لم يتفاعل العرب والمسلمون كافةً مع أيٍ من ثورات (الضباب العربي) كما تفاعلوا مع انتفاضة سوريا، مع أن مؤسسات الحكم البائدة موغِلةٌ بالفساد و الاستبداد. لكن (الأسد)، أباً و ابناً، كان أعتاها بطشاً بمُناهضيه، و الشعبَ المجاهد كان أصبر شعوبها على الابتلاء. لم يستعنْ (بالناتو) أو غيره فيرهنَ نفسه، في وقتٍ تَكالَبتْ الدسائس عليه من الأعداء الظاهرين (روسيا و الصين)، و الأعداء المُستَخفين (أمريكا والغرب)، والأصدقاءِ المُتربّصين (إيران و غيرِها)، و الإخوةِ المَغلوبين على أمرِهم (بني يَعرب). 20 ألف شهيد و 18 شهراً متواصلةً يومياً من الكرِ والفرِ والذبحِ والغدرِ، لم يقُمْ بها العدو الحقيقي بل الجيشُ المُلهَمُ عقيدةَ البعثِ والأسد. لم يكُنْ زاد الشعب في تلك الانتفاضة ليبراليةً ولا علمانيةً ولا شعارات، فلا عاقلَ يفديها بشعرةٍ لا قطرةِ دم. كانت عقيدةً جهاديةً دفاعاً عن النفس والأعراض و غيرِها مما ضُمِنتْ (الشهادةُ) لمُفتَديه. ستُدرَّسُ انتفاضةُ الشام كعِبرةٍ تاريخيةٍ من نواحي لا تُعد و لا تُحصى، بما فيها ما سنراه منها بعد سقوط الطاغية الذي لن يكون نهايتَها..فالطاغون الخارجيون أشدُّ وطأةً و أبلغُ تنكيلاً. Twitter:@mmshibani