الكل يلاحظ هذا الكم الهائل من الصحف الورقية والصحف الالكترونية التي تنتشر في أرجاء وطننا الغالي سيعتقد أن الفائض الصحافي وصل ذروته في بلادنا وأننا نعيش نهضة ثقافية وصحافية تضاهي البلدان التي تحررت شعوبها من الأمية. والحقيقة أننا على العكس من هذا المفهوم تماماً وأن هذه الإصدارات الكثيرة إنما هي نتيجة للمساحة الواسعة من حرية الرأي والتعبير التي منحتها لنا الدولة وعملت على صيانتها والحفاظ عليها كمنجز مهم في حياة شعبنا لكي تتبارى على رحاها الأقلام وتتحقق الأحلام في ربوع هذا الوطن وشعبه المقدام إيمانا منها بعظمة الرسالة الصحافية وبالدور المهم الذي تقوم به الصحافة في حياتنا العامة حيث يتوجب على حملة الأقلام إدراك هذه الأهمية وهذه الثقة التي أولتها الدولة رعاها الله أهمية بالغة وضرورة البعد بكتاباتهم عن سفاسف الأمور التي تضرهم . وهو ما يجب أن يفهموه ويعملوا على تعطيرة في كتاباتهم وجعل أقلامهم محاريث لإصلاح ذات البين وزرع بذور الخير والحب والوئام بدلاً من فتقها وتحويلها إلى معاول هدم وخناجر مسمومة يطعنون بها الوطن ويحدثون فيه جراحات عميقة تدمي قلوب أبنائه الشرفاء ووطنيتهم المثالية ، حيث يتألمون لألمه ويفرحون لفرحه بعيداً عن مزامير المرجفين وأبواقهم المأجورة التي تريد أن تحول نعمة الأمن والأمان إلى نقمة تحدث شرخاً داخل الجسد الواحد والبيت الواحد مع أن الواقع يفرض عليهم أن يقابلوا هذا الجميل بالجميل لا بالقبيح ، فهذه الأعمال ليست من شيم الشعب السعودي ولا من أخلاقهم التي اتصفوا بها. فليس أجمل من هذا المناخ الذي نعيش ونتنفس طراوته في مختلف حياتنا إن للوطن على حملة الأقلام وبالذات الصحفيين الشىء الكثير، بل ويلزم تقديم الكثير لاثبات ولاءاتهم ورد بعض مما عليهم لهذا الوطن الذي منحنا الكثير ولم نعطه سوى القليل بل أننا لن نصل إلى أي مجد ما دامت أقلامنا مغموسة في محابر الوهم والكتابة على أوراق التضليل والعبارات الآسنة التي لم ترتق في صياغتها إلى مستوى الأحداث وتدوين التواريخ التي تشكل هويتنا وأساس وجودنا، فالحاضر نواة المستقبل والقادم امتداد للحالي ، أي أن المستقبل تشكله إرادتنا النابعة من بوادرنا وانعكاسات اتجاهاتنا ومتى وصلنا إلى هذه الحقيقة وشنفنا بأقلامنا وأفكارنا وسخائم صدرونا وعرفنا بأن المحصول لا يكون إلا بقدر المجهود فإننا سنقود بلادنا وأمتنا إلى طريق الخير والسلام والتطور، فالحرية لا تعني المناكفات وإطلاق العبارات والتهكمات المجردة من مفاهيم المهنة وأخلاقها السامية التي تتحدد بالكيف قبل الكم وقديماً قالوا الصمت أبلغ وأجمل أحياناً من أي كلام ليس فيه خير والحرف إجمالاً لا يقاس بالهرف والذرف بل بالمعرفة والجزالة والقدرة على الغرف من ينابيع اللغة والصرف وقبل ذلك من مفاهيم وتعاليم ديننا الحنيف الذي هو طريق نجاحنا وسر سعادتنا . بقلم / علي حنبص سعيد أل موسي / أبها