** هذا المقال في معناه العام، اظن انه يصلح حبكة درامية، ممزوجة بكثير من الكوميديا، لو تلقفه مخرج تلفزيوني يريد ان يظهر امام الجمهور بحلقة اجتماعية قد تجد صدى واسعاً، والحكاية في موجز سريع ان احد الذين اعرفهم مرض مساء الاربعاء، عندما هجمت على (نافوخه) موجة انفلونزا حادة هو وعدد من ابنائه، وكان ان فكر أولاً في الافادة من مركز الرعاية الاولية بالحي، والذي يتبعه عدة أحياء ويراجعه جمهرة واسعة من الناس. ** صاحبنا زار المركز قبيل المغرب، فوجده موصداً أبوابه لا يلوي على شيء، فتوجه عابساً الى احدى الصيدليات الاهلية، وابتاع منها بعض المسكنات (الصيدليات تصرف لك اي دواء تقريباً وفق ما تصفه أنت من حالتك للصيدلي التاجر).. ثم عاد الى منزله وقد بدأت الحمى تهزه، والقشعريرة تتراقص فوق جسده!! ** وقال في نفسه لنجرب يوم الخميس صباحاً، فلعلي اجد المركز فاتحاً، وعندما وصل الى المكان وجده في مثل حالة الأمس مغلقاً بالضبة والمفتاح (!!).. ولا أحد يحوم حوله سوى الطير في الهواء، فأقفل راجعاً، يندب حظه النكد، بعد ان عرف أن المركز سيظل مغلقاً حتى صباح السبت، ومعنى ذلك ان عليه ان يساهر الحمى، ويتلوى من وجع الانفلونزا لمدة يومين كاملين ونصف فوقها، لان تنظيمات وزارة الصحة تقول ان المركز لا يفتح الا من السبت حتى الاربعاء. ** وبدأ صاحبنا يتذكر شيئين الاول هو هذه الانفلونزا الشقية التي داهمته مساء الاربعاء، وكان عليها، لو كان لديها شيء من الانسانية والرحمة، ان تنتظر حتى صباح السبت لتوافق دوام مراكز الرعاية الصحية الاولية، عندها يمكن للطبيب الوحيد بالمركز ان يعمل على مكافحتها، واراحة صاحبنا منها، لكنها - من شقاوتها اختارت توقيتاً أرعن هو مساء الاربعاء، حتى يمكن لمن يتوعك ان (ينفض) محفظته، ويلوذ بالمستوصفات الاهلية، بعد ان عجزت مراكز الرعاية للاسف الشديد عن الوفاء بأبسط مهامها، وحرمت صاحبنا من حق مشروع في ان يعالج نفسه في مصحات الحكومة. ** اما الشيء الثاني الذي تذكره صاحبنا فهو معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع، وحاول عبرنا وعبر هذه السطور ان يدفع اليه بعتاب رفيق، عن الاحوال الصعبة لمراكز الرعاية، ويبدو انه لم يكف تلك المراكز انها متواضعة الامكانيات الى الحد المخجل، فزادت على ذلك بأن تذهب للاستجمام في اجازة نهاية الاسبوع، مغلقة أبوابها ليومين متتاليين، تاركة صاحبنا هذا وامثاله من الكثيرين جداً، اما ان يأخذوا أدوية من الصيدليات الاهلية بدون كشف طبي، وهذا فيه خطر شديد كما هو معروف، او ان يدفع كل مواطن (الشيء الفلاني) ليعالج نفسه واطفاله بعد ان عجزت المراكز عن اداء عملها كما ينبغي. ** سيقول قائل لماذا لا يراجع صاحبك هذا الطوارئ بالمستشفيات الحكومية اذا كان مصراً على العلاج المجاني الحكومي، واقول ليجرب احدكم ويذهب اليها ويرى كيف المعاملة اولا، ثم كيف سيسخرون منه لانه يراجع من اجل الانفلونزا، بينما الكراسي والممرات ممتلئة بمن حالتهم اصعب وادهى وأمر، وهذا علمي وسلامتكم. [email protected]