كم هو محزن أن تجد مسلمًا لا يحفظ سورة الفاتحة، لا يعرف معناها ومعنى آياتها، لا يتدبر حروفها، لا يتفكر في معانيها سورة الفاتحة، تلك السورة التي تقرأ في اليوم 17 مرة، لو وقفنا عند معنى واحد من المعاني الكثيرة التي تحويها سورة الفاتحة، هذه السورة القصيرة، لكان لنا شأن في هذا العالم.القرآن الكريم مليء بالقوانين التي تنظم الحياة، حياتك أنت يا أخي، القرآن هو دستور الحياة، منهج الحياة، خارطة الحياة، بالقرآن نفهم الحياة، بالقرآن نسعد، بالقرآن نحيا، بالقرآن نرتقي.لا أستطيع الآن في هذه الخاطرة القصيرة أن أتكلم عن سورة مثل سورة الفاتحة، الشافية الكافية، فمن يريد الحديث أو الكتابة عن سورة الفاتحة يلزمه شهور ومجلدات سأقف اليوم عند الآية التي تنظم حركة الحياة، إنها الآية العظيمة التي لم نفهمها ولم نتفكر في معناها الحقيقي، فأصبحنا نسير في طريق لم تكتمل، ولن تكتمل إلّا بها، إنها آية الحياة الدنيا والآخرة : "إياك نعبد وإياك نستعين" لا أنكر أن أغلبية المسلمين قد حققوا الجزء الآول من الآية وهو العبادة، عبادة الله الواحد الأحد، إلا أننا فصلنا الجزء الثاني عن الأول أصبحنا اليوم نعبد الله (نصلي، نصوم، نزكي..) ولكن لا نستعين به وبما أودعه في الكون من خيرات ونعم، فلم نحقق العبادة الكلية، ولم نطبق القانون، ولم نحترم الطريق، طريق النجاح في الدنيا والآخرة. أما الغرب وقد استعان بكل نعم وخيرات المولى في هذا الكون فأبدع وعمل ونجح وقاد المسلمين وساد عليهم وتزعمهم. العبادة الحقيقية هي أن نطبق شعائر الدين الاسلامي مع التفكير والعمل لتحقيق نجاح دنيوي آخروي، هذه هي العبادة الحقيقة، نفكر ونعمل من أجل إرضاء المولى في الدنيا والآخرة، لا أن نصلي ونصوم وفقط دون أي عمل واستعانة بخيرات ونعم الله عز وجل في هذا الكون، وهذا مناقض تماما لما قاله الله عز وجل: "إياك نعبد وإياك نستعين" نعبدك أنت يا الله وحدك لا شريك لك، وذلك بالعبادات المختلفة، ونستعين بك وبما أودعته في هذا الكون، وذلك بالعمل والتفكير والإبداع، نحن حققنا "إياك نعبد" ولم نحقق "إياك نستعين" فلم نستعن بما سخره الله في هذا الكون لنا فنتفوق بحضارة، لقد خرقنا القانون فأنّى لنا أن نحقق المعادلة، سنحقق عبادة متكاملة وكاملة يوم نصلي على سجادة صنعت في بلاد الإسلام، يوم تصلي المرأة بجلباب صنع في بلدها الإسلامي، يوم نحج إلى بيت الله بطائرات صُنعت وطُورت في بلاد الإسلام، يوم نسافر لتحقيق صلة الرحم بسيارات إسلامية وقطارات إسلامية، يوم يكون لنا وزن وحجم وسيادة وحضارة وزعامة ومجد في هذا العالم، يومئذ نكون قد أدينا العبادة الصحيحة، العبادة الكاملة، العبادة التي يرضى عليها الله -عز وجل-. يا شباب، نحن أمل هذه الأمة، علينا أن نتحرك، والله قد آن، نعم والله قد آن الآوان لنتفوق حضاريّا، لنتفوق تكنولوجيّا، لنسود! آن أن نفهم الدين الحق، الدين الصحيح، الإسلام ليس فقط عبادة إنما هو عبادة وعمل ونجاح في الدنيا والآخرة، الإسلام دين حياة وآخرة، لا دين آخرة وفقط! الإسلام دين العز والمجد والسيادة والزعامة والحضارة، فما لنا يا شباب لم نفقه حقيقة هذا الدين العظيم، ولم نصنع حياة إسلامية راقية، تخيلوا معي لو أن الغرب مسلمين، تخيلوا الغرب مسلمين، تخيل أمريكا بلدًا إسلاميًّا، اليابان بلدًا إسلاميًّا! يصلون ويزكون ويصومون ويتخلقون بالأخلاق الإسلامية، ونساؤهم متحجبات متخلقات، تخيلوا معي كيف سيكون حالهم؟ بلا شك ولا ريب: سيكون لهم شأن بأضعاف ما لهم اليوم، وبلا شك أيضا أنه ينقصنا الكثير لنصل إليهم! ولكن تذكر أن لدينا الإسلام، وهو الأساس والقاعدة التي سنرتكز عليها، فلنجرب يا شباب، نجرب تطبيق هذه الآية، نخطط ونفكر ونعمل ونجاهد، لمَ لا نجرب؟ فقط تجربة وسنرى إن لم يحدث فرق ولم يتغير حالنا. والله إن الدمع يسيل على أمتنا، والقلب يتوجع لحالها، فما دهانا لا نتحرك، لا نفكر، لا نعمل، أغار من أمريكا وأوروبا، أغار من الكيان الصهيوني وما وصلوا إليه، ونحن الأحق به، نحن الأصل لما وصلوا إليه، نحن "قدها وقدود" ولكن انعدمت المبادرة فينا، ومات العمل، أصبحنا تابعين وفقط، ألا يحزنكم ما آلت إليه أحوالنا؟ ألا تحزنكم نظرة الغرب إلينا وإلى ديننا؟. شعارك يا أيها الشاب: لا تتم حركة حياة على مسار التقدم إلا إذا نهضت مداخن المصانع بجانب مآذن الجوامع، أي تتقاطع خطوط الروح مع خطوط العمل.قم الآن واكتب: (إياك نعبد وإياك نستعين) تأملها وتفكر فيها طويلًا وتدبرها بعمق، تحسس معانيها، وقل بكل ثقة: (سأعبد الله الواحد الأحد وأعمل وأستعين به وبخيراته ونعمه في هذا الكون) وابدأ في التطبيق، وذلك بتقاطع خطوط الروح مع خطوط العمل، وأنا سأكون معك، ومعًا نعبد الله ونفكر ونعمل، وفي الأخير سنحقق النجاح الباهر وسينصرنا الله بالتأكيد ونسود بأمتنا وننهض، اعبد الله.. فكّر.. اعمل.. أبدع.. تنجح وتسود.