ليست مبالغة إن قلت أن السعوديين أكثر من يضع ( هاشتاقات ) في تويتر ، وذلك ضمن الإطار (السيبروني ) العربي ، ولا أبالغ إن قلت أيضاً أن معظم تلك (الهاشتاقات) تافهة بالمقارنة مع ما نعيشه نحن السعوديون الآن من توتر سياسي جراء الأزمات السياسية المحيطة بنا ، سواء في الجنوب وحربه التي لم تضع أوزارها بعد ، أو في الشمال الذي أخذت الأوضاع فيه تنساق سوقاً باتجاه فرض حرب جديدة علينا باعتبارنا السيف العربي الأخير الذي لم يعد لديه الخيار سوى خيار كرامة الأمة وشرفها ، أو جراء التوتر الاقتصادي الذي يخيم علينا اليوم مع انخفاض تسعيرة البترول في الأسواق العالمية ، وما تبعه من برامج وإجراءات تقشفية أفرزت الكثير من الهواجس والقلق داخل الذهنية العامة للمجتمع ، خاصة حول مآلات كل ذلك في المستقبل القريب والبعيد معاً ، فضلاً عن بقية التوترات القائمة أصلاً قبل التطورات الأخيرة جراء معضلة السكن والتأمين الصحي والبطالة وغيرها مما لا نجد له أي عنوان في رزمة ( الهاشتاقات ) اليومية التي يصدرها بعض السعوديين في تويتر بكل أسف ، والأمر المؤسف الآخر أن المتربصين بنا في الخارج سيما أولئك الذين يجندون كافة إمكاناتهم الإعلامية لضرب سمعتنا أمام العالم يتلقفونها كما تتلقف العصابات أطفال الشوارع والمشردين لتوظيفهم في كل جرم وعمل قذر ، بل أكاد أجزم أن كثيراً من خصومنا الآن في المحافل الدولية واللقاءات العالمية بدأوا بالفعل في توظيف تلك الهاشتاقات كشواهد للنيل من ترسانة تلك الثقة الدولية التي لم تزل تحظى بها السعودية في العالم ، سواء على صعيد الحريات الأساسية أو حقوق الإنسان ، الأمر الذي يجب على كل سعودي التنبه له ، فمعظم ( الهاشتاقات ) التي ننشئها في تويتر بكل أسف ليست مما ينبغي تصديره للعالم على أنها عناوين لأبرز قضايانا ومشكلاتنا ، ولا أدل على ذلك من ( هاشتاقاتنا ) في الأسبوعين الأخيرين وأنتم تعرفونها جميعاً دون الحاجة لسردها ، فالعالم يشمل الكاره والحاقد والمتربص كما يشمل المحب والمنصف والمحايد ، ومثل هذا العالم لا أتصور أنه مهتم بصراعاتنا الفكرية ومناكفاتنا الشخصية بقدر ما يعنيه تسجيل مخالفاتنا لما تعهدنا به في المواثيق الدولية ، إذ كل ( هاشتاق ) يصورنا عنصريين أو متطرفين بالصوت والصورة فيما بيننا يعد نقطة علينا هناك ، كذلك الطائفية والتمييز ضد المرأة وحقوق الأقليات وكل مما يدندن عليه المناوئون ويراهن عليه المتربصون ببلدنا في العالم … إن لم نكن حذرين في التعاطي معها ونقلها للعالم بشكل واع تحولت على طاولة المباحثات الدولية لنقاط ابتزاز ضدنا ، الأمر الذي قد يضعف مصداقيتنا خلال معاركنا السياسية ، أو يتسبب في تخفيض تصنيفنا الإئتماني على الصعد الاقتصادية ، أو في أقل الأحوال يجعلنا مثار سخرية في وسائل الإعلام العالمية ، لذلك من الحكمة أن يعي قرابة الخمسة ملايين سعودي في تويتر مغبة تضخيم التوافه وتصدير النوادر في عيون العالم على هيئة وسوم و ( هاشتاقات ) قد تعود بالضرر على مواقفنا السياسية وحروبنا الإعلامية أكثر من نفعها على الصعيد الاجتماعي المحلي ، ولنستشعر جميعاً حساسية المرحلة التي لها مقتضياتها واعتباراتها الاستثنائية ، فإن لم يكن وجه الوطن ووحدته وسلامة مواقفه هاجسنا الآني وهاشتاقنا الدائم خلال هذا الظرف العصيب فمتى يكون يا ترى؟. @ad_alshihri [email protected]