يراقب مرشحون مفترضون للانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر تطورات المشهد السياسي في البلاد من بعيد، في ظل احتمال ولو ضئيلاً بعدم ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة باسم حزب «جبهة التحرير الوطني» الوطني الحاكم لولاية رابعة. ويناشد بعض الجهات السياسية والمدنية المعارضة رئيسي الحكومة السابقين مولود حمروش وعلي بن فليس الترشح للانتخابات. ويبدو الأول متردداً لكن الثاني حسم أمره بالترشح ولو منافساً لبوتفليقة. في المقابل، لا تزال «الضبابية» مسيطرة على أجواء أحزاب الموالاة حول سيناريو الانتخابات الرئاسية، إذ يبدو ان بوتفليقة يفضل إطالة فترة الترقب إلى كانون الثاني (يناير) أو شباط (فبراير) المقبلين، لإعلان قراره بشأن الدعوة التي تلقاها من الحزب الحاكم الذي يرأسه فخرياً للترشح. ويستقطب كل من حمروش وبن فليس اهتمام لجان المساندة في الولاياتالجزائرية وفي اوساط الجزائريين في الخارج. ودرجت تلك اللجان على توجيه النداءات لضرورة الترشح إما بشكل تلقائي أو متعمد، حتى يبدو الإعلان عن الترشح كأنه استجابة لمطالب ملحة من منظمات جماهيرية متجذرة شعبياً. وطالب جزائريون مقيمون في أميركا الشمالية، حمروش، رئيس الوزراء في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، بالترشح للانتخابات. وأكد أصحاب المبادرة أن دعوتهم أتت بعد نقاش كبير بين أبناء الجالية في أميركا الشمالية، إذ اعتبروا أن حمروش هو الوحيد الذي «بإمكانه إخراج البلاد من المأزق. فالوضع الأمني والاقتصادي للبلاد مقلق جداً يتطلب تحمل المسؤولية للحد من الانزلاق إلى ما لا يمكن إصلاحه». من جهته، أنهى بن فليس، رئيس الوزراء في حكومة بوتفليقة الثالثة ومنافسه «اللدود» في انتخابات عام 2004، تنصيب لجان المساندة في كبرى المدن الجزائرية، واستكمل إعداد برنامج حملته. ويُشاع أن دائرة نافذة في جهاز الاستخبارات تدعم ترشحه، وقد تكون التغييرات التي أجراها بوتفليقة داخل المؤسسات العسكرية تستهدف بالأساس وقف طموح بن فليس إلى الرئاسة. وقال ل «الحياة» مرجع سياسي عمل لسنوات إلى جانب بوتفليقة: «لو خُيِّر الرئيس بين دعم حمروش أو بن فليس فسيدعم الأول بالتأكيد»، في إشارة إلى التقارب ما بين «جبهة التحرير الوطني» و «جبهة القوى الإشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر. وكان الأمين العام للحزب الحاكم فاجأ الرأي العام برسالة «غزل» سياسي للزعيم التاريخي ل «الجبهة الاشتراكية» حسين أيت أحمد المقيم في سويسرا. وأعلن مشاركته في ملتقى اقتصادي يشرف عليه الحزب المعارض في الأيام القليلة المقبلة، ويفسر بعض المراقبين ذلك بأنه «ترجمة للتوافق الحاصل بين الحزبين حول دعم محتمل لحمروش». ورغم انتماء حمروش ل «جبهة التحرير الوطني»، فإنه صاحب مبادرات سياسية أشرك فيها «جبهة القوى الإشتراكية»، لذلك يحظى بدعمها المطلق. وبذلك تكون معالم «الصفقة» بين أكبر حزب موالٍ وأكبر حزب معارض واضحة، قياساً لطبيعة المطالب التي يرفعها الأخير منذ نشأته السرية عام 1963 وفي مقدمها إنهاء مظاهر «البوليس السياسي» في البلاد، في إشارةٍ إلى نفوذ أجهزة الاستخبارات في الحياة السياسية. وقد يكون كلام الامين العام للحزب الحاكم عمار سعداني عن نوايا بوتفليقة «تمدين» نظام الحكم، بمثابة تطمينات لحسين أيت أحمد بأن خطط تحييد الأجهزة العسكرية اكتملت.