[frame="1 80"] حوادث الدراجات النارية مسئولية من ؟ كم يعتصر القلب ألماً , ويمتلأ الفؤاد كمداً , كلما سمع بحادث لأغلى ما تملكه البلاد من الثروات من شباب في سن الزهور, وفتيان فقدوا قوتهم وعافيتهم في مقتبل عمرهم , نتيجة لحوادث سير الدراجات النارية . ومنظران لا أنساهما لحوادث هذه الدراجات : أما الأول : فعندما دخلت ذات يومٍ على شاب في العناية المركزة وقد غُطي كل شيء في جسده بالشاش و الجبس ولم يظهر إلا جزءا من وجه بسبب حادث دراجة نارية, فتأثرت لهذا الشاب وكيف يتعدى على نفسه هذا التعدي؟ . وأما الأخر : فكان لشاب لو رأيته وهو يسير لقلت هذا سير رجل قد بلغ السبعين من عمره ولمّا يبلغ العشرين , وجاء ذات مرة إلى المستشفى بعد سقوطه في منزله , فرأيت � والله - كأن الفخذ قد أنقسم قسمين وهو يبكي ويقول : فخذي مقطوع فخذي مقطوع , فتأثر الجميع لبكائه . ولكن يبقى السؤال المهم , من المسئول عن هذه التصرفات وما السبيل لعلاجها ؟ إن المتأمل لهذه الحوادث يرى أن لتفريط الأب دور كبير في التسبب في هذه الحوادث , فهو الذي مكنه من ركوبها في سن يغلب عليه الطيش والسفه , وعدم إدراك عواقب الأمور وخطورة تصرفه , بل ربما رآه مرارا وهو يطوف هنا وهناك قد أزعج الناس بصوته , وتسبب في الأذية للمسلمين , ومع ذا يقف موقف المتفرج . وهنا أذكر الآباء بعظيم مسئوليتهم ورعايتهم لأبنائهم , وأن لا يستجيبوا لكل طلب يطلبه الأبناء , وكم سيعض الأب أصابع الندم عندما يرى نتيجة هذا التفريط والتضييع لابن فقده أو أصبح مقعدا عنده في بيته . وثمة سبب آخر في وقوع هذه الحوادث آلا وهو التفريط في تطبيق الأنظمة والتعليمات الصادرة في هذا الباب من ولاة الأمر � حفظهم الله � وهي واضحة وصريحة , وكم حمّل خادم الحرمين الشريفين � حفظه الله � المسئولين , وذكرهم بهذه الأمانة العظيمة , وهو الحريص أشد الحرص على أبناء شعبه . ونجزم انه لو كان هناك تطبيقاً جاداً لهذه الأنظمة لمَا رأينا هذه الألآم, ولمَا سكن في بيوت الكثيرين الحزن . أليس في الأنظمة وجوب إخراج رخصاً لقيادة هذه الدراجات , فأين هي في واقع هؤلاء السائقين ؟ أليس في الأنظمة إلزام السائقين لهذه الدراجات لألبسة توضع على الرأس لحماية القائد ومن معه ؟ أليس في الأنظمة معاقبة كل مخالف لطرق السير , أو من يسير سرعة زائدة ؟ وغيرها من الأنظمة فلما لا يكون لها تطبيقا في أرض الواقع ؟ كم تعجب وأنت ترى شبابا بدراجاتهم , وقد أخذوا الطريق طولاً وعرضاً في سرعة جنونية , أو تنظر إليهم وقد غامروا برفع دراجاتهم في الهواء في مغامرة ليس لها مثيل , ولا تفسره إلا بسفه عقل , وجنون شباب . وأختم بهمسة حانية لكل شاب يغامر بدراجته , ويظلم نفسه ويتعدى عليها , ويتساهل في هذا الباب فأقول له : إن أغلى ماتملك هي روحك التي بين جنيك , وصحتك التي يضحي الناس بأموالهم لأجل حفظها , فلِما تغامر هذه المغامرة وأنت تعلم خطورتها ؟ كم تذكر من شاب قد فقده أهله لأجل ساعة طيش , وكم تعرف من شاب مقعدٍ في بيته قد أصبح عالة على أهله , متندماً على صنيعه , فارجع إلى صوابك , ولاتطاوع شيطانك , وصديق السوء الذي غالباً ما يجرك لهذه المصائب , والداك سيحزنان عليك أشد الحزن إن أصابك مكروه , فهل تكون سبباً لحزنهم ؟ أنت غالي علينا وعلى أهلك ووطنك فاحفظ نفسك ولاتُلقي بها إلى التهلكة[/frame]