لا جديد في السياسة التركية في التدخل بشؤون الدول الأخرى، وإشعال نيران الحروب فيها، إذ صادق البرلمان التركي اليوم (الخميس) على مذكرة رئاسية مثيرة للجدل تسمح لأنقرة بإرسال جنود إلى ليبيا لدعم مليشيا حكومة الوفاق الوطني، في خطوة تنذر بتصعيد النزاع الدائر في ليبيا. وصوت 325 نائبا مقابل 184 لصالح مشروع القرار. وكان نقاش المذكرة المقدّمة من الرئيس رجب طيب أردوغان قد انطلق الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش، إذ يحوز حزب أردوغان وحليفه «الحركة القومية» غالبية برلمانية تتيح تبني النص. وتندرج هذه المبادرة في سياق اتفاق التعاون العسكري والأمني الذي جرى التوصل إليه بين أردوغان وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق، ويسمح الاتفاق للطرفين بأن يتبادلا إرسال عسكريين أو عناصر من الشرطة من أجل مهمات تدريب وتأهيل. وسبق للرئيس التركي أن شدد مراراً على تصميم بلاده على تقديم دعم عسكري لحكومة السراج، وعلى الحكومة التركية الحصول على موافقة البرلمان لتتمكن من نشر قوات في ليبيا، على غرار ما فعلت خلال السنوات الماضية لإرسال عسكريين إلى سورية والعراق. وهذا هو فحوى المذكرة التي رفعت (الاثنين) إلى البرلمان، غير أنّ متابعين للشأن الليبي يتساءلون عما إذا كانت تركيا تنوي إرسال جنود إلى ليبيا أو أن تواجدها هناك سيقتصر على إرسال «مستشارين عسكريين» دعماً لحكومة الوفاق. وكان نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي أكد أمس (الأربعاء) أنّ الجيش التركي «مستعد»، ولكنه لفت إلى أنّ طبيعة الانتشار وحجمه سيتحددان وفقا ل«تطورات الميدان». وإضافة إلى صعوبات الانتشار اللوجستية في بلد غير حدودي مع تركيا، مثل سورية، فإنّ انتشارا تركياً في ليبيا قد يؤدي إلى صدام مع روسيا. وبرغم أنّ موسكو تنفي وجود مرتزقة روس في ليبيا، فإنّ مبعوث الأممالمتحدة غسان سلامة والرئيس التركي يؤكدان أنّ هؤلاء يعملون إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وكانت تركيا قد سرّعت تطوير علاقاتها مع حكومة الوفاق بتوقيعها في نهاية نوفمبر الاتفاق العسكري الأمني وآخر يرتبط بترسيم الحدود البحرية. وأثار الاتفاق الثاني غضب اليونان بشكل خاص التي دعت الأممالمتحدة إلى إدانة الاتفاقية التي من شأنها أن تمنح أنقرة سيادة على مناطق غنية بالمحروقات في البحر المتوسط، خصوصاً قبالة جزيرة كريت. وباتت تركيا في حاجة ماسة إلى الاتفاق مع حكومة الوفاق في طرابلس لدعم مطالباتها في شرق المتوسط حيث تنضوي دول مثل اليونان وجمهورية قبرص ومصر ضمن جبهة واحدة. ورأى غسان سلامة في مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية نشرت (الاثنين) أن الاتفاقين اللذين وقعتهما حكومة الوفاق مع أنقرة يشكلان «تصعيدا في النزاع» ويساهمان في «تسريع تدويله وتوسعه لاسيما إلى المجال البحري». وكان تصويت البرلمان التركي مقررا الأسبوع القادم غير أنّ الحكومة طلبت تقديم موعده بسبب الصعوبات التي تواجهها حكومة الوفاق في طرابلس.