( الزوجة الثانية ) كنت أقرأ في تراجم النساء الأوائل – رضي الله عنهن – فأكثرهن كنَّ مع أزواج لهم زوجات ، إن التعدد أختي الفاضلة مطلب شرعي وضرورة ملحة في عصر كثرت فيه العنوسة ، كما كثر فيه الانحراف ، أختي المسلمة إن كونك زوجة ثانية أو ثالثة خيرٌ من أن تكوني بلا زوج ، إن وجود المشاكل لك بسبب أن زوجك معدد لا يعني ذلك عدم المشاكل إذا كنت مستقلة بالرجل ، ما أكثر المشاكل في بيوتنا ونحن غير معددين ، المشاكل وجودها سنة كونية كتبها الله على الجميع فمستقل ومستكثر حتى بيت النبوة لم يسلم من المشاكل والهجر ، وراجعي إن شئت ما حصل بين النبي $ وزوجاته ، إن خوفك من عدم العدل لا يعني أنك لن تظلمي مع رجل بلا زوجة ، أما فارق السن بينكما فهو خير لك من أن تكوني مماثلة للرجل في العمر فتكبرين معه وتضعفين وتعجزين معه وهكذا ، أما خوفك من المجتمع الذي لا يرحم أن يقال فلانة مسكينة مع رجل له زوجة فكلام الناس لايضر إذا لم تشتغلي به ، وازرعي في نفسك الثقة واستعيني بالله ، ولقد كانت النساء الأوائل خيراً منك وكن مع رجال لهم زوجات ، أما خوفك من قل النفقة فالله يرزقك وزوجك قال تعالى : { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور:32) وأما خوفك من غيرتك على زوجك فالغيرة لن تنفك عنك حتى ولو كنت مع رجل بلا زوجة ، بل إنك إذا كنت مستقلة بالرجل فأنت في خوف مستمر من زواجه أما إذا كنت الثانية فلو تزوج بثالثة فالأمر أسهل . أختي المسلمة : إني لك ناصح وعليك مشفق فسارعي إلى الزواج إذا طلبك رجل معه زوجة ولا تلتفتي لما يقولون ولا يحزنك قولهم ، وأقدمي وأقبلي وإياك وما يذكرون من شبه واستعيني بالله رب العالمين ، وقد تكون السعادة مع ذلك الرجل المعدد ، وقد تكون التعاسة مع ذلك الرجل غير المعدد . ولقد سمعت فيما سمعت مآسيَ ِوأحداثاً وقعت سببها محاربة التعدد !! . منها أن بنتاً تقدم بها السن لأنها تريد رجلاً بلا زوجة ، حتى فاتها قطار الشباب ، فأخذت تندب حظها ، فلما كبرت سنها أرادت الرجل المعدد ، فلم يتقدم لها أي معدد ، فأخذت تئن وتندب حظها العاثر ، وتبكي وتقول أريد ولو ربع رجل ، أريد أن أسمع كلمة ( يا أمي ) . وثانية كان أبوها يرد عنها الرجال بحجة أنهم معددون ، فلما تقدم بها السن استقر أمرها في نهاية المطاف عند شيخ كبير لا يثبت على الراحلة ( لا في العير ولا في النفير ) . وثالثة غرها جمالها وطلقت أربع مرات من شباب ، فما استقر عيشها إلا مع رجل معدد . وحقيقة أتألم عندما أرى كثيراً من الشباب أو الكهول الأقوياء ، والذين ينعمون بصحة وعافية وسعة رزق ، ويرغبون في التعدد ، مع وجود كثير من الأخوات الكبيرات أو المطلقات أو الأرامل ، أو العوانس ، ثم يرددن الرجال شباباً كانوا أو كهولاً بحجة أنهم متزوجون . إن التعدد سيقضي - بإذن الله - على جزء من العنوسة ، وكم من المطلقات ، وعدد كبير من الكبيرات ، والمعدد في رأيي أفضل من الأعزب ، لأنه مُجرب ومجَرب ، ولأنه أرجح عقلاً ، وأكمل نضجاً ، وأوفر مالاً في الغالب من الأعزب ، كما أنه أصبر ، وأبعد نظر ، وأوسع أفق ، وأكثر خبرة ، وأحلم وأعلم ، وكما قيل ( أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة ) . أسأل الله للأخوات الفاضلات سواءً كن أبكاراً أو مطلقات أو كبيرات ، التوفيق لأزواج صالحين آمين ... وإلى اللقاء ... كتبه فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة