الطمع أوالجشع آفة مذمومة تلعنها كل الأديان وتدينها كل المجتمعات وتتسبب في كل الكوارث بلا استثناء , فالمسؤول الجشع يرسي العطاء على من يدفع أكثر والمقاول الجشع يتعاقد على المشاريع بأعلى الأسعار ويقوم بالتنفيذ بأدنى المواصفات , والمشرف الجشع يتسلم المشروع دون ملاحظات وهو يعلم أنه غير مطابق للمواصفات لكسب بعض المال, والمراقب المقصر أو الجشع أيضا والذي لديه كامل الملف ولا يكشف عن الفساد , فهي علاقة بين أربعة أطراف رئيسية المسؤول والمقاول والمشرف والمراقب يؤجرون ضمائرهم فيتحايلون بها على الأنظمة والقوانين من أجل تمرير صفقاتهم المشبوهة , يربطهم رابط واحد وهو الجشع والطمع , ويشكلون فيما بينهم بؤرة فساد وهذا ما يفسر وجود مقاولين محددين في كل قطاع حكومي. ونحن على يقين أن جميع الدول تحارب الفساد القليل منهم نجح والبعض الآخر أخفق خصوصاً في الدول التي وصل الفساد إلى قمته واستشرى في كل مفاصل الحياة , وإن كنت أرى أن هناك حلولاً قد تقلل من ذلك الفساد وتحجمه , أحدها على سبيل المثال (للقضاء على الفساد المالى والإداري في المشاريع الحكومية) هو تأسيس شركة وطنية للمقاولات 40% للدولة و40% لشركات المقاولات و20% للاكتتاب العام ويسند إلى تلك الشركة تنفيذ وصيانة جميع المشاريع الحكومية فنكون بذلك قضينا على الفساد فهي ستخضع لقانون وأدبيات الشركات المساهمة (محاسبة ,شفافية,انتخابات) فالشركة الجديدة ستتوصل إلى أفضل معادلة تحقق أفضل المواصفات وأنسب الأسعار والسرعة في الإنجاز، فلن تضع المالية بعد اليوم العراقيل في الصرف وستوفر كل الاعتمادات المطلوبة , وأذكر هنا مقولة هارون الرشيد ( أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك ) ونحن نقول لهؤلاء اعملوا ما شئتم فنحن شركاؤكم في الربح وسنحاسبكم عن أي خسارة. المصلحة مشتركة فالنفع والضرر والطمع والقناعة والخيانة والأمانة ستوزع على الجميع كل بحسب حصته طالما أنهم شركاء , فالجميع يراقب, والجميع يعمل, والجميع يربح, والجميع أي الوطن. وكنت قد كتبت مقالاً قبل ذلك في نفس الموضوع بعنوان مبدأ ( عدالة توزيع الثروة) بتاريخ 22جمادي الآخرة 1430ه اتهمني البعض بأن آرائي وأطروحاتي خيالية, وها هي الآن على وشك أن تتحقق كما ورد في الخبر الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 15/12/2009 ( السعودية تشهد أكبر عملية اندماج في الشرق الأوسط بين 11 شركة مقاولات بقيمة مليار دولار) وأني أجدها فرصة عظيمة لتحقيق الهدف الذي طالما ظللنا ننادي به ونحلم بتحقيقه , "رفع الظلم وإرساء العدل ومحاربة الفساد" , فتوحيد المقاولين( بأمر حكومي) أمثال أوجيه ,بن لادن , المباني حتى المقاول علي الأسود وغيرهم تحت مظلة شركة مقاولات وطنية وبشراكة الدولة ومساهمة المواطنين تتولى تنفيذ وصيانة مشاريع الدولة هي الضمانة لعدم تكرار الحوادث على غرار ما حصل في كارثة جدة.