الاتحاد الأوروبي وفرنسا وروسيا تركيا إلى احترام سيادة ليبيا، وتجنُّب اتخاذ أي خطوات تزيد من حدة توتر الأوضاع المعقدة في ليبيا ومنطقة البحر المتوسط، وتبنت ايطاليا والإمارات والعديد من الدول مواقف مشابهة. يذكر أنه تم التكتم على تفاصيل الاتفاق، لكن وفق مؤشرات وتسريبات فإنه يمنح نفوذا لأنقرة على الأراضي والمياه الليبية والمتوسطية، بما يناهض مقتضيات سيادة الدولة الليبية وحقوق دول الجوار، وقد وقع تزامنا مع تجديد أردوغان لتعهداته باستمرار دعمه لحكومة الوفاق.