كنت حين أسافر إلى بلد عربي من سنين طويلة يتم توصيتي من قبل معارفي الذين سافروا قبلي، أو حتى من نفس أهل البلد الذين يعرفوني، حاولي إخفاء هويتك، لا تجعليهم يعرفون أنك سعودية . وكنت أستمع إلى نصيحتهم، وأحاول بشتى الطرق إخفاء هويتي، فمرة أتحدث بلهجة أهل البلد، ومرة أتحدث الانجليزية، ومرة أخجل أن أخفي هويتي التي أعتز بها، وهي المرة التي أندم فيها لأني أعلنت صراحة أني سعودية بعد سنين طويلة لا زالت نفس النصيحة تتردد، ومع أني أقلعت عن محاولاتي التي كنت أفتعلها في الماضي لإخفاء هويتي، ومع أني صرت أعلنها بكل وضوح وفخر، لكني لازلت أندم حين يعرف الآخر هويتي . وأتساءل، لماذا يسرق العربي العربي؟ لماذا لا يخجل من محاولات النصب عليه بكل راحة ضمير، ولماذا يتردد في سرقة الأجنبي الذي لا يشاركه لغة ولا دين ولا تاريخ؟ كلما رددت أنا سعودية أشعر كأنني أعلنت دعوة إلى أنني قابلة للسرقة، وكلما نظرت في عيون الآخرين التي تتهمني بأنني غنية ومن الواجب سرقتي وددت لو أقول لهم أن السياحة في بلدكم أصبحت أغلى عشرمية في المية بينما راتبي لم يزد سوى خمسة في المئة من أصل الراتب، على الرغم مما تسمعون من زيادة برميل البترول، لكنه لم يعد علي أنا سوى بزيادة في الصرف نظرا للغلاء الفاحش الذي تسببت به في كل دول العالم، وأنا أحد المتضررين من هذه الزيادة، وليس العكس . أريد أن اقول لكل الذين يعملون في السياحة في البلاد العربية أنني لا أتلقى معونة للسفر للخارج، وأن راتبي الذي كان يكفيني كي اسكن في فنادق الخمس نجوم في الماضي لم يعد يكفي الآن، بعد أن زادت الأخيرة أسعارها بشكل مبالغ فيه، فالفندق الذي كان يأخذ مني مئة أو مئة وخمسين دولارا في الليلة أصبح سعره من 250 إلى 400 دولار في الليلة، وأصبحت مهمتي قبل السفر أن ابحث عن فندق يقل سعره عن 200 دولار في الليلة، وإذا وجدت فإن السعر الذي فرحت بوجوده أدفع أضعافه في خدمات الفندق ووجباته . نعم، تقلصت قدرتي على العيش بمستوى معين في السفر، ورغم ذلك، لازال العربي الذي أسافر إليه يسأل من أين أنا كي يبيح لنفسه سرقتي والنصب علي، هناء حجازي