تزايدت في المملكة العربية السعودية الحوادث المأساوية الناجمة عن عبث الشباب الجنوني بالسيارات أو ما يسمى ب"التفحيط"، وتناقلت وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية العديد من المشاهد المؤلمة لشباب فقدوا حياتهم نتيجة تلك العادة القاتلة. وتتلخص مشاهد التفحيط في أن يقوم الشخص بقيادة السيارة بسرعة جنونية هائلة، ثم يأتي بعمل بعض الحركات الخطرة عبر انحراف السيارة ودورانها فجأة، على أن يكون ذلك في نهاية كل أسبوع بشوارع محددة في مدن المملكة، ويتم احتشاد جموع غفيرة من الشباب مما يعرضهم للمساءلة القانونية نتيجة قيامهم بدور سلبي، يتمثل في تشجيع المفحط بالسيارة والتصفيق له والوقوف في وسط الشارع بتهور شديد مما يعرضهم للخطر المحدق. يُذكر أن موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تداول مؤخراً فيديو يكشف عبث جماهير التفحيط، الذي شمل الاعتداء على سيارات المارين بغير وجه حق والكتابة عليها بالبخاخات الملونة وسط ابتهاج أقرانهم بهذا السلوك في مدينة الرياض، وتناول المقطع أيضاً استيقاف سيارات المارة وخاصةً من العمالة الوافدة وإنزالهم بالقوة ثم قيادتها والتفحيط بها على نحو استعراضي. وأكدت العديد من الدراسات العلمية الحديثة على أن نسبة كبيرة من ممارسي هذه العادة هم من متعاطي الحبوب المخدرة "الكبتاجون"، وهي حبوب خطيرة وفتاكة بالجهاز العصبي وتحتوي على مواد كيميائية كالرصاص والزئبق والأسيدرز التي تقتل خلايا المخ وتضرب المراكز العصبية في مقتل. كما أشارت دراسات أخرى إلى أن التفحيط أصبح وسيلة لمروجي المخدرات الذين يعمدون إلى التعرف على المفحطين وعرض خدمة إيصال المواد المخدرة إليهم، هذا وتعد العلاقات الشاذة أحد التداعيات الاجتماعية الخطيرة لظاهرة التفحيط, من خلال محاولة بعض الشباب لفتَ انتباه الأحداث والمردان واستدراجَهم لعلاقات عاطفية أو جنسية مخالفة للفطرة والطبيعة وقبل ذلك تستوجب اللعن والطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أن كثيراً من حوادث سرقة السيارات في السعودية يعود سببها الرئيس إلى التفحيط. وأوضح الخبراء أن من أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى هذه الهوايات الخطرة الفراغ، ومحاكاة رفقاء السوء، وضعف رقابة الأسرة، وغفلة كثير من الآباء عن أبنائهم، وتأثير وسائل الإعلام والاتصال، والألعاب الإلكترونية، كما أن للغنى والترف الدور الكبير في انحراف بعض صغار السن ودفعهم لمثل هذه الممارسات، ويعزز ذلك كله دور الجماهير المحتشدة في تشجيع "المفحط" على الاستمرار فيها. وبشأن القضاء على هذه الظاهرة، فلابد من إشراك الأسرة في هذا الصدد بشكل فعال، وعلى كل أب أو أم عدم التدخل أو الحيلولة دون عقاب الابن حال ارتكابه لمخالفة التفحيط، بل عليهما أن يشاركا في العقاب بمنع الابن من القيادة لفترة حتى يتقي الله في نفسه وغيره، أيضاً على رجال المرور تغليظ العقوبة القانونية الحالية على المفحطين ومعاقبتهم بما يشكل رادعاً لهم. وبالفعل ومع استمرار ممارسة هذه الهواية التي تودي إلى التهلكة، صدرت عدة قوانين تجرمها تتضمن حجز السيارة لمدة 15 يوماً ودفع غرامة مالية تصل إلى 1000 ريال، إلى جانب إحالة المخالف للمحكمة المختصة من أجل النظر في تطبيق العقوبة عليه وفق المعطيات القائمة، وذلك في حال تم القبض عليه للمرة الأولى، بينما يتم حجز المركبة شهر كامل وتغريم المخالف 1500 ريال إذا قبض عليه للمرة الثانية، فضلاً عن إحالته إلى المحكمة المختصة أيضاً وتطبيق العقوبة المبينة قانوناً، وفي المرة الثالثة، يتم حجز سيارته وتغريمه مبلغ 2000 ريال، والنظر في مصادرة المركبة أو إلزامه بدفع القيمة المماثلة لها إذا ما كانت مستأجرة أو مسروقة، وهو ما قد يؤدي إلى سجنه.