اقتضى العمل بإنشاء هيئة مكافحة الفساد كإجراء وقائي ضد الفساد لتكون مؤسسة رقابية فيما يبدو اعترافاً ليس مخجلاً بحالة الفساد الموجودة في المملكة، جدير بالاهتمام والبحث ما جرى لمدينة جدة من تكرار لحوادث الغرق، خصوصاً بعد إصدار وعود من جهات حكومية في جدة بإنهاء مشكلة تصريف مياه الأمطار، وكأن الفساد يرفض أن يغادر بعض مؤسسات الدولة مع تأكد فشل تلك الوعود. لا يبدو الأمر خطأ أو تقصيراً عارضاً فوعود المسؤولين ومشاريع تصريف المياه كتبت بالخط العريض على الصفحات الأولى في الصحف، وحجم المشكلة لم يتقلص!! وضعت أمامي هيئة مكافحة الفساد والتي اتخذت لها دوراً رقابياً راصداً لحالة المشاريع الحكومية ورفع تقاريرها إلى الجهات العليا بشأن ذلك، ووضعت أمامي أيضاً المجلس البلدي لمدينة جدة، فدوره لا يقل أهمية عن هيئة مكافحة الفساد في متابعة المشاريع وتطويرها، وتقديم اقتراحاته، ومرئياته، فهاتان جهتان حكوميتان تضطلعان بدور رئيسي في كشف الفساد، ومع ذلك تغرق جدة من جديد؟! في الحقيقة أنه لا دور رقابياً كاملاً تقوم به هيئة مكافحة الفساد، إن اكتفت الهيئة برفع التقارير ومحاولة التشهير بصغار الفاسدين فالاسم الأجدر بها هو "هيئة رصد الفساد"؛ إذ إن المكافحة لا تقتصر على رصد المشاريع المتعثرة فقط، كما تتظاهر به الهيئة في عملها، فدورها في مكافحة الفساد هو دور يجب أن يصل إلى الرصد، ورفع التقارير للجهات التنفيذية كوزارة الداخلية بتوقيف من يتورط في مثل هذه القضايا، وإحالتهم بعد التحقيق إلى القضاء، أما ما دون ذلك فربما يسكن الخوف قلوب أهل جدة من رؤية الغيوم، وسماع صوت الرعد إلى الأبد.