بما أنهما قناتان للقرآن الكريم والسنة المحمدية فاسأل الله أن يكون القائمون عليهما هم أهل الكفاءة والاقتدار ليعملوا على تعميق وتوثيق مفهوم الإسلام، ويقوموا بتصحيح المفاهيم المغلوطة، واعتدال الموازين، ونشر روح الإسلام كما يجب يعلم الجميع أن الإعلام بلاغ لرسالة سامية راقية تعنى بالعقول، وتقدر الذات وتعمل على تهذيب الأخلاق وإتمامها.. هذا ما يجب أن يكون عليه الإعلام. إلا أننا في عصر التخلف والانهزام شيء طبيعي أن ينحرف الإعلام لمستويات دون، حيث عمل به للكسب المادي المحض ومن خلال ثغرات للشخصية المركبة، والعقول المبرمجة. إن الإعلام في صيغته اليوم ضمير مستتر تقديره أهواء ونزوات لأناس لا يقدرون العواقب إلا ما ندر..! وميوله مادية بحت إلا من هدى الله! أُخذ على النقاط الأضعف في الإنسان ليجتر الأموال من الشعوب البائسة التي أنهكها اليأس وأخنعها الإحباط فغدت عقولاً مجردة وأفئدة خاوية تابعة مطئطئة بأعين سارحة تزيد من التيه وتسهم بشكل مباشر في تشتت الذهن وضياع المبدأ، فأصبحنا شعوباً (متبلدة) نرضى بالكثير من الخواء الفكري، والجفاف العاطفي على حساب تقدمنا وأهدافنا ومستقبلنا.. في الحياة!! كما أنتج هذا البث – من كل قنوات العالم – أجيالاً متخبطة تسير دون هدف أو ضالة إلى حكمة أو غاية.. يعيشون على هامش الحياة أو كيف لها أن تأتي به وتمضي الأيام.. فانقسمت المجتمعات إلى عدة أقسام وجماعات وفئات كل منهم يرى نفسه على حق ودراية! إن هذا الغرس الإعلامي المبثوث سيطر على التوجه الثقافي والفكري لدى الناس، فشغل (العرب) بما لا يعنيهم، وتركوا ما يعنيهم ويعينهم في مهب الريح، وانخرطوا رويداً رويداً وبإجحاف وتمرس في الملذات الزائلة وأصناف الغواية والمجون إلا البعض اليسير الذين يصرخون الآن بالعودة إلى الأصل والجذور ولا من مجيب! ونأتي هنا عند إعلامنا السعودي الذي نراه مكافحاً وراكضاً في غياهب عمق سحيق يسعى للاستطالة والخروج من مأزق التأخير والركود إلى توافق علّه يكون مقبولاً أو متوسطاً ما بين نهجنا ودستور حياتنا وما بين متطلبات العصر الحديث، والأمر هنا لا يحتاج تحيراً بل مضياً صارخاً وقوياً في ما يجب أن (يفعّل) به نهج ودستور حياة المسلم حيث نحن من تتطلع وتشرئب وتشنف أعين وآذان المسلمين في أنحاء العالم إلينا، وإن تدشين وزارة الثقافة والإعلام لأربع قنوات جديدة في «القرآن الكريم- والسنة النبوية- والاقتصاد والثقافة والحوار» يعني مرحلة جديدة نحو الارتقاء عن الغث وعن السفاسف والهزل الذي يقدمه الإعلام الآخر، كما يعني الارتقاء عن الإعلام المبتذل والرخيص إلى ما ينعش الروح ويثري الفكر ويعيد أمجاد التاريخ الذهبي فنحن رغم التطور الكبير في شتى مجالات ومناحي الحياة إلا أننا نعاني من التخلف والجهل ببعض المفاهيم المنصوص عليها فكرياً وعملياً من خصوصية ووسطية واعتدال هي في الأصل نهج السلف الصالح الذي كان (تعاملهم) يرقى فوق الصغائر والمصالح الشخصية والأنانية وحب الذات، حيث كان تعاملاً إنسانياً رفيع المستوى يثمر الإيثار والعطاء والتعاون والحب والتضحية والمروءة من أجل مصالح الناس والسعي إلى إعانتهم والأخذ بأيديهم إلى سبل السلام. إننا نحتاج من إعلامنا الصورة الناصعة بالصدق والشفافية وأن يعمل مع كافة الأطياف الفكرية بمرونة ووضوح ذلك ما تؤكد عليه عقيدتنا وثوابتنا الدينية، ويعززه الفكر الإيجابي الحصيف الذي يقود إلى العلم والخير، والأخذ بالرأي والرأي الآخر، وإلى العدالة والمواساة لأننا بذلك نعمل على أن تعم المحبة والتآخي والتعايش السلمي والتقارب الإنساني.. فكل هذا الخير شحت به الموارد الفكرية فجفت من حياتنا وتعاملنا روح الإسلام العطرة ما بيننا حيث غدا المضمون أجوف والظاهر شاحباً تسيطر عليه غلبة التطبيل ووحشة الفكر الأحادي، وبما أنهما قناتان للقرآن الكريم والسنة المحمدية على المبعوث والمبلغ بها أزكى الصلاة وأعطر وأتم التسليم، فاسأل الله تعالى أن يكون القائمون عليها هم أهل الكفاءة والاقتدار ليعملوا على تعميق وتوثيق مفهوم الإسلام، ويقوموا بتصحيح المفاهيم المغلوطة، واعتدال الموازين، ونشر روح الإسلام بالمجتمع كما يجب والله المعين. إضاءة: كن لله كما يريد يكن لك فوق ما تريد الكل يريدك لنفسه إلا الله.. يريدك لنفسك