تسابق المخابرات الأمريكية الزمن لفحص الوثائق وملفات الكمبيوتر التي عثرت عليها في المجمع السكني الذي أقام فيه أسامة بن لادن واغتيل داخله بواسطة قوة خاصة فجر الاثنين الماضي. الهدف الأول اصطياد أي خيط يساعد في التعرف على من يرث قيادة القاعدة وملاذاتهم المحتملة وبلوغها سريعا قبل أن يرحلوا عنها أو يغيروا طريقة التواصل بينهم. أسماء عديدة تضعها في القائمة الرئيسة لورثة الزعامة المحتملين، لكن أسهم أبو يحيى الليبي الإعلامية والاستخباراتية قفزت سريعا إلى جانب النائب المعروف لإسامة بن لادن الدكتور أيمن الظواهري، بل وتفوق الليبي بكاريزما خاصة وعلم ديني حصل عليه في موريتانيا. كانت القوة الخاصة التي قتلت أسامة بن لادن فجر الاثنين الماضي مع أربعة من رفاقه عثرت على وثائق مكتوبة بلغات متعددة وبعضها مشفرة، ويبدو للوهلة الأولى أن هناك قيمة لها. فرقة عمل لفحص الوثائق ونقلت صحيفة "لوس انغلوس تايمز" الخميس عن مايك روجرز أحد كبار مسؤولي المخابرات أنه تم تأسيس فرقة عمل خاصة في أفغانستان لتحليل تلك الوثائق بحثا عن خطط جديدة تنوي القاعدة تنفيذها أو ملاذات قياداتها ومصادر التمويل. وكثفت المخابرات جهودها لالتقاط أي اتصالات بين قادة القاعدة والمتعاطفين معها في أعقاب مقتل زعيمهم الروحي. ويشعر خبراء الإرهاب في الولاياتالمتحدة بالقلق من أن تقوم خلايا القاعدة أو الجماعات التابعة لها بعمليات انتقامية لمقتل زعيمها الروحي أسامة بن لادن. ويعتقد رجال الاستخبارات أن الارتباك الذي يطرأ على القاعدة وعملية إعادة التنظيم بعد اعتقال أو قتل أحد كبار قادتها، مرحلة مناسبة لجمع المعلومات عنها والإيقاع بصيد ثمين أو أكثر، وهو ما ينطبق على الوقت الحالي. ويراقبون عن كثب أي شخص يفترض أنه سيرث زعامة القاعدة ويقع في المرتبة الأولى أيمن الظواهري العقلية المدبرة والتنظيمية، لكنه لا يتمتع بشعبية بن لادن عند جماعات القاعدة، ويفتقر إلى الكاريزما الشخصية. وتضع التحليلات في اعتبارها أن "القاعدة" تحالف غير مستقر بخلفيات متعددة، ويبرز اسم أبو يحيى الليبي مسؤول الدعاية في تنظيم القاعدة الذي برز بشدة عقب فراره من سجن تديره القوات الأمريكية في قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان في 10 يوليو/تموز 2005. لكن أبو يحيى مثله مثل الظواهري قد لا يكون مقبولا بين العناصر الخليجية في تنظيم القاعدة مما يقلل من فرصه في خلافة بن لادن. وحتى هروبه كان أبو يحيى الليبي قائدا غامضا، لكن صيته انتشر بعد ذلك باعتباره مهندس عملية "الهروب الكبير" من قاعدة باغرام مع ثلاثة إسلاميين آخرين. أبو يحيى الليبي مهتم بالمعلومات ويعتقد أن الليبي في العقد الرابع من عمره، ويعتبر من المخططين الاستراتيجيين للقاعدة، وظهر في العديد من مقاطع الفيديو على مواقع الإنترنت، وبرز اهتمامه بالمعلومات. وفي أبريل/نيسان 2008 نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جاريت براشمان، المحلل السابق لوكالة المخابرات المركزية -وعمل أيضا مديرا لأبحاث مركز محاربة الإرهاب في وست بوينت- إنه يعتبره "رجل المهام الصعبة في القاعدة، فهو مقاتل وشاعر وعالم، وناقد وقائد عسكري ولديه شخصية قوية للغاية ونجم بازغ في سماء القاعدة، وأعتقد أنه أصبح الوريث الظاهر لأسامة بن لادن فيما يتعلق بتولي مسؤولية القاعدة عالميا". بالإضافة إلى الشباب وقوة الشخصية، يمتاز أبو يحيى الليبي بمهارة يفتقدها قادة "القاعدة"، وهي العلم الشرعي. وصورت "القاعدة" الليبي الذي قضى سنتين في موريتانيا لدراسة الإسلام في العديد من مقاطع الفيديو مثل أفراد القيادة العليا من قبيل بن لادن وأيمن الظواهري. وألقت الأدوار التي قام بها الليبي في مقاطع الفيديو، بدءا من تجنيد العناصر إلى التكوين الفكري، الضوء على التغير الحادث في تكتيكات "القاعدة". واحتوت هذه التكتيكات على مناورات دفاعية تهدف إلى تخفيف الحملات الإعلامية المضادة للولايات المتحدة وحلفائها. يتحدث بطريقة وعظية ويلقي الليبي رسائله بصبغة وعظية، ويرتدي عمامة سوداء تصل إلى صدره، وثياباً عربية بيضاء وسترة مموهة. ويزيد الليبي من استخدام مقاطع الفيديو. ويشير الكاتبان مايكل موس وسعاد ميخنيت في نفس التقرير الذي نشرته نيويوك تايمز إلى أن الليبي حث في خطاب استغرق 93 دقيقة مؤيديه على الحرب النفسية المدعمة بالدعاية غير الحقيقية. شقيق أبو يحيى الأكبر كان سجينا في ليبيا وشخصية هامة في جماعة ليبية، ذهب أعضاؤها إلى أفغانستان للمساعدة في هزيمة الاتحاد السوفيتي. وبعد عام من أحداث 11/9 قبضت السلطات الباكستانية على الليبي وسلمته إلى السلطات الأمريكية التي سجنته في قاعدة باغرام العسكرية. وهو يستخدم أسماء أخرى مثل حسن قائد ويونس السهراوي، ويعتقد أنه يعيش في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية.