أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي استقالته الجمعة بعد أن حال حزب الله وحلفائه دون تشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات البرلمانية وعارضوا المد لمسؤول أمني بارز في منصبه. وقال ميقاتي في مؤتمر صحفي في مقر الحكومة بوسط بيروت "لقد راودتني الاستقالة مرتين، مرة حين عقدت العزم على تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومرة لحظة استشهاد المرحوم وسام الحسن (رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي) وفي المرتين اقتضت مصلحة لبنان علينا الاستمرار في تحمل المسؤولية." وأضاف قائلا "أما اليوم فإني أعلن استقالة الحكومة علها بإذن الله تشكل مدخلا وحيدا لتتحمل الكتل السياسية الأساسية في لبنان مسؤوليتها وتعود إلى التلاقي من أجل إخراج لبنان من النفق المجهول." وكانت مصادر وزارية قالت في وقت سابق إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي سيستقيل من منصبه الجمعة بعد أزمة في حكومته بسبب الاستعدادات للانتخابات البرلمانية ونزاع بشأن تمديد عمل مدير العام لقوى الأمن الداخلي العميد أشرف ريفي. وقالت المصادر في نهاية اجتماع للحكومة استمر ساعتين إن الرئيس ميشال سليمان علق أي اجتماعات أخرى للحكومة بعدما فشل الوزراء في الاتفاق بشأن القضيتين. المستقبل: استقالة متأخرة وفي أول ردة فعل، قال النائب في البرلمان عن كتلة المستقبل خالد زهرمان لسكاي نيوز عربية إن استقالة ميقاتي تشير إلى أنه وصل إلى نقطة اللا عودة مع فريق الثامن من آذار (زعامة حزب الله والقوى المتحالفة معه) بعدما وضعوا له العراقيل على كل المستويات". ورأى زهرمان أن من الأفضل "التوجه نحو حكومة تكنوقراط واختيار شخصيات مستقلة". من جهته، أكد عضو كتلة المستقبل النائب زياد القادري في حديث إذاعي "أن استقالة الرئيس نجيب ميقاتي متأخرة جدا وكلفة إخلاء سبيل لبنان والمواطنين كانت كلفة عالية جدا"، معتبرا أنها "تثبت صوابية مواقفنا". ولفت القادري إلى أن "الفراغ الدستوري والسياسي سيأخذنا إلى المجهول وعرقلة كل ما يتعلق بالأمن والإنتخابات والقوانين"، مشيرا إلى "أننا يجب أن نذهب سريعا للتفاهم لملىء الفراغ الذي سيحصل مع استقالة الحكومة وإجراء مشاورات جدية من خلال اتفاق سياسي ومظلة سياسية توفر الأمن للمواطنين". واعتبر القادري أن "مزاجية النأي بالنفس عند رئيس الحكومة نجيب ميقاتي محيرة لأنه لا ينأى بنفسه فقط عن تولي المسؤولية، بل سياسته أيضا تخضع لمزاجية شديدة الالتباس"، لافتا إلى أنه "دعا النواب منذ سنة لسحب الثقة من الحكومة لحمايتها من نفسها وإنقاذ البلد منها". وفي سياق آخر، شدد القادري على أنه "لا يعقل أن نسير بالإقتراح الأرثوذكسي حفاظا على روح ميثاق العيش المشترك، ولكن هذا لا يعني أن تكون الدعوة للتشريع خاضعة لمزاجية تيار المستقبل أو حركة أمل أو غيرهما"، لافتا إلى أن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ينطلقان من مسألة قانون الانتخاب من نقطة اللاعودة وهذه عرقلة واضحة للانتخابات". جعجع يثمن موقف ميقاتي من جهته، أيد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في بيان "موقف الرئيس نجيب ميقاتي بالاستقالة"، وقال: "لا يمكن في هذا الظرف الدقيق، إلا أن أثمن الخطوة الجريئة التي أقدم عليها رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، خصوصا أن هذه الاستقالة، جاءت على أثر رفض فريق 8 آذار التمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية وإصراره على إدخال البلاد في مزيد من الفراغ الخطير والقاتل". وأضاف جعجع: "أتمنى في هذه المناسبة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أن يبادر في أسرع ما يمكن إلى تحديد مواعيد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد، يعمل على تشكيل حكومة تحمي الشعب والدستور، وتحقق الاستحقاقات في مواعيدها، وتنقذ لبنان من المآزق السياسية والاقتصادية والأمنية التي زجت الأكثرية الحكومية المغادرة البلاد فيها". تجدد الاشتباكات ميدانيا، أنهت المعارضة اللبنانية اعتصاما كانت بدأته في أكتوبر الماضي وبدأت بإزالة الخيم التي نصبتها أمام مقر رئاسة الحكومة، فيما قطع مناصرون لرئيس الوزراء المستقيل عددا من الطرق في مدينة طرابلس شمالي لبنان تضامنا معه، على ما أفاد مراسلنا. وحسب وكالة الإعلام اللبنانية فقد تجددت الاشتباكات في طرابلس على كل المحاور، وسقوطت قذائف صاروخية ورشقات نارية غزيرة، إضافة إلى عمليات قنص. جدير بالذكر، أن رئيس الوزراء المستقيل، عين رئيسا للوزراء في 2011 بعد ان أسقط حزب الله الشيعي وحلفاؤه حكومة الوحدة الوطنية التي كان يقودها سعد الحريري. وخلال عامين في المنصب سعى ميقاتي لإبعاد لبنان عن الحرب الأهلية في سوريا التي عمقت التوتر الطائفي في لبنان وأدت إلى اشتباكات في مدينة طرابلس الشمالية. وتسببت الحرب في سوريا وتدفق اللاجئين منها على لبنان والاضطراب الداخلي الذي يعانيه في الأصل في تباطؤ حاد للاقتصاد اللبناني وزيادة نسبتها 67 في المئة في عجز الميزانية العام الماضي.