برامج قليلة أتابعها في رمضان دينية وإجتماعية ومنها برنامج حجر الزاوية للشيخ د.سلمان العودة لمستواه الفكري الراقي الذي نحتاج له في زمن زاد فيه المتطرفون من الجهتين زيادةً أو نقصاً وكلاهما بعيد عن الوسطية التي يدعو لها ديننا الإسلامي الحنيف، ومع أهمية المواضيع المطروحة فالبرنامج ترد إليه اتصالات المشاهدين سواء للمشاركة في الموضوع أو للاستفسار ومن الأسئلة الغريبة التي تدعو للعجب ماجاء بصوت رجل قال بأنه عندما ذهب للعمرة في سن فتي كان يترنم بالأغاني في السعي!! وهو أمر غريب بالطبع لأي مسلم أن يغني في الحرم وهو مكان عبادة خالصة ولايفترض أن يقال فيه شيء إلا ذكر الله وإن كان ولابد من الكلام العادي وبالطبع ليس الغناء من ذلك، والسائل يريد أن يعرف ماذا يفعل ليكفر عن ذنبه فهو ليس هيناً لكن الشيخ أجابه بأن يستغفر ولايعود لذلك، وكان رده حكيماً فهو لم يؤنبه أو ينهره كما يفعل البعض وماقال له كيف تتجرأ على ذلك في بيت الله، لكنه عامله بالأسلوب النبوي الذي يجب أن يكون قدوتنا، وطالما أنه عرف خطأه فيكفيه التوبة عنه. وما دعاني للكتابة عن هذا الموقف ليس فقط حسن تعامل الشيخ ولين كلامه للسائل مع غرابة تصرفه، لكن هو كون الرجل عرف أنه فعل شيئاً خطأً وأعترف بذلك بنفسه وبحث عن وسيلة ليمحو مافعله - والتائب من الذنب كمن لاذنب له - وإن كنا ننظر له بأنه تجاوز حدود المعقول والمقبول وأرتكب فعلاً سيئاً فكلنا بلا إستثناء لابد أننا فعلنا أشياء سيئة وخاطئة في أي مكان و زمان فلا أحد معصوم، لكن هل وقفنا مع أنفسنا وحاسبناها لنعرف خطايانا ونعترف بها ونتوب عنها، هل الظالم عرف حجم ظلمه فسعى لرفعه عمن ظلمه واعتذر منه، وهل من أخذ مالاً عاماً أو خاصاً بغير حق أرجعه لأصحابه؟ هل من تكلم على أحد بسوء أستغفر له بالغيب وذكره بالخير أمام من اغتابه عندهم؟. ذنوبنا التي بيننا وبين ربنا تمحى بالإستغفار والعمل الصالح كما قال تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات ) ولكن أي عمل سيء تجاه البشر لايسقط بالتقادم ولابد من طلب العفو من ذوي الحق علينا وإعادة مالهم وحقهم إن كان لهم.. وما أجمل أن نعود لخالقنا بالإنابة والتوبة في هذه الأوقات المباركة من رمضان شهر البر والإحسان ونكثر من العطاء والعمل الصالح لأن الأجور فيه مضاعفة، وإذا كان من سقى كلباً أدخله الله الجنة فكيف بمن يسقي إنساناً أو يطعمه أو يكسيه.. فهي فرصة لنا أن نتسابق للخير (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، ومن لايملك شيئاً يقدمه فيكفيه كلمة طيبة وابتسامة في وجه أخيه صدقة.. فهل هناك أكرم من خالقنا علينا.وأختم كلماتي بأبيات للراحل غازي القصيبي رحمه الله: ياعالم الغيب ذنبي أنت تعرفه وأنت تعلم إسراري وإعلاني وأنت أدرى بإيمان مننت به علي ماخدشته كل أوزاري أحببت لقياك حسن الظن يشفع لي أيرتجى العفو إلا عند غفار؟ [email protected]