الكاتب بهذه الجريدة الزميل مقبول بن فرج الجهني كان وما يزال من ضمن المتابعين لمشاركة الشاعرة السعودية عيدة الجهني المعروفة باسم وحيدة السعودية في مسابقة "شاعر المليون" في نسخته الثالثة التي استطاعت من خلالها التأهل إلى المرحلة ما قبل الاخيرة من المسابقة كأول شاعرة شعبية على مستوى الوطن العربي، "عيدة" التي أثبتت مقدرتها الشعرية وما تنفرد به من ابداع قالت من جهتها انها تحلم بالحصول على بيرق الشعر وستعمل على تحقيق هذا الحلم بكل ما اوتيت من شعر. وعن مشاركة عيدة الجهني في هذه المسابقة بعث لنا الزميل مقبول الجهني بالموضوع التالي والذي ندعوكم لمشاركتنا قراءة ما جاء فيه فإلى نصه .. قبيلة جهينة قبيلة قحطانية وتاريخها معروف للقاصي والداني وقبيلة جهينة تاريخها ناصع، ولا أكثر من مناصرتها للنبي الكريم "محمد صلى الله عليه وسلم" عندما هاجر من مكة إلى المدينة، ولا أريد التوسع في تاريخ هذه القبيلة وأترك هذا الأمر لرجال التاريخ، إنما جعلت هذه مقدمة مبسطة جدّاً للحديث عن فارسة الشعر عيدة العروي الجهني، فقد كانت بحق متميزة في شعرها وفي إلقائها وفي نصوصها الشعرية، وفي ادائها المتميز في مشاركتها في برنامج شاعر المليون، وحتى لا اتهم بالتحيز لإبنة العم فإنني سأنقل حرفيا وبالنص ما قرأته وما سمعته عن الشاعرة عيدة، فقد تحدث كل من جهز العتيبي، وزايد الرويس في برنامج "درب البيرق" وهو برنامج مرادف لشاعر المليون يعطى تحليلا عن الشعراء الذين سبق لهم القاء قصائدهم في البرنامج، تحدث هذان الشاعران عن الشاعرة عيدة بأن قصيدتها كانت عظيمة، وأنها تعتبر نموذجا نسائيا رائعا، وأثنى جهز العتيبي على قبيلتها المشهورة "جهينة" وأيضاً الزميل عبدالعزيز الصعب نشر في الزميلة الرياض في عددها بتاريخ 4 صفر بأن ما قدمته الشاعرة المبدعة عيده الجهني ضمن مسابقة شاعر المليون، وما قدمته من ابداعات نصية أوصلها إلى المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها حتى الآن، يعطي انطباعاً واقعيّاً بأن الشاعرة السعودية اثبتت وبجدارة ما تملكه من ابداعات شعرية، وما عيدة إلا نموذج شاهدناه في تلك المسابقة، مضيفاً الصعب: أن الشاعرة عيده تملك جرأة أدبية ومحاكاة شعرية فذة، وهذا ما قادها بكل جدارة الى المراحل المتقدمة من البرنامج،وعلى لجنة التحكيم أن تراعي ما وصلت اليه الشاعرة عيدة من تقدم سر كل من تابع هذا البرنامج، واذا كانت الشاعرة عيدة وهي تمثل تلك الابداعات الشعرية النسائية فهذا ولا شك يمثل انجازاً حقيقيّاً يحسب لنا ولأدبنا الشعري، في الحلقة من البرنامج الذي ظهرت فيه شاعرتنا المبدعة عيده، الجميع يشيد بما قدمته من إبداع نصي وعمق في المعاني النصية وتميز في الالقاء كل ذلك أوحى لنا بشاعراتنا المعاصرات التي أبدعن في شعرهن، رأى الجميع أيضا من القوة في الاداء وثقة في النفس استطاعت من خلال ذلك الوصول إلى ذائقة الحضور في المسرح والمشاهدين خلف الشاشة، وهي بذلك كانت مثالاً رائعاً للشاعرة السعودية المتمكنة صاحبة الخبرة، ولعل وحيدة السعودية اعطتنا بلا شك نموذجا صحيحا لما تملك الشاعرة من مقومات شعرية تستطيع بواسطتها الدخول أو بمعنى أصح الصعود على منابر الأدب والشعر، يبقى أن نقول إن الابداع الشعري هو من يسيطر على الحصول على التأهل وحصد الجوائز. ولعل شاعرتنا خير من يمثل الابداع في هذا المجال. يشيد كاتب آخر وهو الزميل ماجد الغامدي كتب في صفحة "شعبي" في الزميلة المدينة في عددها الصادر بتاريخ 3 صفر قائلاً إن عيدة الجهني جاءت على سجيتها المحافظة وطبيعتها المتأصلة لتؤكد بذلك أن المرأة السعودية شريكة المعرفة والابداع وقرينة الكبرياء والتميز، جاءت عيدة "بالخبر اليقين عند جهينة" الذي لا ينكره منصف لتقول إن الشعر أكثر تأثيراً عندما تلمس الصدق في أبياته وترى التزامه بمبادئ قائله، وان الحياء إن لم يكن جلباب فخر فلن يكون أقل من رداء كرامة وسندس كبرياء ومحارة لؤلؤ، الشاعرة لم تغفل ما قد يقول ضعاف النفوس من استهجان،أو استغراب فأكدت بأبياتها الافتتاحية اصالتها وتمسكها بتقاليدها بما يثبت علو كعب شاعريتها، وفوق ذلك لامست بجمال قصيدتها جوزاء الابداع فاستهلت القصيدة بما يشير إلى توجهها الديني بقولها:" يا سحاب من القبلة" ثم في اختيارها موضوع القصيدة الذي ابتعد عما يشاع عن طبيعة المرأة الرقيقة وبوحها الشغيف فصورت الكثير من تجاذبات النفس وتضاريس الحياة التي لم تغير مسيرة جواد الاصالة ومهرة النقاء "حالفة يا جوادي للردى ما تغبر" صورة رمزية عالية تؤكد أن مواضيع الشعر ليست قصراً على فئة معينة، وان الشاعر المطبوع يستطيع الكتابة خارج سرب المألوف، وقد اجادت الشاعرة عيدة في هذا المنحى شعراً وفكراً وثقافة مازجت بين البداوة والأصالة "هملول، ضعن" حادي، مستمدة ذلك من ذاكرة ثقافية وتاريخية "لو بذي مرخي من زغب الحواصل جياع" في اشارة لقول الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر ثم في رسالة الشاعرة التي أوصلتها بكل وضوح عبر مسيرتها الادبية الحافلة بالنجاح وقالتها في قصيدتها مجدداً: حالفة يا جوادي للردى ما تغبر لو بذي مرخ من زغب الحواصل جياع وهو جواد معقود بناصيته الخير نتمنى أن يصل بك إلى بيرق الشعر، عيدة الجهني التي امتطت صهوة الابداع واناخت الذائقة وتربعت عروش الاعجاب بما تركز عليه من ثقافة عالية وتوغل في الموروث وما تحمل من موهبة صادقة ومتفردة وما تتسم به من محافظة والتزام بالدين والتقاليد وما تمتلك من فكر سكب الدهشة في قوالب الشعر ونقش بصحة الاعجاب على لوحة التميز، عيدة التي قالت في مقدمتها على شاطئ الراحة "ليبقى الشعر حيّاً ما بقينا" أكدت هذا القول على واقعها المحتشم لصاحبة الموهبة الحقيقية رغم ما قد يقال عن شاعرية المرأة او حقها في الظهور التلفزيوني فضلا على تجلي ثقافتها واطلاعها الواسع، وبعد هذا انتقل الى الزميلة مرام عبدالرحمن مكاوي التي كتبت في صفحة الرأي في الزميلة الوطن بتاريخ 2 صفر مشيدة بالشاعرة عيدة، والتزامها بالأسس الدينية بالتزامها بالحجاب، وسفرها بصحبة محرم، وألقت شعرها في مكان عام دون أن تكشف وجهها، مضيفة ولنتذكر بأن الخنساء كانت شاعرة ولم نعرف أنها تركت قول الشعر بعد اسلامها، وكانت النساء مع الرجال ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأماكن العامة والكل يسمع اصواتهن، وكم من حديث يذكر قصة تدل على ذلك، ثم ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو من هو في شدته قد عين الشفاء بنت عبدالله في مرتبة وزيرة او مستشارة وعضوة في مجلس الشورى، فقد كانت رئيسة ما يشبه جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانت هذه السيدة المحتسبة تذهب للأسواق وتتحدث مع الرجال بشأن التزامهم بالتعاليم الاسلامية في عملهم، ولا أظنها كانت تتكلم معهم بلغة الاشارة ! جانب آخر اذا اتينا للأسس القبلية فالشاعرة تنحدر من واحدة من أعرق قبائل شبه الجزيرة العربية ومنطقة الحجاز على وجه الخصوص، فهي من "جهينة" ولا أظن ان شعراء هذه القبيلة وشاعراتها كانوا يعزفون عن المشاركة في سوق عكاظ وهو على مرمى حجر منهم "أو منهن" وحتى اليوم ما زال الكثير من نساء القبائل التي يعشن في بيئتهن الاصلية يعملن مع الرجال في الرعي وتدبير امور الحياة بعيدا عن "ترف" وفلسفة "بدو المدن" الذين يبدو أن بعضهم الذين يعارضون عيدة اضاع بوصلته وهويته ، هذا بعض ما ورد من اشادات عن الشاعرة عيدة الجهني بأقلام اخوة وزملاء لا أعرفهم الا من خلال اطلاعي على ما يكتبون وأنها بحق مشاعر صادقة وامينة تقدر العطاء لابنة هذا الوطن العزيز هذه الشاعرة التي أبت إلا ان تشارك بابداعاتها التي نالت اعجاب الجميع،حتى انني من خلال متابعتي لبرنامج شاعر المليون لم استمع من أعضاء اللجنة لملاحظات جوهرية على شاعريتها بل أجمع الجميع على ان قصائد عيدة الجهني كانت جزلة ومتميزة، هذه شهادة وانطباعات امينة تكررت من شعراء ونقاد لهم باع طويل في أدبيات الشعر الشعبي. أتمنى للشاعرة عيدة التوفيق.