مع بدء الاحتجاجات في ليبيا كتبت «على ضوء مسار انتفاضة 17 فبراير في ليبيا يتحدد مستقبل التغيير في سوريا». لكن الثورة السورية لم تنتظر ذلك واندلعت قبل انتصار ليبيا.! انتهى خط سير الثورة الليبية بسقوط القذافي والذي لم يكن ممكناً لولا ضربات النيتو الجوية؛ تلك التي حمت بنغازي من مجازر مروعة بعد توجه أرتال دبابات القذافي ومدرعاته ومدافعه نحوها. من لا يريد أن يبصر هذا فهو أعمى سياسة؛ ومن يبصره ويعرفه ويتجاهله فهو يخدع الناس ويمارس عمى أخلاقياً. النشوة بسقوط القذافي، والغارات الموجهة من النيتو بشكل محدد نحو كتائبه، والتي حمت مدن الشرق الليبية، ومكنت الثوار من الزحف باتجاه المدن التي احتلتها تلك الكتائب، حتى «تحرير» طرابلس ودخول الثوار إلى القلعة الحصينة «باب العزيزية».. كل ذلك ساهم في تغيّر مزاج السوريين "بشكل خاص في الداخل" نحو تدخل دولي في بلادهم على غرار التدخل في ليبيا. ليس هذا السبب الرئيس؛ لكن الأساس هو همجية النظام السوري ووحشيته واستمراره في «التسلي» بإراقة دماء السوريين وجعل تعذيب المدنيين العُزل في الهواء الطلق؛ وقنصهم من سطوح المباني العالية والبعيدة وسيلة من وسائل الترفيه لشبيحته وجنود كتائبه. في ظل عدم توفر منطقة «محررة» سورية تكون بمثابة «بنغازي سوريا»، ستبقى الانشقاقات في الجيش السوري محدودة، ولن يتسع نطاقها، وبعد إعادة السيطرة؛ عسكرياً وأمنياً، على كل المدن التي شهدت مظاهرات واعتصامات واسعة عبر ارتكاب المجازر المروعة بحق المدنيين العزل بشكل علني وسافر، وتقطيع أوصال هذه المدن وحصارها، سيكون إسقاط النظام عبر اعتصامات واسعة مجرد تمنٍ. رغم كل هذا ما زال السوريون يخرجون إلى الشوارع متحدين آلة الموت مطالبين بإسقاط النظام!. لكن السؤال إلى أين تمضي الثورة السورية إذن؟ أصبح هناك اعتقاد واسع النطاق، بأن سيناريو التدخل الدولي يتقدم بتسارع بطيء نسبياً لكنه قادم، وفي ظل الجغرافيا الحالية لسوريا والتي لا يمكن تغييرها!، لن يكون هناك تدخل دولي بمعزل عن الدور التركي، ف «العسكر» الأتراك وضعوا مخطط توفير المنطقة العازلة على طاولتهم وناقشوه بكل تأكيد، تركيا التي هي عضو في حلف النيتو ستكون بوابة التدخل الدولي الذي لن يكون بعيداً عن السيناريو اليوغسلافي أو الليبي؛ والنظام عبر تكشيره عن وحشيته يسرّع في هذا الخيار.