الراجحي: السعودية تضطلع بدور ريادي لدعم توجهات «العشرين»    الفيتو الروسي يحبط وقف إطلاق النار في السودان    إي اف جي هيرميس تكشف عن صندوق التعليم السعودي (SEF) بقيمة 300 مليون دولار وتستحوذ على محفظة استثمار برايتس للتعليم    أمير تبوك يدشن مشروعات تنموية واستثماريه بالمنطقة    " طويق " تدعم شموع الأمل ببرامج تدريبية لمقدمي الخدمات لذوي الإعاقة    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً أجابت عليها وزارة التعليم عن الرخصة المهنية    أمير حائل يطلع على مشروع التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم    علوان رئيساً تنفيذيّاً ل«المسرح والفنون الأدائية».. والواصل رئيساً تنفيذيّاً ل«الأدب والنشر والترجمة»    وزير الاتصالات: ولي العهد رفع الطموح والتفاؤل والطاقات الإيجابية وصنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    وزارة الثقافة تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    أمين عام التحالف الإسلامي يستقبل وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري    مؤتمر ومعرض دولي للتمور    السعودية وعُمان.. أنموذج للتكامل والترابط وعلاقات تاريخية وطيدة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية ترتفع إلى مليار ريال    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    أمانة الشرقية تستثمر في الائتمان الكربوني دعما لسلامة المناخ    سعود بن طلال يطلق عددا من الكائنات الفطرية في متنزه الأحساء الوطني    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أعاصير تضرب المركب الألماني    الله عليه أخضر عنيد    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(البلاد)تنشر الرأي المتخصص لمشكلة البيئة وبحيرة المسك في جدة
نشر في البلاد يوم 28 - 01 - 2009

يظل هاجس التلوث البيئي من اهم الأمور التي تشعر المواطن بالقلق لاهمية البيئة في حياة الانسان وتدخلها في الكثير من مسببات الامراض له.. وفي جدة اصبح امر البيئة من الامور التي تحتاج الى حلول سريعة.. البلاد تابعت مع أ. د. علي عدنان عشقي استاذ علم البيئة في كلية علوم البحار في جدة لوضع القارئ امام حقيقة المشكلة خاصة في ما يتعلق بمشكلة "بحيرة المسك" وما تردد عن انهيار السد فقال في سرد طويل وهام ل "البلاد" مايلي:
بناء على دعوة كريمة من سعادة رئيس المجلس البلدي لنخبة من المتميزين والمتخصصين في علم البيئة, تمثل أطيافاً عديدة من المؤسسات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بالبيئة والتلوث,للمساهمة في وضع الحلول المناسبة لحماية مدينة جدة من الانعكاسات السلبية الخطيرة لبحيرة المسك خاصة احتمال انهيار السد الخراساني الاحترازي الذي زعم البعض أن انهياره سيتسبب في غرق أحياء عديدة من مدينة جدة وأن انهياره سيعرض مدينة جده لكارثة يسمع دوي رحاها أهل الشرق والغرب, وخلال اجتماعاتنا المكوكية التي بدأت في شهر يوليو من العام الماضي واستمرت حتى غرة هذا العام الجديد أتضح لنا بناء على التقارير التي قدمتها الشركة الهولندية المتخصصة في علم المياه, أن السد متين وقوي, وقادر على الصمود لسنين طويلة حتى لو تعرضت منطقة بحيرة المسك لزلزال تتجاوز قوته سبعة درجات على مقياس رختر, وهناك أيضا إشاعة أخرى أشيعت مفادها أن مدينة جدة ستتعرض لأمطار شديدة في فصل الشتاء الذي تعيشه مدينة جده هذه الأيام, وأن وادي العسلا الذي تقع فيه بحيرة المسك سيفيض بمياه هذه الأمطار وبالتالي سيتسبب في رفع مستوى المياه السطحية في بحيرة المسك مما سيتسبب في انهيار السد الاحترازي وتعريض مدينة جده للفيضان المزعوم, وفي هذا الشأن أوضح سعادة الدكتور رائد/عبد العزيز صالح الزهراني رئيس قسم الحماية المدنية في الدفاع المدني وأساتذة وآخرون متخصصون من كليات علمية مختلفة من جامعة الملك عبد العزيز في دراسة علمية متأنية أن وادي العسلا لن يفيض بالماء لصغر حوضه وكذلك لعدم تأثره بالأحواض المائية المجاورة له. والسؤال الذي يطرح نفسه وبشدة لمصلحة من تروج هذه الإشاعات؟ وهل هناك أي فئه مستفيدة من ترويج مثل هذه الإشاعات؟ ويعرف ويعلم الجميع عن حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها سيدي ومولاي خادم الحرمين الشريفين مواقفها الشجاعة في حماية أمن الوطن والمواطن, لذلك هبت الدولة لرصد ما مقداره 95 مليون ريال لرفع الخطر المزعوم عن مدينة جدة والمقيمين بها, فهل ما يحدث هو ابتزاز طيبة ونخوة وشهامة حكومتنا؟.
في تلك الاجتماعات المكوكية في صالة الاجتماعات في المجلس البلدي التي استمرت حوالي ستة أشهر توصلت لقناعة تامة,أن المسئولين في أمانة مدينة جدة لديهم أجندة خاصة في التعامل مع بحيرة المسك, كما كان لهم أجندتهم الخاصة في التعامل مع وباء حمى الضنك, وأن ليس لديهم أي نية أو قناعة للاستماع لأي رأي يتعارض مع ما ورد في أجندتهم, حتى لو كان هذا الرأي المخالف لأجندتهم مبنياً على أسس علمية حديثة يسير على نهج هداها جميع شعوب المعمورة, لذلك نراهم قد تفننوا في استنزاف المال العام على أيدي شركات استعصى عليها الفطام.
النهج الارتجالي الذي تنتهجه الأمانة, عادة ما تنعكس عنه مشاكل أخطر من المشكلة المراد علاجها, وهكذا منذ أكثر من عشرين عاما ونحن ندور في حلقة مفرغة,كلفت الدولة الغالي والنفيس وتسببت في انتشار أوبئة لم تعرفها مدينة جدة من قبل مثل وباء حمى الضنك, وكأن مياه الصرف الصحي خاصة فقط بنا نحن السعوديين دون شعوب الأرض الأخرى, وهذا بالفعل ما يدفعني في كثير من الأحيان للتشكيك في مصداقية وشفافية هؤلاء المسئولين!!, ولكي لا يعتقد البعض أنني أتحامل أو أتجنى عليهم سأذكر لكم بعض الحلول التي اقترحتها الأمانة فيما يتعلق بانهيار السد الاحترازي لبحيرة المسك.أمانة مدينة جدة اقترحت ثلاثة أنواع من الحلول لتفادي انهيار السد الاحترازي لبحيرة المسك, حلول طويلة الأجل و حلول متوسطة الأجل, وحلول قصيرة الأجل.
الحلول قصيرة الأجل: تتكون من ثمانية بنود لا أرى فيها أو في أي بند منها القدرة على وضع حلول جذرية لمشاكل بحيرة المسك وسدها الاحترازي, بل على العكس من ذلك سيضيف ما ورد من حلول في تلك البنود إلى مدينة جده مشاكل بيئية أكثر تعقيدا و سيكون لها أبعاد مدمرة, فعلى سبيل المثال يطالب البند الخامس من هذه الحلول قصيرة الأجل إنشاء وتشغيل محطة المعالجة في مدينة حدا التي تبعد حوالي 40 كيلو متراً إلى الشرق من مدينة جدة بسعة مئة ألف متر مكعب, علما بان هذه المحطة حتى هذه الساعة غير موجودة على أرض الواقع تقريبا فكيف يكون هذا من الحلول قصيرة الأجل, البند السادس وهو ذو علاقة بالبند الخامس من الحلول قصيرة الأجل يطالب بتوجيه الناقلات بطاقة 125.000 متر مكعب يوميا من مياه الصرف الصحي إلى هذه المحطة وهذا يعني أنه في كل صباح سيتجه من مدينة جده صوب مدينة حدا ما عدده 6250 ناقلة (وايت) تقطع طريق مكة السريع ذهابا وإيابا فهل هذا يعقل يا ناس!! فكم من الأوبئة ستنشرها هذه الصهاريج خلال رحلتها الطويلة يوميا من مدينة جده إلى مدينة حدا, ناهيك عن الإرباك المروري الذي سيسبه هذا الكم الهائل من النقلات, وما سينجم عنها من حوادث مرورية أليمه, ولماذا مدينة حدا بالتحديد ؟ .
البند الثاني من الحلول قصير الأجل يطالب بإنشاء وتشغيل محطة معالجة الخمرة بطاقة 50 ألف متر مكعب, علما بأن جميع محطات المعالجة في منطقة الخمرة عبارة عن محطات هيكلية, و قد أصبت بخيبة أمل عندما شاهدتها, خلال زيارتي لها في فصل الصيف الماضي, وكم كنت أتمنى من كل من الأمانة ومصلحة المياه والصرف الصحي تبني إستراتيجية أكثر مرونة وعقلانية, فبدلا من إنشاء محطات معالجة جديدة لماذا لا يتم تأهيل المحطات الهيكلية الأخرى الذي تقذف يوميا ما يزيد على 300 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي على سواحل البحر الأحمر, وقد أصبت بخيبة أمل عند مشاهدتي معاينتي لها في فصل الصيف الماضي, فتخيلوا يا ناس أن عدد العاملين في مثل هذه المحطة والتي من المفترض فيها أن تعالج ما يزيد على 300 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي فقط عاملين أحدهما فني والآخر إداري!! فكيف بالله عليكم أُلام على التشكيك في مصداقية هؤلاء البشر؟.
ومن عجائب الأمور أن المياه المعالجة في محطات المعالجة أكثر تلوثا من مياه الصرف الصحي الخام نفسها والسبب في ذلك خلط مياه الصرف الصحي قبل معالجتها بمياه الصرف الصناعي, فترى المياه الخارجة من محطة المعالجة تحمل جميع ألوان الطيف فمنها الأحمر ومنها الأزرق ومنها الأخضر وهذه كلها بالطبع ملوثات صناعية خطيرة يطلق عليها اسم المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكوبلت والنحاس والخارصين والزئبق وحدث ولا حرج, أضف على ذلك ملوثات الهيدروكربونات المختلفة, وجميع أنواع هذه الملوثات المسرطنة تتراكم في أنسجة الأسماك التي نتغذى عليها!! فكيف بالله عليكم لا أشكك في شفافية ومصداقية هؤلاء المسئولون!! وهم من جعلوا سواحل منطقة الخمرة الأولى عالميا من حيث التلوث!! سؤال يحيرني يا أمانة مدينة جده ويا مصلحة المياه والصرف الصحي, لماذا الإهدار غير المبرر للمال العام في إنشاء محطة لمعالجة 50 ألف متر مكعب في حين أنكم تقذفوا على بعد أمتار منها ما مقداره 300 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي الملوثة!!, ولا يسمح المقام في مزيداً من التفنيد ومناقشة البنود الأخرى للحلول قصيرة الأجل حيث أنها متشابه في مردودها السيئ على البلاد والعباد.
الحلول طويلة الأجل هي فوق إدراك البشر !! فدعوني أتجاوزها ولكن قبل تجاوزي لها أذكر لكم شيئاً عن بندها الثالث والذي يطالب بإنشاء خط ناقل للمياه المعالجة ( هذا إذا كانت هذه المياه ستعالج بالفعل) من محطة المعالجة المزمع إنشاؤها بمطار الملك عبد العزيز لأقرب مجرى سيل ومنها إلى البحر, وقد أوضح المسئولون في مصلحة المياه والصرف الصحي أن سعة المعالجة لهذه المحطة في مرحلتها الأولى حوالي مليون متر مكعب تصل إلى 3 مليون متر مكعب في مرحلتها الثالثة ذلك يعني أن هذا الكم الهائل من مياه الصرف الصحي سواء كان في المرحلة الأولى أو في المرحلة الثانية أو في المرحلة الثالثة ستصب يوميا في عرض البحر يوميا!! عير مجرى السيل الذي يقطع مدينة جده من أقصى شرقها إلى أقصى غربها!! هل هذا يعقل يا ناس؟ مسطح مائي من مياه يقطع مدينة جده من أقصي أقصى شرقها إلى أقصى أقصى غربها!! ألن يكون ذلك دعوة لانتشار الأوبئة في مدينة جده مثل وباء حمى الضنك الذي ذهب بحياة الكثير! ناهيك عن انتشار الفئران والحشرات على طول الكورنيش مما سيعرض مدينة جدة لانتشار أوبئة لا قبل لنا بها. هل تعلمون أين سيكون المصب النهائي لهذه المياه؟ صدق أو لا تصدق أخي القارئ سيكون في منطقة الكورنيش الشمالي وبالتحديد منطقة ميدان النورس التي تمثل ثقلا اقتصاديا سياحيا كبيرا يقدر ببلايين الريالات!!. كيف بالله عليكم يفكر هؤلاء القوم؟ حماة البيئة في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة باركوا الخطوات الميمونة لهذا المشروع !! وكان الاختلاف بينهم وبين كل من أمانة مدينة جدة ومصلحة المياه هو فقط على نوعية معالجة المياه, فالأرصاد تصر على المعالجة الثلاثية في حين أن كل من أمانة مدينة جدة ومصلحة المياه والصرف الصحي تصر على المعالجة الثنائية!! مسرحية مللنا من فصولها! من العجيب والغريب أن المسئولين في مصلحة المياه والصرف الصحي منذ عامين ذكروا أن معالجة مياه الصرف الصحي في هذه المحطة ستكون معالجة رباعية ثم انحدر مستواها إلى معالجة ثلاثية! ونسمع اليوم أن المعالجة انحدرت أكثر إلى معالجة ثنائية!! وغدا ستنحدر إلى معالجة أولية, وفي رأي لن يكون هناك أي معالجة!! لان ذلك ما تعودانه من مصلحة المياه والصرف الصحي والشاهد على ذلك جميع محطات المعالجة خاصة محطة معالجة الخمرة!! والأمر كما أراه ما هو إلا تكراراً لمأساة منطقة الخمرة!!! فما دار في منطقة الخمرة سيدور في منطقة الكورنيش الشمالي وستكون منطقة النورس صورة للتلوث أقسي ألما من صور التلوث في منطقة الخمرة!! وما يدفعني إلى هذا الاعتقاد النهج الذي ينتهجه كل من أمانة مدينة جدة ومصلحة المياه والصرف الصحي, فهم دائما وأبداً يصرون على معالجة مياه الصرف الصحي في فندق عشرة نجوم!! واختيار طرق لمعالج مياه الصرف الصحي مغاير للنهج الذي تنتهجه جميع دول العالم والذي يعتمد على الطرق الطبيعية في تلك المعالجة تتلخص في تلك العلاقة التكافلية الفريدة التي خلقها الله بين الطحالب وبين أنواع مختلفة من البكتيريا ذاتية التغذية Heterotrophic bacteria, ودعني أخي القارئ أبسط لك الأمر في هذا المثال, كم هي عدد مخلوقات الله التي تعيش في البحر والمحيطات؟ لا شك أن أعدادها تفوق أعداد البشر! أو ليس لهذه المخلوقات فضلات؟ بالطبع لها فضلات؟ فلماذا إذن لا تعاني البحار والمحيطات من تلوث مياه الصرف الصحي كما تعاني مدينة جدة؟ والسبب كما ذكرت سابقا يعود إلى العلاقة التكافلية بين الطحالب والبكتيريا, والتي لولاها لما قامت للحياة في البحار والمحيطات قائمة!! وفي أنفسهم أفلا ينظرون! وسأتطرق إلى ذلك لاحقا بالتفصيل, أمانة مدينة جدة ومصلحة المياه والصرف الصحي اختارت المنهج المكلف ماديا في بناءة وتشغيله وصيانته, الذي تقوم فلسفته علي الطريقة الميكانيكية الكهربائية التي هي في غاية التعقيد, ومكلفة مادية من حيث قيمتها وقيمة تركيبها وتشغيلها وصيانتها خاصة إذا كانت المياه المعالجة بهذا الكم الهائل والذي يقدر بملايين الأمتار المكعبة! ناهيك عن المساحات الشاسعة التي يتطلبها هذا المشروع, والتي تقدر بأضعاف المساحة التي اقتطعت من مطار الملك عبد العزيز لهذا المشروع, جميع هذه الأمور ستضع المسئولين في كل من أمانة مدينة جدة ومصلحة المياه والصرف الصحي في وضع محرج, وستعجز مصلحة المياه والصرف الصحي القيام بمعالجة ما يرد إلى محطة المعالجة من مياه الصرف الصحي, وفي هذا الوضع وأمام مصلحة المياه والصرف الصحي أمران لا ثالث لهما ألأمر الأول هو الاحتفاظ بهذا الكم الهائل من مياه الصرف الصحي غير المعالجة داخل حرم مطار الملك عبد العزيز وهذا أمر مستحيل وعواقبه خطيرة حتى على عمليات الملاحة الجوية!! الأمر الثاني هو ضخ هذه المياه مباشرة في منطقة الكورنيش الشمالي وبالتحديد بالقرب من ميدان النورس وهذا أمر آخر مستحيل وسيكون له نتائج بيئية مدمرة على منطقة الكورنيش!!.
وفي أحد الاجتماعات سئل أحد المسئولين المميزين في مصلحة المياه والصرف الصحي, عن الإجراءات الاحتياطية التي ستتخذها المصلحة في الكميات الهائلة من مياه الصرف الصحي التي ستقدر بملايين الأمتار المكعبة يوميا والقادمة من جميع أنحاء مدينة جدة في حالة حدوث توقف طارئ لمحطة المعالجة كانقطاع التيار الكهربي أو توقف محطات المعالجة للصيانة, أو أي خلل طارئ يحدث لهذه المحطات؟ أجاب هذا المسئول بالحرف الواحد نفتح البزبوز على البحر ويعني بذلك الصنبور!! هل هذا يعقل يا ناس ملايين الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي تقذف في البحر دون وازع من ضمير أو خوف من الله! سؤال أوجهه لهذا المسئول وأمثاله كثيرون في كل من أمانة مدينة جدة و مصلحة المياه والصرف الصحي, والسؤال هو ولو فرض أن صدقت مصلحة المياه والصرف الصحي في معالجة هذه المياه معالجة ثلاثية أليس أولى بها مزارعنا المتعطشة لقطرة ماء؟ أليس من الأولى أن يقام بها مشاريع توقف زحف التصحر على مدننا وقرانا ومزارعنا؟ ولكن أنا على قناعة تامة أن مثل هذه الإجراءات الارتجالية التي تعودنا عليها من كل من مصلحة المياه الصرف الصحي وأمانة مدينة جدة والتي لا ترتكز على الحقائق العلمية من شأنها في النهاية أن تتسبب في أمرين أحلاهما مر الأمر الأول هو قفل مطار الملك عبد العزيز أو قفل منطقة الكورنيش!! وأنا على استعداد أن أوضح وجهة نظري لكل من يدعي أنني أبالغ في الأمر!. وهناك الكثير فيما يقال في هذا الصدد ولكن المقام لا يسمح. الحول متوسط الأجل وهذه الحلول في رأي مفصلة بالملليمتر على بعض الشركات, التي عادة ما يدافع عنها المسئولون في الأمانة دفاع المستميت!! مجموع قيمة هذه العقود أي عقود الحلول متوسطة الأجل 95 مليون ريال, تتكون من ثلاث مشاريع أقل ما يطلق على أجودها وأفضلها لقب " مشروع كارثي" المشروع الأول وقيمة عقده 24.894.625ريال ( حوالي 25 مليون ريال)!! أطلق عليه اسم مشروع الأراضي الرطبة وقد عارضنا جميعنا هذا المشروع وعلى رأس المعارضين سعادة الأستاذ الدكتور سمير جميل سليماني أستاذ علم البيئة بكلية الأرصاد جامعة الملك عبد العزيز, الذي أوضح للأمانة إن هذا المشروع علميا بعيد كل البعد عن عما يعرف بالأراضي الرطبة Wet Land وأوضح لهم أنه إذا نفذ المشروع كما خططت له الشركة المتعاقدة التي من الواضح أنها تفتقر إلى الخبرة في علم البيئة والتلوث فسيكون لهذا المشروع انعكاسات سلبية خطيرة, منها أن هذه الغابة ستكون بمثابة مفرخة للبعوض الناقل للأوبئة خاصة وباء حمى الضنك, و أثني على كلام الدكتور سمير وأوضح بعض نقاط أخرى قد ذكرتها لسعادة رئيس المجلس البلدي فتخيل معي أخي القارئ غابة مساحتها 6 كيلو متر مربع, ألن تكون مثل هذه الغابة ملاذا للخارجين على القانون, والمتخلفين من الحج والعمرة وهل تستطيع قوى الأمن مطاردتهم في مثل هذه الأحراش!!, مثل هذه الغابة ألن تكون عرضة للحريق؟ فإذا حدث ذلك فماذا سيكون مصير مدينة جده من هذا الحريق!! هكذا يفكر المسئولون في أمانة مدينة جدة!!, ولكن لمصلحة من هذا التفكير العقيم!! ولعلمك أخي القارئ أن هناك مشروع تقوم الآن بتنفيذه الأمانة أطلق عليه اسم مشروع الغابة الشرقية, قيمة إنشاءه تقدر بحوالي 350 مليون ريال اقتطع هذا المبلغ من ميزانية مكافحة حمى الضنك التي بلغت كما يعلم الجميع ألف مليون ريال, تبلغ مساحة هذا الغابة حوالي 10 كيلو مترات مربعة, وإفرازات هذا المشروع أكثر خطورة من مشروع الأراضي الرطبة المذكور أعلاه. والمقام لا يسمح بمزيداً من الاستطراد.
المشروع الثاني في الحلول المتوسطة الأجل قيمة المشروع 34.936.5657 ريال ( حوالي 35 مليون ريال) وهو عبارة عن حط ناقل بطول 32 كيلومتر وقطر 600 ملم وطاقته 30.000 متر مكعب في اليوم وهذا الخط مخصص لنقل ما حجمه مليوني متر مكعب من مياه الصرف الصحي المعالجة كما يدعون والقابعة خلف السد الاحترازي الخراساني.. رغم اختصاري الشديد في الحديث عن مشاريع الأمانة الخاصة ببحيرة المسك إلا أن أري أن المقام قد يستعصي لسرد المزيد والحديث موصول إنشاء الله نناقش فيه بقية الحلول المتوسطة الأجل التي أقترحها المسئولون في أمانة مدينة جده, كما سأناقش وأوضح الحلول لمشاكل مياه الصرف الصحي والتي عانت وتعاني وستعاني منها مدينة جدة, الحلول كما يراها العلم, الحلول التي تبنتها جميع شعوب المعمورة كخيارها الأول, والتي أرى أنه يجب علينا أن نتبنها كخيارنا الأول ليس فقط في مدينة جدة بل في جميع قرى ومدن المملكة العربية السعودية وذلك لتلائمها وتوائمها بصورة فريدة مع ظروفنا البيئية, والعلمية ورخص تكاليفها من حيث التشييد والتركيب والصيانة والتي لا تقارن تكلفتها بتكلفة المشاريع الارتجالية التي تقوم بها كل من أمانة مدينة جدة ومصلحة المياه والصرف الصحي, وقد أوضحت تفاصيل هذه الطريقة في محاضرة ألقيتها في المجلس البلدي لاقت استحسان الحضور, ولا يدفعني في ذلك سوى الحب والولاء لهذا الوطن الغالي .
والله من وراء القصد.
الأستاذ الدكتور/ علي عدنان عشقي
أستاذ علم البيئة, كلية علوم البحار
[email protected]
فاكس 2750559 02


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.