في خطوة من شأنها تعزيز قبضته على مفاصل الدولة قبل تصويت مرتقب للحكومة على تعديلٍ للدستور يسمح بتمديد ولايته لسنتين إضافيتين، أجرى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، سلسلةً من التعيينات في سلك ولاة المحافظات، منهياً الجدل حول شغور أعلى مناصب المسؤولية في أربع من المدن الجزائرية الكبرى. وتمهد هذه التعيينات لأخرى مماثلة في السلكين الديبلوماسي والقضائي، الأمر الذي يشير إلى رغبة بوتفليقة في إحكام سيطرته على مفاصل الدولة قبل أقل من ستة أشهر على الانتخابات الرئاسية. وأعلنت الرئاسة الجزائرية عن قرار بوتفليقة إجراء «حركة جزئية» في سلك الولاة (المحافظين)، مست بالدرجة الأولى، الولايات التي رُقي ولاتها إلى وزراء في التعديل الحكومي الأخير. واعتبر أهم تعديل في «الحركة الجزئية» تعيين والي سطيف (300 كلم شرق العاصمة) عبد القادر زوخ على رأس ولاية العاصمة خلفاً لمحمد عدو كبير الذي قد يكون استُدعي لشغل منصب ديبلوماسي في إطار الحركة المرتقبة في سلك السفراء. وتضع تعيينات سلك الولاة حداً لجدل استمر أسابيع عدة، في شأن شغور منصب الوالي (محافظ) في أربع ولايات كبرى هي قسنطينة وعنابة وتلمسان ووهران، كما أنها تؤكد على قدرة بوتفليقة على إجراء تغييرات مفصلية في أهم مناصب الدولة، بعد التغيير الحكومي الكبير الذي أجراه، إضافةً إلى التعديلات التي أدخلها على قيادات أجهزة الاستخبارات الداخلية وجهاز مكافحة التجسس وتحويله إدارة بعض الفروع الأمنية من سلطة الاستخبارات إلى قيادة الأركان التي يشرف عليها الفريق أحمد قايد صالح. ويقول بعض المحللين أن الرئيس الجزائري قرر خلال فترة علاجه في باريس إثر إصابته بجلطة دماغية، إنهاء دور الاستخبارات في الحياة السياسية. لكن آخرين يرون في تغييرات بوتفليقة، وجهاً من أوجه صراعه مع الفريق محمد مدين الشهير ب «الجنرال توفيق»، قائد جهاز «الاستعلام والأمن» الرافض للتمديد للرئيس لولاية رابعة. وصرح الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني بأن بوتفليقة يريد الإسراع بإجراء إصلاحات دستورية قبل عام 2014 لإنهاء دور الاستخبارات كلاعب مؤثر في السياسة، في إشارة إلى أن هذا الجهاز هو الذي يقف بوجه «تمدين» نظام الحكم. وتُعدّ هذه أول مرة يجاهر فيها مسؤول سياسي جزائري رفيع بنفوذ «دائرة الاستعلام والأمن» على الحياة السياسية في البلاد. وقال سعداني إن الاستخبارات «ستستمر في القيام بدورها لكنها لن تتدخل في السياسة، بما في ذلك الأحزاب والإعلام والقضاء». وبقي بوتفليقة بعيداً عن الأنظار منذ الوعكة الصحية التي ألمّت به أخيراً، لكنه عاد بقوة إلى الساحة السياسية من خلال تعديل حكومي أعاد المبادرة لحلفائه في الحكومة، وكبرى الأحزاب وفي مقدمها «جبهة التحرير الوطني» التي يقودها عمار سعداني أحد أبرز الموالين للرئيس.