كثير من الناس يعتقد أن الأمراض النفسية أشبه بالحالة المزاجية العابرة، التي تزول مع الزمن من دون أي تدخلات علاجية وطبية، هذا المستوى المتدني من الوعي حول الأمراض النفسية، مدمر وقاتل ليس على الصعيد الفردي الذي يمسّ صحة وحياة المريض فقط وليس على الصعيد الأسري الذي يحوّل حياة أسرة المريض من نعيم إلى جحيم بسبب إهمال حالة المريض أو اتباع طرق غير علمية بالعلاج وحسب، بل أيضاً على الصعيد الاجتماعي الوطني والأمني. والسؤال هنا هو كيف ترتبط الأمراض النفسية والعقلية بأمن المجتمع والدولة؟ معظمنا سمع بالحادثة التي حصلت في فرنسا عندما دهس مجرم إرهابي بشاحنته مواطنين فرنسيين منهم أطفال ويافعون بشاحنة يقودها بأقصى سرعة ممكنة لأسباب لا تعدو لكونها إجرامية وإرهابية.عند مراجعة سجل هذا المجرم وُجِد أن لديه ميولاً عنيفة وله سوابق بضرب أفراد أسرته وأقاربه.والمهم هنا هو كونه مصاباً باكتئاب حاد.إن مرض الاكتئاب يبدأ باعتباره نقطة سوداء في الدماغ ويكبر شيئاً فشيئاً متغذياً على كل الإيجابية والدوافع والرغبات والآمال والطموحات، وأبشع مرحلة يمكن أن يصل إليها هذا المرض هو المرحلة التي يقضي فيها على الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية ليجعل من صاحبه، إنساناً له دوافع انتحارية، لا مبال، لا منطقي، وفريسة سهلة بيد أي شخص أو أي منظمة إرهابية، لأنه ببساطة لا يفكر بشكل سوي ومنطقي.