أعلن رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكمة في الجزائر عمار سعيداني أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يريد الإسراع بإجراء إصلاحات دستورية قبل عام 2014، لإنهاء دور جهاز المخابرات كلاعب مؤثر في السياسة. وأي تحد لجهاز الاستعلامات والأمن (المخابرات) قد يكون بمثابة هزة كبرى في الجزائر حيث يقول مراقبون إن جهاز المخابرات يحكم من وراء الكواليس من خلال نخبة بجبهة التحرير الوطني منذ استقلال الجزائر عن فرنسا في عام 1962. وقد تحدد حملة بوتفليقة التي سينظر إليها باعتبارها جزء من الصراع على السلطة بين فصيله في جبهة التحرير الوطني وبين رئيس المخابرات محمد مدين ما إذا كان بوتفليقة سيرشح نفسه لفترة ولايةرابعة أم سيتنحى حسبما يتوقع كثيرون. وتجري مراقبة التغييرات في القيادة السياسية الجزائرية عن كثب- فالجزائر واحدة من كبار موردي الطاقة لأوروبا وشريك رئيسي للولايات المتحدة في محاربة المتشددين الإسلاميين في المغرب العربي. وقال سعيداني لرويترز إن بوتفليقة عازم على إنشاء "مجتمع مدني"وتقييد النفوذ السياسي لجهاز المخابرات. وقال في مقابلة أجريت في مقر جبهة التحرير الوطني في حي هيدرا بالعاصمة الجزائر:"ستستمر المخابرات في القيام بدورها لكنها لن تتدخل في السياسة بما في ذلك الأحزاب السياسية والإعلام والقضاء." وأضاف أن الإصلاحات الدستورية ستضع تعريفات واضحة لأدوار جهاز الأمن والجيش. ومضى يقول إن عهد تدخل الجهات صاحبة النفوذ في السياسة انتهى "لأن بوتفليقة يريد بناء دولة مدنية." ويقول محللون إنه قد يكون من الصعب تهميش المخابرات بشكل كامل. وقالت مجموعة أوراسيا للدراسات في تقرير صدر مؤخرا إن فصيل بوتفليقة ربما يسعى لتحقيق "تكافؤ في الملعب" مع أجهزة المخابرات قبل الانتخابات. وتنفي الحكومة الجزائرية أن البلاد تدار من خلال اتفاقات في الغرف المغلقة بين نخبة من الحزب والجيش. ونقل بوتفليقة قبل خمسة أشهر للعلاج من جلطة في مستشفى فيباريس. لكن المحللين يقولون إنه عمل منذ عودته للجزائر في يوليوتموز الماضي على تطويق منافسيه وتعيين موالين في مناصب رئيسية فيتعديل وزاري جرى مؤخرا. وأضاف المحللون أن بوتفليقة أضعف نفوذ جهاز المخابرات بالفعل بنقل بعض صلاحياته للجيش حيث يشغل أحد الموالين له الآن منصب رئيس الأركان. ويمكن لبوتفليقة أن يرشح نفسه مرة أخرى بموجب الدستور لكن المراقبين يقولون إن الجزائر تتعرض لضغوط منذ انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 لإنجاز الإصلاحات الدستورية التي وعدت بها وإظهار أنها تعمل على تعزيز الديمقراطية. وقال بوتفليقة في أبريل عام 2012 إن زمن جيله ولى، مشيرا إلى زعماء حقبة الاستقلال المخضرمين الذين قادوا البلاد على مدى خمسة عقود. وفي مقدمة الإصلاحات المتوقعة اقتراح بتقييد مدة منصبي الرئيس ونائب الرئيس الذي سيخرج بوتفليقة من سباق الرئاسة إذا ما أقر. وقال سعيدان: "إنه مرشحنا ولا مرشح لانتخابات الرئاسة غير بوتفليقة." لكن عند سؤاله عما سيحدث إذا رفض بوتفليقة الترشح أجاب:"من السابق لأوانه الحديث في هذا الأمر الآن." وأضاف أن الدعوة ستوجه للمراقبين الدوليين لمتابعة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في أبريل. ولا يعرف الجزائريون بعد من سيكون المرشحين للرئاسة رغم أن هناك أكثر من 100 حزب سياسي نشط في البلاد. ولا توجد أمام معظم المرشحين فرص كبيرة للفوز في نظام لا تزال جبهة التحرير الوطني تهيمن عليه. وقال سعيداني "ستخرس الإصلاحات وكذلك الانتخابات القادمة الذين يشوهون سمعتنا من الخارج... لن يكون في وسعهم القول بأن الجنرالات يحكمون الجزائر."