عاد الهدوء إلى مدينة الإسكندرية في اليوم الثالث من وقوع الاعتداء الذي استهدف ليلة رأس السنة كنيسة القديسين في حي سيدي بشر. وقال مراسل "العربية" إن المدينة لم تعد تماماً كما كانت قبل الحادث لكن الأوضاع الآن أفضل كثيراً من اليومين الماضيين، مع انتشار إشاعات غير حقيقية عن مناوشات بين أقباط ومسلمين. وأضاف أنه لا يشاهد الآن أي مظاهر غير طبيعية فيما عدا الوفود التي تأتي لزيارة الكنيسة لإعلان التضامن مع عائلات ضحايا التفجير. بابا الفاتيكان: هناك سوء تفاهم وشُددت الاجراءاتُ الأمنية حولَ الكنائس في مصر مع اقترابِ الاحتفالات بعيد الميلاد القبطي الخميس والجمعة المقبلين، كما أكد متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية أن رئيس الكنيسة القبطية في ألمانيا أشار إلى وجود تهديدات للكنائس القبطية في البلاد بمناسبة عيد الميلاد. وفتح كذلك تحقيق في باريس حول تهديدات مماثلة إثر شكوى تقدم بها مسؤول ديني في كنيسة باريس القبطية. من جهته رفض الفاتيكان اتهامات شيخ الأزهر للبابا بنديكت السادس عشر بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر بسبب دعوته العالم إلى حماية الأقباط فيها بعد الاعتداء على كنيسة القديسين. وقال المتحدث باسم الفاتيكان، الأب فديريكو لومباردي، بحسب وكالة انسا الإيطالية إن "البابا تكلم عن التضامن مع المجموعة القبطية التى تعرضت لضربة قاسية، ثم عبر بعدها عن القلق من تداعيات العنف على كل السكان أكانوا مسيحيين أم مسلمين". وتابع "لذلك لا نرى كيف يمكن أن يعتبر هذا الموقف من البابا الراغب في بث روحية اللاعنف أمام الجميع تدخلاً، أعتقد أن هناك سوء تفاهم في التواصل". وأضاف "أشرنا إلى تعرض كنيسة مسيحية للهجوم وهذا يعني أننا أعربنا عن القلق إزاء الأقليات المسيحية التي يضربها العنف، وهذا لا يعني أننا نريد تبرير أو التقليل من شأن العنف الذي يستهدف مؤمنين من ديانات أخرى". وكان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أعلن في مؤتمر صحافي بمقر المشيخة الأحد 2-1-2011، رفضه دعوة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، التي طالب فيها بحماية الأقباط في مصر، واصفاً هذه الدعوة بأنها تدخل "غير مقبول" في شؤون مصر. وقال الطيب"إنني أختلف مع البابا في هذا الرأي". وتساءل: "لماذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال قتل في العراق". وانتقد شيخ الأزهر التعامل بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين جراء ما يحدث في العالم من أعمال قتل لهم. آل الشيخ: أحداث يدبّرها أعداء الإسلام من جهته قال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء إن تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية "لا يخدم الإسلام وليس له صلة وإنما يستعدي على الإسلام". وأضاف خلال احتفال إدارة الملك عبدالعزيز بافتتاح معرض تراث المملكة العربية السعودية المخطوط، أن ما حدث في جمهورية مصر العربية من هذه الأحداث الخطيرة التي شجبها العالم كله، والسعودية أول شاجب لهذا الحدث ومستنكر له. وأدان "الأحداث المتتابعة التي يدبرها أعداء الإسلام للنيل من المسلمين، لاستعداء غير المسلمين على المسلمين بأي صورة أحدثوها، وبأي وسيلة ابتدعوها. وأكد أن هدف ذلك وغايته هو إضعاف شأن الأمة المسلمة، وإحداث الفوضى بين صفوفها وتدمير كيانها وتسلق الأعداء عليها. وكان وزير الداخلية المصري حبيب العادلي كشف عن توصل الأجهزة الأمنية إلى معلومات مهمة، من شأنها أن تساعد في كشف هوية مرتكبي حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية. وأشار العادلي إلى "تورط جهات أجنبية في ارتكاب الحادث وأن هناك بعض المتسللين الذين تم التعرف إليهم دخلوا مصر قبل أعياد الميلاد عبر الحدود بمساعدة مصريين"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "المصري اليوم"، الاثنين 3-1-2011. وتحدثت الصحيفة عن طلب الجهات الأمنية من سلطات المطارات والموانئ المصرية رصد وصول أي مشتبه به خلال الشهر الماضي، ما أسفر عن قائمة تضم 15 أجنبياً دخلوا البلاد خلال شهر ديسمبر 2010. بينما تنتظر النيابة تقارير إدارة المرور حول بيانات 13 سيارة كانت موجودة قرب مكان التفجير. وفي سياق متصل، تم تشديد الإجراءات الامنية ونشر أعداد كبيرة من قوات الامن حول الكنائس في مصر مع اقتراب الاحتفالات بعيد الميلاد القبطي الخميس والجمعة وذلك بعد الاعتداء الذي استهدف ليلة رأس السنة كنيسة القديسين في الاسكندرية مخلفاً 21 قتيلاً ونحو 100 جريح. من جهته، أفاد مراسل "العربية" في مصر بأن جهات التحقيق توصلت لبعض الخيوط لتحديد معالم الجريمة، وأن هناك اشتباهاً في راس أحد ضحايا التفجير الذي يحتمل أن يكون هو منفذ الهجوم، ولكن هناك انتظاراً لنتائج تحليل الحمض النووي "دي إن أيه"، مشيراً إلى شهادات شهود العيان الذين الذين التقطوا أكثر من صورة للجاني. وأوضح المراسل أن مصادر في جهات التحقيق أشارت إلى أن الجناة قد يكونوا من خارج مصر، وبالتحديد من دول آسيوية، نجحوا في التسلل أو بالتنسيق مع بعض المصريين، والمحت المصادر إلى أن الجناة دخلوا عن طريق سيناء، ولكن لا يوجد تأكيد للآن لهذه المعلومات. صاحب "السكودا" سلم نفسه من جانبه سلّم فريد عادل صاحب السيارة السكودا الخضراء التي قيل سابقاً إنها تسببت بالانفجار، نفسه إلى النيابة بصحبة أحد المحامين، ونفى فريد عادل، وهو قبطي، أي علاقة له بالحادث. واستمعت النيابة إلى أقوال عدد من الشهود والمصابين، الذي أدلوا بأوصاف "دقيقة" للمشتبه بتنفيذ التفجير، منها أنه أبيض البشرة، يقارب الأربعين من العمر، ويصل طوله إلى 180 سنتيمتراً. كما أنه حليق الذقن والشارب، ويرتدي نظارة طبية، وسترة زرقاء تحتها قميص فاتح اللون. كما أجمع الشهود على وجود انفجارين: الأول عند الساعة الثانية عشرة و15 دقيقة، تلاه الثاني ب5 دقائق. وتضمنت إفادة حارس أمن في الكنيسة, مواصفات المشتبه فيه, وأنه أثناء عمله لفت انتباهه وجود سيارة سكودا، فيها 3 أشخاص، أخذ سائقها وقتاً طويلاً في عملية ركنها أمام الكنيسة في الجهة المقابلة, رغم أن المكان كان يتسع لأوتوبيس. وكان معه شخصان آخران تركا السيارة, وبقي سائقها لمدة طويلة. من جهتها، ذكرت صحيفة "الأهرام" أنه خلال تشريح جثث ضحايا التفجير، عثر الأطباء على مسامير وأجسام صلبة داخل الجثث، ما يرجح أن القنبلة المستخدمة كانت بدائية الصنع. إلى جانب احتمال أن يكون الجناة قد استخدموا كميات كبيرة من المواد المتفجرة المصنوعة من مادة ال"تي إن تي"، بالإضافة إلي بعض القطع الحديدية التي تتطاير مع الشظايا وتخلف الإصابات, كما تعمل الموجات التفجيرية على بتر الأجزاء وتفتيتها.