حذر أكاديمي واختصاصي تقني سعودي الحكومات العربية من استهداف العالم بإرهاب إلكتروني جديد يفوق في خطورته الإرهاب التقليدي بمراحل عدة، مشدداً على ضرورة إعداد العدة لمثل هذا النوع الذي يعرف عالمياً ب«الإرهاب السيبروني»، وتنضوي تحت لوائه مجموعات إرهابية خطرة. وقال الأستاذ المشارك في قسم نظم المعلومات في كلية الحاسبات وتقنية المعلومات بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسين سندي في دراسة له، (تحتفظ «الحياة» بنسخة منها)، «إن مكتب التحقيقات الفيديرالية يُعرّف الإرهاب «السيبروني» بأنه هجوم ضد أنظمة الكومبيوتر والبرمجيات والبيانات بدوافع سياسية، ما يؤدي إلى عنف على أهداف غير قتالية، كما يعرف الإرهاب «السيبروني» كذلك بأنه استخدام الموارد الحاسوبية (الكومبيوترية) ضد أشخاص أو ممتلكات للأذى أو إجبار الحكومة أو الشعب للرضوخ لمطالب سياسية أو أهداف اجتماعية». وأكد الدكتور سندي أن الدول الكبرى أدركت خطر الإرهاب «السيبروني» واتخذت تدابير احترازية عالية لمكافحته مثل أميركا التي خصصت حكومتها الفيديرالية 4.5 بليون دولار لأمن البنية التحتية الحاسوبية، في ما تعاقد مكتب التحقيقات الفيديرالية مع أكثر من ألف متخصص بدرجة الدكتوراه لوضع إستراتيجيات لحماية هذه البيئة من خطر هذا النوع من الإرهاب، كما أسس الرئيس السابق جورج بوش إدارة متكاملة للأمن «السيبروني» داخل البيت الأبيض، وقام الرئيس الحالي باراك أوباما بتطويرها وإضافة كوادر إضافية. وأوضح سندي أن خطورة الإرهابي «السيبروني» تكمن في أنه يمكن للإرهابي وضع مجموعة من القنابل حول مدينة ما، جميعها تبث موجة رقمية فريدة وكل منها تستقبل إرسال الأخرى، إذ لو أن واحدة منها توقفت عن البث، جميعها تتفجر. وأضاف: «كما يستطيع الإرهابي «السيبروني» كذلك أن يدخل من بعد على كومبيوتر تجهيز علب «الكورن فليكس» مثلاً، ويغير كمية الحديد المضافة إليه وبالتالي يتسبب في مرض أو موت أطفالنا لتناولهم هذا الإفطار». وزاد: «الإرهابي التقليدي يدعم أدواته الإرهابية بطرق حديثة مثل استخدام «الكومبيوتر والإنترنت» لنشر الفكر الإرهابي وتجنيد الشبان للأعمال الإرهابية متخذاً «الإنترنت» والنظم وسيلة له، فيما الإرهابي التقني الذي يجيد أدوات الإرهاب «السيبروني» يستخدم الإنترنت والنظم كهدف، وهو غالباً ما يتصرف بناء على دوافع سياسية وليست مالية». وحذّر سندي من استهداف الإرهابي «السيبروني» للجيل الجديد من نظم الكومبيوتر، كأبراج المراقبة الجوية والتسبب في تصادم الطائرات، إضافة إلى قدرتهم من بعد على تعديل معادلة صيدلانية لدواء في مصنع ومن ثم التسبب في موت ناس كثر، أو تعديل قوة الضغط في خطوط الغاز الممدودة للبيوت والتسبب في إحراق وتفجير حي بأكمله، وكذلك خطوط الكهرباء وغيرها. وحول ارتفاع احتمال حصول الإرهاب «السيبروني»، أكد الدكتور سندي ذلك، قائلاً: «إن الشبكات لم تصمم لتكون آمنة، والبرمجيات تحوي أخطاء، كما أن القائمين عليها ليس لديهم في كثير من الأحيان الكوادر أو المهارات المطلوبة لجعلها تعمل بطريقة آمنة، إضافة إلى أن القوانين والأنظمة لا تجاري التقنية السيبرونية». وذهب سندي إلى سهولة الهجوم على الكومبيوتر وشبكاته، إذ تستطيع مجموعة صغيرة بتمويل بسيط عمل ضرر كبير وخطر قد يكلف الدولة بلايين الريالات، وكل ذلك يتم من بعد ولا تجدي معه أجهزة رصد المعادن والمتفجرات والحدود وشرطة الحدود والحواجز الأسمنتية. وأضاف: «إن الإرهابي «السيبروني» يستطيع إخفاء هويته الحقيقية، وإمكان فرض القيود عليه ضعيف جداً نظراً إلى أن جميع أعماله تتم من بعد، كما أنه يستطيع انتقاء أهدافه كما يشاء، فمثلاً بإمكانه تكبيد الدولة خسائر مالية ضخمة من دون خسائر في الأرواح». ولفت سندي إلى أن التحقيقات العالمية والتجارب أثبتت إمكان استئجار خبرات الإرهاب «السيبروني»، إضافة إلى اكتساب هجماتهم الناجحة سمعة ودعاية عالمية، إلى جانب استطاعة أولئك الإرهابيين على تجنيد المؤيدين من جميع أنحاء العالم، واستخدام الإنترنت للحصول على الدعم المادي، كما يقدم لهم «الإنترنت» الوسيلة المثلى للدعاية لفكرهم على المستويين المحلى والعالمي، في ظل عجز الحكومات عن التحكم أو الرقابة عليهم. وبحسب سندي، يمكن القول إن القدرة على القيام بهجوم «سيبروني» سريع ومدمر سهلة جداً ومن دون كلفة تذكر، مستشهداً بحادثة حصلت في عام 2000 حينما تمت مهاجمة كومبيوتر نتج منه ضخ مياه المجاري في خزانات إمداد مياه الشرب وتسبب ذلك في تلوث المياه، وهو عمل نفذه مهندس أسترالي كمحاولة منه لإثبات خطورة الإرهاب «السيبروني» على دولته.